برنامج الحكومة المؤقتة لإنقاذ الاقتصاد السوري: مد يد التعاون مع قطاع الأعمال

15 ديسمبر 2024
رأس المال المحلي ومحاربة الفساد لتعافي الاقتصاد السوري، دمشق في 10 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسعى الحكومة السورية المؤقتة لتحسين الاقتصاد والوضع المعيشي بعد سقوط نظام الأسد، مع التركيز على مكافحة الفساد وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة.
- شهدت الليرة السورية تحسنًا بعد سيطرة هيئة "تحرير الشام"، مع تأكيد أهمية بناء اقتصاد تشاركي وفتح الباب لرأس المال المحلي والمهاجر.
- يعتبر التعاون بين الحكومة وقطاع الأعمال مؤشرًا على تعافي الاقتصاد، مع توقع عودة الاستثمارات بعد تحقيق الأمن وتحرر قطاع الأعمال من القيود السابقة.

تؤثر الحكومة السورية المؤقتة، برئاسة محمد البشير، بعد هروب بشار الأسد وسقوط نظامه الأسبوع الماضي، إقلاع الاقتصاد السوري وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين. وأعلن وزير الاقتصاد، في حكومة تصريف الأعمال، باسل عبد العزيز عبد الحنان، أمس، أن البلاد تعاني من "تحديات كبيرة، من الفساد والنهب لسنوات طويلة، ولكن بتضافر الجهود بين جميع مكونات سورية الحرة سيجري تحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد". 

وفقد الناتج المحلي نحو 54 مليار دولار، وتراجع الناتج المحلي من 62 مليار دولار في 2010 إلى 8 مليارات حالياً، بحسب تصريحات عبد الله الدردي نائب الأمين العام للأمم المتحدة والذي شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية في سورية، حين قام السوريون بثورتهم عام 2011.

وأكد الوزير أن "هدفنا هو تهيئة بيئة استثمارية تجذب رؤوس الأموال للاستثمار في سورية، وتشجيع الصناعيين والتجار بما ينعكس إيجاباً على واقع الأهالي في سورية". وقالت الوزارة، في بيان، إن "الوزير عقد لقاءات مع عدد من غرف التجارة والصناعة في المحافظات، وجرى الحديث عن واقع التجارة والصناعة في سورية ومسألة هجرة رؤوس الأموال إلى الخارج". 

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أعلنت هيئة "تحرير الشام"، بقيادة أحمد الشرع، السيطرة على دمشق وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد ليبدأ عصر جديدة ومرحلة مختلفة بدأت آثارها الأولية تظهر على الليرة التي تحسّنت من أكثر من 30 ألف ليرة مقابل الدولار يوم هروب الأسد إلى نحو 11 ألف ليرة، بحسب موقع "الليرة اليوم" من العاصمة السورية دمشق.

شروط تعافي الاقتصاد السوري

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبد الناصر الجاسم لـ"العربي الجديد" إن "سورية في ظل حكم نظام الأسد الهارب وصلت للدرك الأسفل على جميع القوائم والمؤشرات العالمية"، مشيراً إلى "تعدي نسبة الفقر 90% والبطالة أكثر من 80%، بعد تهديم القطاعات الخدمية والاقتصادية والبنى التحتية، ما أوصل توقعات إعادة الإعمار لما يزيد عن 400 مليار دولار".

ويرى الجاسم أن "بناء سورية اليوم وبالمستقبل، لا بد أن يكون بمبدأ التشارك وفتح الباب لرأس المال المحلي، المقيم والمهاجر، وذلك عبر نهج وقوانين مشجّعة، تنقلب على النظم الاستبدادية والطاردة السابقة"، مضيفاً أن ذلك "ما بدأنا نراه صراحة، من خلال تصرف الفريق الاقتصادي للحكومة الانتقالية". 

ويرى رجل الأعمال السوري، محمد سويد، من مدينة حلب، أن "التعاون بين الحكومة وقطاع الأعمال، مؤشر على نجاح وتعافي الاقتصاد"، مشيراً إلى أن "قطاع الأعمال كان محكوماً وعبر سنوات، بقرارات استئثارية ويعاني من الإقصاء خلال صياغة القرارات الاقتصادية، وهذا فضلاً عن إرهاق قطاع الأعمال بأعباء ضريبية وإتاوات، دفعت جلهم للهروب أو العمل بالحد الأدنى". 

ويضيف سويد لـ"العربي الجديد" أن "حلب عاصمة الاقتصاد السوري بقيت مشلولة لسنوات، بعد تهديم مدينة الشيخ نجار الصناعية وهجرة الأموال والمنشآت"، مرجحاً أن "يعود الجميع بعد تحقيق الأمن والأمان، حيث ستصبح سورية أكثر جذباً للأموال وربحية للمشاريع". وأكد أن "قطاع الأعمال تحرر من عوامل التكلفة القسرية والتسعير الالزامي، بعد قرارات قاتلة للعمل الاقتصادي، خاصة بعد عام 2020 وقت بدأ النظام المخلوع يسخر إمكانات سورية لصالح العائلة الحاكمة".

واعتبر أن "مد يد الحكومة لقطاع الأعمال والاجتماع بممثلي غرف الصناعة والتجارة، بمثابة عقد عمل وتعاط جديد، وكذلك تغيير معوقات الإنتاج والتصدير، ليجري بناء سورية من الجميع"، واصفاً إياه بأنه "أمر مبشر، بل وانعكس مباشرة على السوق، سواء لجهة وفرة السلع والمنتجات أو حتى كسر أسعارها".

وكان رئيس الحكومة الانتقالية في سورية، محمد البشير، قد كشف عن "خلو المصرف المركزي من الاحتياطي الأجنبي"، مضيفاً لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية قبل أيام أن سورية من الناحية المالية "في حالة سيئة للغاية". إلا أن البشير بث الأمل لدى السوريين، داعياً الجميع للعودة والعمل. واعتبر أن لدى الحكومة المؤقتة 3 أولويات، وهي إعادة الأمن والاستقرار إلى جميع المدن السورية، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين المنتشرين حول العالم، حيث سيساعد رأس مالهم البشري وخبرتهم في إعادة تشغيل البلاد، وأخيراً التخطيط الاستراتيجي عبر تحقيق استقرار الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والغذاء والمياه.

المساهمون