بنك إنكلترا يتوقع ركوداً لأكثر من عام.. فماذا يعني ذلك بالنسبة للمقيمين في بريطانيا؟

04 اغسطس 2022
وصل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاماً (فرانس برس)
+ الخط -

دق "بنك إنكلترا" المركزي جرس إنذار معيشي خطر بالنسبة للمقيمين في بريطانيا، مواطنين وأجانب، بتوقعه يوم الخميس، ركوداً يستمر لأكثر من عام يتخلله ارتفاع التضخم إلى 13.3%، وذلك تزامناً مع قراره زيادة الفائدة 50 نقطة أساس إلى 1.75%، في أكبر خطوة من نوعها منذ عام 1995.

لقد وصل التضخم فعلاً إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاماً إلى 9.4%، مع وصول الأسعار إلى مستويات عالية واستفحال أزمة تكاليف المعيشة التي تضرب الناس في جميع أنحاء المملكة المتحدة.

تزامناً، عكس رفع أسعار الفائدة بأكبر زيادة فردية منذ عام 1995 شدة الأزمة الحالية، وأفضى بالنتيجة إلى رفع الفائدة لأعلى مستوياتها منذ ديسمبر/كانون الأول 2008، العام الذي شهد انفجار الأزمة المالية انطلاقاً من الولايات المتحدة قبل أن تنتشر إلى معظم دول العالم.

لكن ماذا يعني رفع الفائدة وتحذير "المركزي" من الركود الاقتصادي بالنسبة للمواطنين والمقيمين في بريطانيا؟ هذا السؤال حاول موقع "هافينغتون بوست" الإجابة عنه.

هذا ما يجب أن تعرفه عن الركود

تنبأ بنك إنكلترا بركود يبدأ هذا العام، والذي قد يستمر فترة مماثلة لتلك التي شهدها إبان الأزمة المالية لعام 2008، والتي دامت 5 فصول متتالية.

إذ تعني زيادة تكاليف الاقتراض أن المملكة المتحدة من المرجح أن تقع في ركود، وهو مصطلح يستخدم عندما يكون النمو سلبياً داخل الاقتصاد على مدى فصلين متتابعين من السنة.

ومع ذلك كان محافظ بنك إنكلترا، أندرو بيلي، قد تعهد الشهر الماضي، بأنه لا يزال يخطط للالتزام بهدف التضخم البالغ 2%، معتبراً أن أسعار الفائدة هي أفضل طريقة لتحقيق ذلك. وقال: "ليس هناك شرط أو تحفظات في التزامنا بهدف التضخم 2%. هذه هي وظيفتنا، وهذا ما سنفعله".

وثمة تدابير عديدة يمكن "بنك إنكلترا" القيام بها، حيث تتأثر المملكة المتحدة أيضا بالأسعار في جميع أنحاء العالم. مثلاً، ارتفعت فواتير الطاقة في بريطانيا عندما خفضت روسيا أخيراً إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا، بسبب تقلص الإمدادات العالمية.

وترتفع الأسعار سريعاً في جميع أنحاء العالم أيضا، والآن بعد أن خفت قيود كورونا، لا توجد سلع كافية لتداولها، وبالتالي فإن انخفاض الإمدادات يعني ارتفاع الأسعار مجدداً.

وأشار مراسل "بي بي سي" فيصل إسلام إلى أنه إذا كانت توقعات البنك المركزي صحيحة، فإن المشهد الاقتصادي بأكمله سيتغير بالنسبة لرئيس الوزراء المقبل.

ما علاقة الفائدة والركود بالتضخم؟

يُعرف ارتفاع الأسعار أيضاً بالتضخم، ويأمل "بنك إنكلترا" في إبطاء معدله عن طريق زيادة سعر الفائدة، خصوصاً بعدما أشارت توقعاته المبكرة إلى أنه قد يصل إلى 13.3% في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، عندما ترتفع فواتير الطاقة مجدداً.

ويريد البنك إبطاء معدل التضخم الحالي المثير للقلق، لكن بحيث لا يوقف النمو الاقتصادي تماما عن طريق وقف الإنفاق كلياً. فإذا توقف الاقتصاد عن النمو، سيقع في فخ ركود. ولذلك، من خلال رفع أسعار الفائدة، كما فعل البنك يوم الخميس، تزداد تكلفة الاقتراض، مما يعني تشجيع الناس على الحد من الإنفاق. كما يترقب أن يظل التضخم أعلى من 9% في غضون عام.

