بنوك كويتية توقف إقراض الوافدين خوفاً من الديون المتعثرة

14 فبراير 2021
مواطنون هنود يصطفون في مطار الكويت انتظاراً للرحيل (فرانس برس)
+ الخط -

أوقفت العديد من البنوك العاملة في الكويت، منح القروض الاستهلاكية للوافدين لأجل غير مسمى، فيما وضعت أخرى شروطاً وصفتها مصادر بالتعجيزية، وذلك في إطار إجراءات تحوطية أكثر تشدداً في منح القروض، في ظل تدهور الأوضاع المالية للكثير من العمالة الوافدة بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا.

وقال مصدر مسؤول في القطاع المصرفي لـ"العربي الجديد" إن البنك المركزي الكويتي أصدر تعليمات للبنوك العاملة في الدولة بشأن التشدد في منح القروض الجديدة خلال الفترة المقبلة، بسبب حالات إنهاء الخدمات التي تشهدها البلاد، خاصة مع الإغلاق المتكرر للعديد من النشطة الاقتصادية لمواجهة انتشار كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة المتعثرين بنسبة 150%.

وأكد المصدر أن البنوك تواجه أزمة غير مسبوقة بشأن تحصيل الأقساط المتأخرة على الوافدين، مشيرا إلى أن العدد الإجمالي للمتعثرين بنهاية العام الماضي بلغ 255 ألف وافد مقارنة مع 102 ألف في نهاية مارس/ آذار من نفس العام.

وأوضح أن إجمالي الأقساط المستحقة والديون على الوافدين تجاوزت 900 مليون دولار، لافتا إلى أن البنوك الكويتية قررت اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد إبلاغ البنك المركزي بالأوضاع الراهنة.

وأشار إلى أن هناك نسبة كبيرة من الوافدين المتعثرين خارج البلاد، وتقوم الإدارات القانونية في البنوك بالتواصل معهم لمعرفة طريقة السداد، كما تم التواصل مع الشركات وكفلاء الوافدين لمعرفة آلية تحصيل الأقساط المستحقة من الشركات التي تكفل الموظفين الذين لديهم مستحقات نهاية الخدمة.

على جانب آخر، كشفت وثيقة مصرفية أطلعت عليها "العربي الجديد" أنه على الرغم من أن البنوك قررت عدم منح قروض للوافدين، إلا أنها استثنت الوافدين الذين يعملون في وزارات الصحة والتربية والأوقاف من تلك القرارات الأخيرة.

وذكرت الوثيقة أنه بعد انتهاء فترة الأشهر الستة التي حددتها البنوك الكويتية لتأجيل أقساط القروض في الفترة من إبريل/ نيسان ونهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تخلف أكثر من 150 ألف وافد عن سداد أقساطه المتأخرة.

وفي أعقاب أزمة كورونا، كانت البنوك قد قررت تأجيل أقساط القروض الاستهلاكية للمواطنين والوافدين لمدة 6 أشهر نتيجة الأوضاع غير المستقرة وقرارات الحكومة بوقف الأنشطة التجارية وفرض الحظر الشامل لمدة 3 أشهر.

وفي أعقاب تفشي كورونا، قامت شركات في القطاع الخاص بإنهاء خدمات الكثير من موظفيها، فيما قررت شركات أخرى تقليص رواتب العاملين بنسب تصل إلى 50%، فيما قررت الحكومة إنهاء خدمات الآلاف من الوافدين الذين يعملون في المؤسسات الحكومية لتنفيذ خطة التكويت (توطين الوظائف).

وقال الخبير الاقتصادي الكويتي مروان سلامة لـ"العربي الجديد" إن أزمة كورونا تسببت في العديد من المشكلات لكافة القطاعات الاقتصادية والتجارية، ومن بينها قطاع المصارف الذي يواجه أزمة حقيقية بشأن إمكانية تحصيل القروض والأقساط المتأخرة لدى الوافدين.

