أعلن رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، الثلاثاء، فض دور الانعقاد السنوي السادس والأخير للمجلس. وبذلك تطوى "صفحة مريرة" من تاريخ المجالس النيابية المصرية، لا سيما أن الفصل التشريعي المنقضي للبرلمان شهد تمرير حزمة كبيرة من "التشريعات الكارثية"، التي جارت في غالبيتها العظمى على المواطن البسيط بشكل واضح، خصوصاً في ما يتعلق بفرض الرسوم الإضافية على الفقراء والمهمشين، الذين يئنون في الأصل تحت وطأة موجة الغلاء.
وتمنى عبد العال التوفيق والنجاح لأعضاء مجلس النواب الجديد، المقرر انعقاده منتصف يناير/ كانون الثاني المقبل، متقدماً بالتهنئة لكل مؤسسات الدولة المصرية بزعم "نجاحها في إتمام الانتخابات البرلمانية مؤخراً". وهي الانتخابات التي شهدت عمليات واسعة من التلاعب في أصوات الناخبين بمختلف المحافظات، والتزوير لصالح المرشحين المنتمين للتحالف المسمى "القائمة الوطنية من أجل مصر" بقيادة حزب "مستقبل وطن"، وهو ما تحقق بحصد التحالف الغالبية الكاسحة من المقاعد، وفق مراقبين.
وقال عبد العال: "المرشحون الفائزون في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ أمامهم مسؤولية كبيرة، تستلزم بذلهم الكثير من الجهد لتحقيق آمال الناخبين في دوائرهم بالمحافظات المختلفة"، مضيفاً "نجاح الانتخابات النيابية شهد له الجميع، بما يعكس استقرار الدولة المصرية، وعملية التنمية والتطوير الجارية بقيادة حكيمة ورشيدة من الرئيس عبد الفتاح السيسي"، على حد تعبيره.
وعن المرشحين الخاسرين من أعضاء المجلس في الانتخابات المنقضية، والذين يتجاوز عددهم 200 نائب، قال عبد العال: "إننا جميعاً أبناء هذا الوطن، وفي خدمته في أي موقع داخل أو خارج مجلس النواب". ولم يكترث أعضاء البرلمان الموالون للسيسي بالاتهامات التي طاولتهم طيلة 5 سنوات، بشأن مخالفة أحكام الدستور في الكثير من مشاريع القوانين، أو اتفاقيات القروض الدولية المذيلة بتوقيع السيسي، كونهم يعلمون جيداً أن النظام هو صاحب الكلمة الفصل في مسألة تجديد انتخابهم.
ووافق مجلس النواب على 341 قراراً بقانون خلال الـ15 يوماً الأولى من انعقاده، بالإضافة إلى 891 تشريعاً على مدار 5 سنوات، بإجمإلي 10 آلاف و556 مادة، مقسمة بواقع: 82 تشريعاً، و1226 مادة في دور الانعقاد السنوي الأول، و219 تشريعاً، و2354 مادة في دور الانعقاد الثاني، و197 تشريعاً و2757 مادة في دور الانعقاد الثالث، و156 تشريعاً و1701 مادة في دور الانعقاد الرابع، و237 تشريعاً و2518 مادة في دوري الانعقاد الخامس والسادس.
وأرجأ المجلس مشروع قانون "الصكوك السيادية" المُحال إليه من الحكومة مؤخراً إلى الفصل التشريعي المقبل، والذي "سيفتح الباب أمام مصر لدخول عالم التمويل الإسلامي". والصكوك هي من منتجات الدخل الثابت، وتشبه السندات التقليدية تماماً، ولكن لا تُحتسب عليها فائدة، في حين شهدت مصر خلال العام الجاري تسارعاً في الاقتراض من الخارج عبر أدوات عدة، ما رفع الدين الخارجي إلى 123.5 مليار دولار بنهاية يونيو/ حزيران الماضي، حسب الإحصاءات الرسمية.
كذلك أرجأ البرلمان مشروع قانون الحكومة بشأن "تنظيم عمليات الدم وتجميع البلازما لتصنيع مشتقاتها وتصديرها"، والذي يهدف إلى جمع وتوزيع الدم ومركباته لغرض التصنيع في مصر، وبيع البلازما في الأسواق العالمية بناءً على توجيهات من السيسي، على الرغم من إصدار دار الإفتاء المصرية فتوى بعدم جواز ذلك.
