حذر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من أزمة الغذاء التي يشهدها العالم ووصفها بالأسوأ في الوقت الراهن، موضحاً أنها كانت تتنامى لسنوات حيث زادت أزمة المناخ وجائحة كورونا من تبعاتها لتتفاقم بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
وجاءت تصريحات الوزير الأميركي، الأربعاء، خلال اجتماع ترأسه في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس وعدد من وزراء الخارجية والدبلوماسيين الدوليين. وسيليه اجتماع إضافي الخميس حول الموضوع نفسه في مجلس الأمن الدولي حيث تترأس الولايات المتحدة المجلس هذا الشهر.
وقال بلينكن: "زاد عدد الذين يعانون من نقص في الأمن الغذائي من 108 ملايين إلى 161 مليون شخص حول العالم. وكان هذا كله قبل غزو روسيا لأوكرانيا، والذي أدى إلى إضافة 40 مليون شخص لهؤلاء الذين يعانون من نقص في الأمن الغذائي".
أما روسيا التي غابت عن الاجتماع، فستحضر اجتماع الخميس بمجلس الأمن الدولي بصفتها عضواً فيه.
وتحدث الوزير الأميركي عن خطوات ومقترحات قدمتها بلاده للخروج من الأزمة، مشدداً على ضرورة أن تزيد الدول من جهودها لسد الفراغ ودعم المنظمات التي تقدم المساعدات الغذائية حول العالم.
ثم لفت الانتباه لقضية ارتفاع أسعار الغذاء وتكلفة العمل وتأثيرها سلبا على المنظمات الدولية التي تقدم مساعدات إنسانية وغذائية. وقال إن "هناك دولا لديها احتياطات كبيرة من الأسمدة والموارد المالية وعليها أن تزيد من جهودها وتقديم المساعدات".
وأردف بالقول: "ونظرا للحاجة الملحة سنقدم 215 مليون دولار إضافية اليوم. وسنطلب من الكونغرس اعتماد 5.5 مليارات دولار كتمويل للمساعدات الغذائية الملحة"، مشدداً على ضرورة الضغط على روسيا من أجل خلق ممرات إنسانية آمنة لتوفير الغذاء.
Hosting an important ministerial meeting with allies and partners from around the world today. At the Food Security Ministerial, we came together to highlight the toll of President Putin’s war on the Ukrainian people and how it is exacerbating global hunger. We must act. pic.twitter.com/3pesZ3eLHw
— Secretary Antony Blinken (@SecBlinken) May 18, 2022
وقال إن "هناك 22 مليون طن من القمح في مخازن بأوكرانيا ومن شأنها أن تحل المشاكل في الكثير من الدول"، متحدثاً عن صعود أسعار الأسمدة التي تضاعفت منذ بدء الأزمة.
ودافع الوزير الأميركي عن فرض بلاده، ودول غربية، للعقوبات على روسيا، معتبراً أن إشارة البعض إلى أن تلك العقوبات أدت إلى تفاقم الأزمة "اعتقاد خاطئ وفرضنا العقوبات على روسيا لإنهاء الحرب بصورة سريعة وقمنا باستثناءات في ما يخص الغذاء والمزروعات، وأي دولة بحاجة لأي مساعدة في هذا الخصوص يمكنها أن تبلغنا للتأكد من أن ذلك لا يؤثر على الغذاء".
وفيما حمّل بلينكن روسيا المسؤولية عن الوضع الراهن، شدد على ضرورة الاستثمار في التنمية الزراعية والأبحاث ومواجهة أزمة المناخ لتحقيق زراعة ذكية.
غوتيريس: 276 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد
من جانبه، تطرق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى زيارته الأخيرة لعدد من الدول الأفريقية وأزمة الأمن الغذائي التي يواجهها العديد من الدول من بينها دول أفريقية.
وتحدث عن تضاعف مستويات الجوع حول العالم، وتأثير أزمة المناخ السلبي على الأمن الغذائي كما جائحة كورونا حيث يقف الكثير من البلدان على حافة الإفلاس، بحسب غوتيريس.
وفي ما يخص الاجتياح الروسي لأوكرانيا، قال الأمين العام للأمم المتحدة إنه "زاد من تفاقم تلك العوامل. لقد وصل الجوع العالمي إلى مستويات جديدة. في غضون عامين فقط، تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، من 135 مليون شخص قبل الجائحة إلى 276 مليونًا اليوم".
