الفائدة المرتفعة تطارد إسرائيل... البنك المركزي عالق بين تداعيات الحرب والمقاطعة التركية

27 مايو 2024
سوق الكرمل في تل أبيب، 6 يونيو 2022 (أليكسي روزنفيلد/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بنك إسرائيل يواجه تحديات في خفض أسعار الفائدة بسبب التضخم المرتفع، متأثرًا بالحرب على غزة والمقاطعة التركية، مما يحد من خياراته لتخفيف الضغط الاقتصادي.
- البنك قد يحتفظ بسعر الفائدة عند 4.5% حتى نهاية 2024، مما يشكل صدمة للشركات والأسر التي تأمل في تخفيف أعباء الديون في ظل الضغوط المالية.
- الوضع الاقتصادي يتعقد بسبب نقص إنتاج السلع الغذائية والحظر التجاري التركي، مع توقعات بزيادة أسعار الشقق والخدمات، مما يزيد صعوبة إدارة أسعار الفائدة للبنك المركزي.

يواجه بنك إسرائيل المركزي تحدياً كبيراً بشأن خفض أسعار الفائدة، وسط ارتفاع التضخم بسبب تداعيات الحرب المستمرة على قطاع غزة للشهر الثامن على التوالي، وكذلك المقاطعة التركية التي أربكت الحسابات أخيراً لتسببها في مزيد من صعود الأسعار، ليجد "المركزي" نفسه عالقاً وسط هذه الاضطرابات ومكبل اليدين في خفض الفائدة التي أرهقت الكثير من الإسرائيليين الذين يئنون بالأساس من خسائرالحرب على غزة.

وسيجد بنك إسرائيل صعوبة بالغة، اليوم الاثنين، في خفض سعر الفائدة على الشيكل للمرة الثانية هذا العام، وفق محللين اقتصاديين، متوقعين أن يظل سعر الفائدة الأساسي عند 4.5%. وربما لا يتمكن "المركزي" من خفض أسعار الفائدة حتى نهاية العام الجاري 2024. وهذه التوقعات صادمة للكثير من الشركات والأسر على حد سواء والذين كانوا يأملون تخفيف أعباء الديون وسط الضغوط المالية الناجمة عن تداعيات الحرب المتواصلة للشهر الثامن على التوالي والتي يتخوف من اتساعها في الفترة المقبلة.

وقبل أسابيع كانت تسود توقعات بأن بنك إسرائيل سيخفض أسعار الفائدة بنسبة 0.25% إلى 4.25%، لكن هذه التوقعات تلاشت تماماً في الأيام الأخيرة، وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أمس الأحد. فقد بدأ التضخم في الصعود في إبريل/ نيسان الماضي، مسجلاً زيادة بنسبة 0.8% على أساس شهري، متجاوزاً كثيراً توقعات الاقتصاديين، كما ارتفع على أساس سنوي بنسبة 2.8%، فيما كانت البنوك وبيوت الاستثمار تتوقع أن ينخفض إلى نحو 2.5%.

وبالنظر إلى موجة الزيادات السعرية التي دخلت حيز التنفيذ هذا الشهر والمتوقع حدوثها في الفترة المقبلة، فمن المقدر أن ترتفع مؤشرات أسعار المستهلك في شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران بنسب تراوح بين 0.6% و0.7%، ليواصل التضخم الصعود، ويضع البنك المركزي في ورطة أكبر، إذ يتوقع محللون أن يرتفع التضخم إلى معدل يبلغ 4%، وهو ما يعادل ضعف هدف التضخم الذي حددته الحكومة الإسرائيلية في موازنة العام الجاري.

وتنذر معدلات إنتاج السلع الغذائية بمزيد من صعود الأسعار هذا الصيف، فهناك نقص في الخضروات والفواكه بسبب إغلاق معظم مناطق المحاصيل الزراعية على الحدود الشمالية مع لبنان، في ظل استمرار الاشتباكات مع حزب الله، بينما يزرع في هذه المناطق ما بين 15% و30% من محاصيل إسرائيل. وتتأثر الأسواق كذلك بالحظر التجاري الذي فرضته تركيا منذ مطلع مايو/ أيار، بينما تُعَدّ رابع أكبر مصدّر إلى إسرائيل بأكثر من 5 مليارات دولار سنوياً.

