خيارات صعبة أمام أوروبا....الرضوخ لتسديد ثمن الغاز بالروبل أو قطع الإمدادات

29 ابريل 2022
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين توجه انتقادات حادة لـ"غازبروم" (Getty)
+ الخط -

تواجه شركات الطاقة الأوروبية خيارات صعبة بشأن امدادات الغاز الطبيعي ربما تزيد من عجلة البحث عن بدائل للغاز الروسي. ووضعت شركة غازبروم الروسية بعد وقف ضخ الغاز عن دولتين أوروبيتين شركات الطاقة الأوروبية بين خيار تسديد أثمان واردات الغاز الروسي بالروبل، وبالتالي دعم الاقتصاد الروسي وسعر صرف الروبل، أو مواجهة أزمة وقود حادة خلال الشتاء المقبل.

وحسب تقارير غربية، لجأت عدة شركات طاقة أوروبية لفتح حسابات مصرفية في سويسرا لتفادي وقف ضخ الغاز الروسي.

وحتى الآن، يبدو أن أوروبا رضخت مؤقتاً للضغوط الروسية التي طالبتها بتسديد فاتورة الغاز بالروبل، حيث بدأت مجموعات أوروبية كبرى مستوردة للغاز الروسي الإعداد لفتح حسابات لها في سويسرا بالروبل، وبعضها فتح حسابات فعلاً وأخرى أجرت عمليات تسديد بالروبل.

وقالت مصادر مطلعة لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أمس الخميس، إن شركات توزيع الطاقة الكبرى في كل من ألمانيا والنمسا وهنغاريا وسلوفاكيا تعد لفتح حسابات بالروبل في مصرف "غازبروم" الروسي في سويسرا، لتلبية مطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتفادي الدخول في أزمة طاقة.

وذكرت المصادر للصحيفة أن شركات خدمات الطاقة الأوروبية أجرت مفاوضات مكثفة خلال الشهر الجاري مع شركة "غاز بروم" المملوكة للحكومة الروسية لتفادي قطع إمدادات الغاز الطبيعي.

من جانبها، قالت وكالة بلومبيرغ إن عشر شركات أوروبية على الأقل تشتري الغاز الطبيعي الروسي فتحت بالفعل حسابات في مصرف "غازبروم بنك" لتلبية طلب روسيا بالدفع بالروبل.

 

ونسبت الوكالة الأميركية لمصدر مقرب من شركة النفط الروسية "غازبروم" قوله أن اربع شركات فتحت بالفعل مدفوعات بالروبل. وأضاف المصدر أن التسويات المقبلة للغاز ستتم بعد 15 مايو/ أيار.

وتشير تقارير غربية إلى أن شركة إيني الإيطالية هي الأخرى تعد لفتح حسابات بالروبل في فرع مصرف "غازبروم بنك" السويسري، وهو ما يسمح لها بالامتثال للمطالب الروسية بضرورة دفع مشتريات الغاز بالروبل.

وتتخذ مجموعات الطاقة الأوروبية فتح هذه الحسابات كإجراء احترازي تحسباً لحدوث ارتباك في سوق الغاز، يهدد إمدادات الغاز ويرفع سعره إلى مستويات غير محتملة.

وحتى الآن، تضع أزمة أوكرانيا دول الاتحاد الأوروبي في مفترق الطرق بين مصالح توفير إمدادات الطاقة، خاصة الغاز الطبيعي، من المصادر الروسية، وبين المخاطر المترتبة على ضخ هذه الأموال الضخمة في الخزينة الروسية، وبالتالي تقديم دعم غير مباشر لتمويل الغزو الروسي لأوكرانيا.

ووفق بيانات يوروستات، فإن أوروبا تواصل شراء واردات من النفط والغاز الطبيعي الروسي وتدفع يومياً نحو 1.1 مليار دولار للخزينة الروسية عبر شركة غازبروم المملوكة للدولة، وهذا مبلغ ضخم يغذي الاقتصاد الروسي الذي يعيش حالة من التدهور الشديد بعد العقوبات الغربية من جهة، ويساهم بشكل مباشر في دعم قيمة سعر صرف الروبل الروسي مقابل العملات من جهة أخرى.

ويلاحظ أن قيمة الروبل ارتفعت بشكل ملحوظ منذ قرار الرئيس فلاديمير بوتين إجبار الشركات الأوروبية على تسديد سعر الطاقة بالعملة الروسية. وتسدد الشركات الأوروبية 60% من قيمة واردات النفط والغاز الروسية باليورو و40% بالدولار. ويعني إجراء التسديد بالروبل بالنسبة للشركات الأوروبية البحث عن مصرف مسموح له وفقاً للعقوبات الغربية بتحويل اليورو أو الدولار إلى روبل.

وتستهدف روسيا إجبار الشركات الأوروبية على دفع أثمان الغاز بالروبل للالتفاف على العقوبات الغربية وفتح ثغرة مستقبلية في بيع النفط والغاز بالدولار. ولكن الخطوة ربما ستترك شركة غازبروم من دون رصيد من العملات الأجنبية تمكنها من تسديد احتياجاتها الخارجية بالعملات الصعبة.

ويرى اقتصاديون روس أن تسوية صفقات الغاز عبر المقايضة بالبضائع التي تحتاجها روسيا ربما ستكون أفضل من عملية الدفع بالروبل، الذي لا تتعامل به معظم المصارف العالمية في الوقت الراهن.

وحتى الآن، من غير المعروف كيف ستتيقن شركات الطاقة الغربية من القيمة السوقية للروبل مقابل الدولار أو اليورو، في الوقت الذي يقوم فيه البنك المركزي الروسي بمفرده بتحديد قيمة الروبل، وهذه معضلة تواجه مجموعات الطاقة الأوروبية المتعاقدة على الغاز الروسي.

وكان البنك المركزي الروسي قد حدد، في بيان سابق، أن سعر الروبل مربوط بالذهب، وأن غرام الذهب يعادل 5000 روبل روسي، ولكن الاقتصادي الروسي ألكسندر ميخائيلوف يرى أنه لا يوجد في الواقع معيار ذهبي للعملة الروسية. وذلك لأن البنك المركزي يشتري الذهب مقابل 5000 روبل، ولكنه لم يقل أنه سيبيع الذهب مقابل 5000 روبل أو مقابل أية كميات أخرى.

من جانبه، يرى البروفسور الأميركي بجامعة كورنويل الأميركية،إيساور براساد، أن تسديد الشركات الأوروبية أثمان الغاز الروسي بالروبل سيكون أرخص بالنسبة لها من الدولار واليورو، وذلك لأن الروبل عملة منهارة.

وتشير بيانات بلومبيرغ إلى أن خطوة فتح الشركات الأوروبية الكبرى حسابات بالروبل أدت إلى هدوء أسعار الغاز الطبيعي خلال تعاملات أمس الخميس، مع دراسة المشترين احتمال حصول الدول الأوروبية على إمدادات من روسيا من دون انتهاك العقوبات.

وحسب بيانات بلومبيرغ، تراجعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي بنسبة 3.5% عند مستوى 103.65 يوروهات لكل ميغاواط/ساعة في بورصة روتردام الهولندية، بعدما ارتفعت بحوالي 16% في اليومين الماضيين.

المساهمون