كشفت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية عن الخدع التي تعتمدها روسيا لنقل نفطها من دون رصدها من قبل أجهزة تتبع الناقلات، وكان آخرها نقل النفط من ناقلة إلى أخرى قبالة الساحل الجنوبي لليونان الأسبوع الماضي، التي بقيت بعيدة عن أنظمة التتبع العالمية عبر الأقمار الصناعية.
ويلفت تقرير الوكالة إلى تشويش موقع الناقلتين من خلال نظام متطور للحفاظ على تدفق الوقود الروسي الخاضع للعقوبات، وغالباً ما يكون بأسعار أعلى من الأسعار المحددة من قبل الدول الغربية.
تُسمى ممارسة إعطاء إحداثيات مزيفة لنظام التعرف الآلي، المعروف باسم AIS، بالانتحال. حيث يُشوَّش المكان الذي تأتي منه الشحنات، ويهدئ المشترين المتوترين الذين يحاولون إخفاء التعاملات مع روسيا في أعقاب الإجراءات الدولية لمعاقبة البلاد على غزوها لأوكرانيا.
وكانت توربا، التي يبلغ طولها 800 قدم، واحدة من الناقلات التي شاركت في مناورات سرية على بعد أميال قليلة من مدينة ساحلية يونانية في 19 سبتمبر/ أيلول، وفقاً لملاحظات "بلومبيرغ" وبيانات الأقمار الصناعية. وبُنيَت السفينة قبل 26 عاماً، ما يعني أنه كان من الطبيعي التخلص منها الآن، ولكن الناقلة أصبحت رمزاً قوياً لجهود روسيا للحفاظ على تجارة النفط.
في شهر مايو/أيار الماضي، أثارت السفينة توربا غضباً تنظيمياً بسبب عمرها، وسوء سجل عمليات التفتيش، وتفاصيل الملكية الغامضة، ورفع علم الكاميرون، وهي دولة مدرجة في القائمة السوداء من قبل منظمة دولية تروّج الشحن الآمن.
أسطول ضخم
وفي أعقاب عقوبات مجموعة السبع، جمعت روسيا أسطولاً ضخماً من ناقلات النفط، هي غالباً سفن قديمة مثل توربا. منعت القيود الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من شراء النفط الروسي، وفي الوقت نفسه منعت شركات الكتلة، وخصوصاً شركات التأمين وشركات الناقلات، من المساعدة في النقل. ولكن بمجرد وصول هذه السفن إلى المياه الدولية، كما هي الحال قبالة سواحل اليونان، فإن نطاق السيطرة على النشاط يتضاءل، وفقاً لـ"بلومبيرغ".
يُعَدّ الانتحال ممارسة معروفة لشحنات النفط، حيث تكون هناك رغبة في إخفاء النشاط. في حين أنها تثير استياء الجهات التنظيمية، ولا يُسمح للسفن بدخول الموانئ الأوروبية إذا فعلت ذلك، إلا أنها قانونية تماماً في المياه الدولية، وتقدم الشركات الخدمة علناً على الإنترنت.
ومنحت مجموعة السبع إعفاءات للتعامل مع النفط والوقود الروسي الذي يُتداوَل عند مستويات 60 دولاراً لبرميل النفط الخام و100 دولار للوقود المكرر عالي الجودة مثل البنزين والديزل. ومع ذلك، فإن ارتفاع الأسعار دفع الكثير من النفط في البلاد إلى ما فوق تلك العتبات، ما يعني أن الشركات المشاركة حالياً في الخدمة ستثير تساؤلات عن انتهاكات العقوبات.
وفي الأسبوع الماضي، التُقِطَت إشارات توربا الكاذبة ومراقبتها على العديد من أنظمة التتبع المعروفة، بما في ذلك النظام الذي تعتمده "بلومبيرغ". ويبدو أنها كانت على بعد أميال من الناقلة سيمبا، وهي ناقلة قديمة أخرى مغطاة بالصدأ، ولكن في الواقع، كانتا جنباً إلى جنب في خليج لاكونيان، حسبما لاحظت "بلومبيرغ" في أثناء زيارتها للمنطقة لمراقبة نشاط الشحن.
وقال سمير مدني، المؤسس المشارك لشركة TankerTrackers.com، التي تابعت الشحنة نفسها وتتبعت المصدر الأصلي: "هذا النوع من النقل الغامض بالقرب من الشواطئ الأوروبية يعني ضمناً أن المعاملات المالية للبضائع أعلى من الحد الأقصى للسعر".
مراكز الشحن
وقد برز خليج لاكونيان، الذي يقع على بعد حوالى 110 أميال جنوب غرب أثينا، كمركز شحن مهم لموسكو بعد العقوبات. وتشمل المواقع الأخرى سبتة، على الساحل المغربي، وأحياناً في أعماق المحيط الأطلسي.
وبموجب هذه الممارسة، تنقل الناقلات البضائع ذات المنشأ الروسي من سفينة إلى أخرى. الأسباب الدقيقة لأي عملية نقل فردية ليست واضحة أبداً، لكن التحركات تضيف درجة من الانفصال والتشويش لأولئك الذين يشترون الشحنات في نهاية المطاف. وبدا أن هذا التحول قد توقف في الآونة الأخيرة، وخصوصاً بالقرب من سبتة، بعد أن خفضت روسيا صادراتها من النفط والوقود لرفع الأسعار.
لكن ملاحظات "بلومبيرغ" تظهر أنه في يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، جرت ثلاث عمليات نقل من سفينة إلى أخرى، جميعها على ما يبدو تتضمن وقوداً مكرراً وليس خاماً، وكانت حوالى 12 ناقلة تنتظر.
قامت السفينة سيمبا بجمع وقود روسي المنشأ من سفينة أخرى قبالة سواحل رومانيا في وقت سابق من هذا الشهر، وفقاً لصور الأقمار الصناعية التي جُمعَت وفُحصَت بواسطة موقع TankerTrackers.com، ثم أبحرت عبر مضيق البوسفور لتلتقي توربا. وقالت شركة Kpler، وهي شركة تحليلات أخرى، إن الشحنة كانت عبارة عن منتجات نفطية.
في حين أنه لا يُسمح للشركات اليونانية بتقديم الخدمات التي تساعد روسيا في نقل النفط، فإن السلطات المحلية ليس لديها القدرة على مراقبة النشاط الذي يجري في خليج لاكونيان، لأن عمليات نقل البضائع تجري في المياه الدولية، التي تبدأ على بعد ستة أميال فقط من الساحل هناك.
وبالإضافة إلى المخاوف بشأن التهرب من العقوبات، تشكل عمليات نقل النفط والوقود في أعالي البحار خطراً على البيئات البحرية، وكذلك السياحة المحلية وصناعات صيد الأسماك بسبب السفن القديمة المعنية.