وأضاف سلامة "الحكومة شريكة في الأزمة الراهنة بقراراتها العشوائية وغير المدروسة من خلال استمرار فرض حظر استقبال مواطني الدول الـ 34 المحظورة، حيث إن هناك آلاف الوافدين الذين لا يستطيعون العودة إلى الكويت فضلا عن عدم إمكانية سداد القروض المستحقة عليهم بسبب انقطاعهم عن العمل".

وأشار إلى أن هناك شريحة كبيرة من الوافدين المتعثرين لن يستطيعوا سداد القروض المتأخرة عليهم بسبب حملات التسريح الكبيرة خلال الفترة الماضية وخصوصا الأشهر التي أعقبت جائحة كورونا، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع المعيشية للوافدين بصورة عامة خلال العام الماضي.

وتشير بيانات البنك المركزي إلى أن حجم محفظة القروض الشخصية يصل إلى 50 مليار دولار، منها نحو 6 مليارات دولار من القروض الاستهلاكية وما تبقى يتوزع بين قروض غير مصنفة وقروض لشراء الأسهم والعقارات.

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الكويتي عادل الفهيد، أن سياسة منح القروض في السابق كانت يشوبها بعض التساهل، مشددا على ضرورة وضع سياسة جديدة تتناسب مع طبيعة معيشة الوافدين وتتوافق مع الأوضاع الاستثنائية الحالية.

وقال الفهيد خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن قرارات الحكومة بشأن تشديد القيود واستمرار الإجراءات الاحترازية في العديد من الأنشطة التجارية والترفيهية ساهمت في تكبيد عدد كبير من شركات القطاع الخاص خسائر فادحة، حيث اضطرت تلك الشركات إلى تسريح الآلاف من الموظفين.

وأضاف أن الأزمة لها أبعاد مختلفة، حيث أدى التراجع الاقتصادي وعدم عودة الحياة الطبيعية إلى سابق عهدها إلى تضرر العديد من الأنشطة التجارية التي تؤثر على مختلف النواحي الاقتصادية وهو الأمر الذي يدفع الشركات تقوم بتسريح موظفيها، والبنوك تتشدد في سياسة منح القروض.

ووفق مصادر مصرفية لجأت بعض البنوك إلى وضع شروط تعجيزية، بحيث تقتصر التسهيلات الائتمانية المقدمة على شرائح محدودة جداً من الوافدين، حيث تشترط تجاوز الراتب 13 ألف دولار شهرياً وهو ما لا ينطبق على معظم الوافدين.

كان تقرير صادر عن مركز الكويت الدولي للاستشارات والبحوث الاقتصادية (مستقل)، قد ذكر أن هناك ما يقرب من 900 ألف وافد غادروا سوق العمل في الدولة بسبب الإجراءات والقرارات التي تبنتها الحكومة من إغلاق المطار وعدم القدرة على تجديد الإقامات.

وأكد التقرير الذي نشرته "العربي الجديد" في وقت سابق من فبراير/ شباط الجاري أن من بين الـ 900 ألف الذين رحلوا العام الماضي، يوجد أكثر من 300 ألف وافد غادروا بشكل طوعي بعد البحث عن فرص عمل في الدول الخليجية المجاورة أو في بلادهم.

وتسببت أزمة كورونا في ضغوط مالية كبيرة، إذ توقعت الحكومة أن تسجل موازنة العام المالي الجديد، الذي يبدأ في الأول من إبريل/ نيسان المقبل في يناير/ كانون الثاني الماضي، عجزاً بقيمة 40 مليار دولار.

ووفق الموزانة التي أعلن عنها مجلس الوزراء نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، تقدر المصروفات بنحو 23 مليار دينار (76.1 مليار دولار)، بينما يتوقع تحقيق إيرادات بحوالي 10.9 مليارات دينار (36.1 مليار دولار).

المساهمون