واستبدال السلع التركية بغيرها من أسواق بديلة، سيؤدي إلى رفع أسعار العديد من المواد الخام والمنتجات في إسرائيل بما يراوح بين 5% و20%، وفق توقعات الاقتصاديين، بالإضافة إلى الارتفاع المقلق المتوقع في أسعار الشقق مستقبلاً، نتيجة الانخفاض الكبير في استيراد مواد البناء والتشطيب، التي لا تدخل في حسابات الرقم القياسي للتضخم.

كذلك يتوقع أن تزداد الأمور سوءاً حال تطبيق قرار وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الصادر في وقت سابق من الشهر الجاري، الذي يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع المنتجات المستوردة من تركيا، والتي ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار ومعدل التضخم.

ولا تقتصر الضغوط على تكاليف شراء السلع بالنظر إلى الإعلانات الأخيرة للعديد من المستوردين والمصنعين حول زيادات الأسعار المستقبلية، وإنما تطاول الخدمات مثل السفر، إذ من المتوقع أن تصبح الرحلات إلى الخارج والإجازات في إسرائيل أكثر تكلفة. وفي ظل المؤشرات المعقدة والمتفاقمة تزداد ورطة بنك إسرائيل المركزي الذي ستجتمع اللجنة النقدية فيه، اليوم الاثنين، لتحديد مصير أسعار الفائدة للفترة المقبلة.

ومن المتوقع وفق "يديعوت أحرونوت" أن تمنع عوامل رئيسية إضافية البنك من خفض سعر الفائدة في هذا الوقت، أبرزها غياب اليقين بشأن انتهاء الحرب، مشيرة إلى أنّ استمرار الحرب دون موعد نهائي، والخوف من التصعيد على الحدود الشمالية مع لبنان، سيزيدان من نفقات الدفاع ويزيدان أيضاً من العجز في موازنة الدولة، وهو الوضع الذي سيتطلب زيادات ضريبية من شأنها أن تساهم أكثر في زيادة معدل التضخم.

ويدرك بنك إسرائيل أن الحكومة لا تتخذ أي خطوات لتخفيف ارتفاع الأسعار. وهناك أيضاً احتمال تقديم موعد الانتخابات ومنع الحكومة بموجب القانون من اتخاذ أي إجراءات لمكافحة غلاء المعيشة في الأشهر المقبلة.

ومن المتوقع أيضاً أن يكون لخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، الذي يبعد المستثمرين عن إسرائيل ويزيد من دفعات الفائدة على قروض الحكومة والشركات، ضغوط تضخمية. كذلك تعرّض الشيكل لضغوط هبوطية أمام عملات الدول الرئيسية التي تستورد منها إسرائيل المنتجات والمواد الأولية، ما يجعل شراء المنتجات باهظ التكلفة، مثل السيارات والثلاجات والمنتجات الغذائية الأساسية في سلة الاستهلاك العائلي.

بدوره وصف موقع "غلوبس" الاقتصادي الإسرائيلي، الصعوبة التي يواجهها بنك إسرائيل بشأن إدارة أسعار الفائدة، بأنها "وحل" غارق فيه. وقال رونان مناحيم، كبير الاقتصاديين في بنك مزراحي تفحوت إن "التضخم يرفع رأسه مرة أخرى". 

كذلك قال مودي شافيرر، كبير استراتيجيي الأسواق المالية في بنك هبوعليم لـ"غلوبس": "من المتوقع أن تظل علاوة المخاطر الإسرائيلية مرتفعة على الرغم من الانخفاض الطفيف في المخاطر منذ الهجوم الإيراني"، مشيراً إلى أن عدم اليقين يلازم أداء الاقتصاد الإسرائيلي.

وشنت إيران هجوماً بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل في إبريل/ نيسان الماضي، رداً على الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق مطلع ذلك الشهر.

المساهمون