تتخوّف بريطانيا حالياً من حدوث "فقاعة أسعار" تضرب قطاع العقارات السكنية وسط الارتفاع المتواصل لأسعار العقارات وندرة المعروض منها في السوق. وبحسب مكتب الإحصاءات الوطنية ارتفع متوسط الأسعار في المملكة المتحدة بنسبة 10.2% في العام الجاري حتى مارس/ آذار 2021، مرتفعاً من 9.2% في العام حتى فبراير/ شباط 2021.
ووصل متوسط أسعار المنازل على مدار العام في إنكلترا إلى 275 ألف جنيه إسترليني (10.2%)، وويلز إلى 185 ألف جنيه إسترليني (11%)، واسكتلندا إلى 167 ألف جنيه إسترليني (10.6%). وارتفع متوسط سعر المنزل في أيرلندا الشمالية بنسبة 6% على مدار العام حتى الربع الأول (من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار) من عام 2021.
لكن العاصمة لندن سجلت أدنى نمو سنوي، إذ ارتفع متوسط الأسعار بنسبة 3.7% على مدار العام حتى مارس/ آذار 2021، لكن لا يزال متوسط الأسعار المنازل هو الأغلى مقارنة بأي منطقة ببريطانيا وبمتوسط 500 ألف إسترليني.
ويعتقد خبراء أن السوق العقاري سيتباطأ بمجرد انتهاء الدعم المالي الحكومي للشركات وأصحاب العمل والموظفين، وأن أسعار السكن في العام الماضي كانت مدفوعة بأسعار الفائدة المنخفضة، وعطلة الرسوم الضريبية.
ويتوقع مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (CEBR) أن تنخفض أسعار المنازل بنسبة 14% في عام 2021. بينما يتوقّع مكتب عقارات نايت فرانك أن تنخفض بنسبة 7%، وترجّح شركة سافيلز انخفاضاً بنسبة 10%، بينما جاءت توقعات بنك إنكلترا أقل تفاؤلاً، ورجّح أن تنخفض أسعار المنازل في بريطانيا بنسبة 16% بسبب الوضع الاقتصادي الناتج عن جائحة كوفيد 19.
جاءت توقعات بنك إنكلترا أقل تفاؤلاً، ورجّح أن تنخفض أسعار المنازل في بريطانيا بنسبة 16% بسبب الوضع الاقتصادي الناتج عن جائحة كوفيد 19
وتقول ناتالي جونز، رئيسة مؤشرات سوق الإسكان من مكتب الإحصاء الوطني لـ "العربي الجديد"، إنّ الوباء قد يكون السبب في إعادة تقييم مشتري المنازل. وتضيف أنّ التغييرات التي طرأت على الضريبة المدفوعة على معاملات الإسكان للبائعين ربما دفعتهم إلى طلب أسعار أعلى مع انخفاض التكاليف الإجمالية للمشترين.
وتعدّ أسعار المساكن في المملكة المتحدة باهظة الثمن مقارنة بمتوسط دخل الفرد. إذ يكلف المنزل العادي حالياً أكثر من ثمانية أضعاف متوسط الدخل، وفقاً لأحدث الأبحاث التي أجراها مدير صندوق شركة شرودرز البريطانية.
ويقول فريد هاريسون، المؤلف والمعلق الاقتصادي البريطاني الذي نجح في توقع الانهيارين السابقين في العقارات قبل وقوعهما بعامين "إنّ دورة أسعار المنازل تمتد لمدة 18 عاماً، وإنّ الأسعار سوف تستمر في الازدهار قبل أن تنهار في عام 2026".
ويشرح هاريسون أنّه بعد حدوث الانهيار، سيستغرق السوق حوالي أربع سنوات لإعادة مساره التصاعدي مرة أخرى. وإذا صدقت توقعات هاريسون بالنسبة لمدة دورة أسعار المنازل، فهذا يعني أننا في بداية مرحلة الازدهار.
وكتب هاريسون إلى بوريس جونسون رئيس الوزراء الحالي ووزير الخزانة ريشي سوناك وشرح عواقب عدم استقرار سوق الإسكان.
من جانبها قالت صوفي باتيسون، مسؤولة اقتصادية في مكتب إعلام وزارة الخزانة البريطانية، لـ "العربي الجديد"، إنّ الحكومة لا تعلق على أسعار المساكن ولا تتدخل في السوق، أمّا في ما يتعلّق بإيجاد أو خلق استقرار في الأسعار والاقتصاد الأوسع، فتحدد الحكومة هدف تضخم 2% لمؤشر أسعار المستهلك.
من المؤشرات على احتمال انهيار سوق الإسكان، ارتفاع نسبة سعر المنزل إلى متوسط الدخل.
ولفتت باتيسون إلى أنّ مسؤولية وضع السياسة النقدية لتلبية هذا الهدف تقع على عاتق لجنة السياسة النقدية المستقلة التابعة لبنك إنكلترا. وتقاس القدرة على تحمل تكاليف الإسكان بنسبة أسعار المساكن إلى الدخل في بريطانيا. ومن المؤشرات على احتمال انهيار سوق الإسكان، ارتفاع نسبة سعر المنزل إلى متوسط الدخل.
من جانبها قالت سارة كولز، محللة مالية في شركة الخدمات المالية البريطانية "hargreaves Lansdown"، إنّ بعض أجراس الإنذار تدق حالياً على سوق العقارات. ويزداد يأس المشترين في البحث عن منزل جديد، بينما يقل عدد العقارات المعروضة للبيع.
وأضافت أن اختلال التوازن بين المشترين والبائعين في أسوأ حالاته منذ سبع سنوات ونصف، وهو ما يسبب ارتفاع الأسعار والذعر.
تعلّق كولز: "إنها بيئة سامة للغاية للشراء، لأن حروب المزايدة هي الطريقة الكلاسيكية لضمان دفع مبالغ زائدة عن الحاجة. ويحتاج المشترون إلى توخي الحذر الحقيقي وعدم الانجراف".
وتلفت كولز إلى أنّ أحدث تقرير لـ "لمؤسسة الملكية للمساحين القانونيين" يتوقّع أن تستمر الأسعار في الارتفاع لبعض الوقت، ولكن هناك بعض الرياح المعاكسة، ويشعر بعض الوكلاء بالقلق من أن الأسعار الحالية غير مستدامة. وتحذّر كولز من أنّنا سنواجه في فصل الخريف مسألة قدرة الاقتصاد على التعافي من جائحة كورونا.