وأضاف قائلا: "يعيش أكثر من نصف مليون شخص في ظروف مجاعة – أي بزيادة أكثر من 500 في المائة منذ عام 2016". ثم تحدث عن اجتماع الخميس في مجلس الأمن، وربط نقص الأمن الغذائي بالأمن والسلم الدوليين. وقال إن "هذه الأرقام المخيفة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصراع، كسبب ونتيجة"، محذراً "إذا لم نوفر الطعام الناس، فإننا نغذي الصراع".
ثم تحدث غوتيرس عن أزمة المناخ العالمية، ووصفها بأنها "محرك آخر لتفاقم الجوع على المستوى العالمي. على مدى العقد الماضي، تأثر 1.7 مليار شخص بالطقس القاسي والكوارث المرتبطة بالمناخ"، قبل أن يضيف: "أدت الصدمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وخفض الدخل وتعطيل سلاسل التوريد. كما أدى التعافي غير المتكافئ من الوباء إلى وضع العديد من البلدان النامية على شفا التخلف عن سداد الديون وقيّد الوصول إلى الأسواق المالية".
وقال غوتيريس إن القضاء على الجوع "في متناول أيدينا"، محذراً من أن العالم سيواجه "شبح أزمة غذاء عالمية في الأشهر المقبلة". وتحدث عن خمس خطوات عاجلة يجب أن تتخذها الحكومات والمؤسسات المالية الدولية، لحل الأزمة على المدى القصير ومنع وقوع كارثة على المدى الطويل.
وعن الخطوات الخمس قال: "يجب أن نخفف الضغط على الأسواق بشكل عاجل عن طريق زيادة إمدادات الغذاء والأسمدة. يجب ألا تكون هناك قيود على الصادرات، ويجب توفير الفوائض لمن هم في أمسّ الحاجة إليها. ولكن لنكن واضحين: لا يوجد حل فعال لأزمة الغذاء دون إعادة دمج إنتاج الغذاء في أوكرانيا، وكذلك المواد الغذائية والأسمدة التي تنتجها روسيا وبيلاروسيا، في الأسواق العالمية، على الرغم من الحرب".
وانتقل الأمين العام للأمم المتحدة إلى الحديث عن ضرورة سماح روسيا "بالتصدير الآمن للحبوب المخزنة في الموانئ الأوكرانية"، قائلا إنه "يمكن استكشاف طرق نقل بديلة".
وأكد في الوقت ذاته أنه حتى لو نجح ذلك فإنه لن يكون كافيا لحل المشكلة، مشدداً على ضرورة "أن تصل المواد الغذائية والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية دون عوائق غير مباشرة".
إلى ذلك، سلط غوتيريس الضوء على ضرورة أن "تغطي أنظمة الحماية الاجتماعية جميع المحتاجين، مع التوليفات الصحيحة من الغذاء والنقد ودعم المياه والصرف الصحي والتغذية وسبل العيش. وهذا يحيلني إلى النقطة الثالثة المتعلقة بالتمويل الضروري. يجب أن تكون لدى البلدان النامية إمكانية الحصول على السيولة حتى تتمكن من توفير الحماية الاجتماعية لجميع المحتاجين".
ثم شدد على ضرورة أن تتدخل المؤسسات المالية الدولية "باستثمارات سخية لمنع حدوث أزمة ديون عالمية. لا يوجد حل لأزمة الغذاء بدون حل للأزمة المالية"، مؤكداً على ضرورة تقديم المساعدات الإنمائية الرسمية أكثر من أي وقت مضى.
وقال إن "تحويلها إلى أولويات أخرى ليس خيارًا بينما العالم على شفا الجوع الجماعة". ثم ختم بالحديث عن "ضرورة تعزيز الحكومات للإنتاج الزراعي والاستثمار في أنظمة غذائية مرنة تحمي صغار منتجي الأغذية. حيث لا يستطيع المزارعون شراء البذور والوقود والأسمدة. يجب أن تكون الحكومات قادرة على دعمهم بالإعانات، وربطهم بالأسواق. كما يجب تمويل العمليات الإنسانية تمويلاً كاملاً لمنع المجاعة والحد من الجوع".