لماذا تُعتبر أسعار الفائدة عاملاً اقتصادياً مهماً؟

سعر الفائدة هو المبلغ الذي يتكبده من يقترض المال من البنوك والمؤسسات المالية. وقد كانت هذه المعدلات في المملكة المتحدة أعلى من ذلك بكثير، لكن الانهيار المالي أدى إلى خفضها من أجل تقليل التداعيات. لقد ظلت عند مستويات منخفضة تاريخياً منذ ذلك الحين، وفي العام الماضي فقط، انخفضت إلى 0.1%. وبقي هذا الرقم منخفضاً على مدار 13 عاماً الماضية، والآن فقط زيد إلى مستويات أواخر عام 2008.

ونظراً لأن التضخم هو معدل ارتفاع الأسعار، يتم استخدام أسعار الفائدة لموازنته وتقليل الأسعار المرتفعة. وتُحدّد أسعار الفائدة "لجنة السياسة النقدية" المؤلفة من 9 خبراء اقتصاديين. وقد حدثت الزيادة الأخيرة في يونيو/حزيران فقط، عندما قفزت المعدلات من 1% إلى 1.25%، وهي زيادة أخرى جديرة بالملاحظة.

لِمَ زيادة سعر الفائدة البريطانية كبيرة جداً هذه المرة؟

قرار الخميس هو السادس على التوالي الذي يرفع فيها "بنك إنكلترا" أسعار الفائدة. وقبل الإعلان، كانت أسعار الفائدة عند 1.25%. والزيادة الجديدة بنسبة 0.5% هي أكبر قفزة فردية في أسعار الفائدة لأكثر من 27 عاماً، وقد يتم رفعها إلى مستويات أعلى قريباً.

ويعتقد محللو "كابيتال إيكونوميكس"، على سبيل المثال، أن "بنك إنكلترا" لم يذهب بعيداً بما يكفي لمعالجة التضخم بهذه الزيادة، وأن المعدلات يجب أن ترتفع إلى 3% من أجل معالجة التضخم حقاً.

لكن ماذا يعني كل ذلك بالنسبة لنفقات الناس العاديين في بريطانيا؟

لقد تم تثبيت حوالى 3 أرباع الرهون العقارية، مما يعني أن سداد الدفعات سيبقى هو نفسه ولن يتأثر في الوقت الحالي. لكن بقية الأسر التي لديها قروض عقارية ستشهد زيادات في أقساطها الشهرية. وتعني الزيادة أن أولئك الذين لديهم رهونات عقارية نموذجية سيتعين عليهم دفع 52 جنيهاً إسترلينياً إضافياً شهرياً، وهذه زيادة إجمالية تبلغ حوالي 167 جنيهاً إسترلينياً مقارنة بشهر ديسمبر/كانون الأول 2021.

كما سيشهد الخاضعون للرهون العقارية ذات المعدل المتغير زيادة قدرها 59 جنيها إسترلينيا، مما يعني أنه يتعين عليهم دفع حوالي 132 جنيها إسترلينيا أكثر مقارنة بشهر ديسمبر/كانون الأول 2021. وسوف تتأثر بطاقات الائتمان والقروض المصرفية وقروض السيارات أيضا، ويمكن للمقرضين زيادة الرسوم على ذلك الآن مع ارتفاع أسعار الفائدة.

وحتى المدخرات يمكن أن تتأثر. فعادة ما تقوم المصارف المقرضة للأفراد بتمرير سعر الفائدة بحيث يحصل المدخرون على عائد أكبر، لكن بالنسبة للأشخاص الذين يكنزون أموالهم خارج القطاع المصرفي، فإن أسعار الفائدة لن تفيدهم في مواكبة ارتفاع الأسعار.

وتوقع بنك إنكلترا أيضا أن تصل فواتير الطاقة ذات الوقود المزدوج في المتوسط إلى 3500 جنيه إسترليني، وهو ما يقل قليلاً عن 300 جنيه إسترليني شهرياً بحلول فصل الشتاء المقبل.

المساهمون