ووقع القانون غرامة تصل إلى مليوني جنيه (نحو 127 ألف دولار)، بدلاً من مليون جنيه كما جاء في مشروع الحكومة، بالنسبة لكل من يدير مركزاً لتجميع بلازما الدم، أو مصنعاً لتصنيع مشتقاتها من دون ترخيص، أو شرع في تصدير أو استيراد بلازما الدم من متبرّع بالمخالفة لأحكام القانون، أو حصل على دم أو بلازما من متبرّع غير لائق طبياً، ومضاعفة الغرامة في حال تكرار الأمر.
إلى ذلك، وافق مجلس النواب في جلسته الختامية على قراري السيسي رقمي 557 لسنة 2020، بشأن التعاون الجمركي العربي المعتمدة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية في القاهرة، و558 لسنة 2020 حول تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب (بالنسبة للضرائب على الدخل) مع دولة الإمارات، والموقع في أبو ظبي بتاريخ 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
كذلك وافق نهائياً على قرار السيسي رقم 591 لسنة 2020، بالموافقة على الاتفاقية المعدلة للقرض الموقع بين الحكومة المصرية، والصندوق السعودي للتنمية، بشأن إنشاء جامعة الملك سلمان بن عبد العزيز بمدينة الطور في جنوب سيناء، ضمن برنامج الملك سلمان لتنمية شبه جزيرة سيناء.
ونصّت الاتفاقية على زيادة مبلغ التمويل المقدم من الصندوق للحكومة المصرية إلى مليار و465 مليوناً و817 ألفاً و500 ريال سعودي، وذلك لتنفيذ الأعمال المدنية في المشروع، بما يشمل مباني الإدارة والكليات، والملاعب والمناطق الترفيهية، وإسكان الطلاب، وأعضاء هيئة التدريس، وأعمال الشبكات والمرافق لمواقع الجامعة الثلاث، إضافة إلى الخدمات الاستشارية.
ووافق أيضاً على قرار السيسي رقم 74 لسنة 2019، بشأن الموافقة على الاتفاق الموقع بين مصر وروسيا في مدينة سوتشي الروسية، بتاريخ 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، حول الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين. ويهدف الاتفاق إلى تنظيم زيارات متبادلة على مستوى رؤساء الدول على أساس منتظم، مرة واحدة على الأقل في العام بالتناوب في موسكو والقاهرة لمدة 10 سنوات.
ونص الاتفاق على "تنظيم حوار سياسي بشكل منتظم مرتين على الأقل سنوياً، ليشمل مشاورات بين وزراء الخارجية بالتناوب في عاصمتي الدولتين، وعقد مشاورات (2 + 2) بين وزراء الخارجية والدفاع في البلدين، بالإضافة إلى تسهيل الاتصالات بين البرلمانين المصري والروسي، فضلاً عن عقد اجتماعات سنوية للجنة الروسية المصرية المشتركة للتجارة، والتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، وتعاون مجالس الأعمال في كل دولة".
وأخيراً، وافق المجلس على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن "منح التزام تمويل وتصميم وإنشاء واستغلال وصيانة وإعادة ملكية الميناء الجاف بمدينة السادس من أكتوبر في محافظة الجيزة إلى القطاع الخاص، ممثلاً في تحالف مصري ألماني يضم شركات (السويدي إليكتريك - دي بي شنكر - السويدي للممتلكات اللوجيستية)، وذلك لمدة 30 عاماً من تاريخ التشغيل الفعلي للميناء".
ومن المقرر أن يُنفذ المشروع على مساحة 100 فدان، بتكلفة استثمارية تبلغ 100 مليون دولار، وربط الميناء الجاف بشبكة السكك الحديدية وصولاً للموانئ البحرية، من خلال إنشاء وصلة تربطه مع خط (القاهرة – إيتاي البارود)، مقابل حصول الحكومة المصرية على مبلغ ثابت سنوياً قيمته 600 ألف دولار، ونسبة تراوح بين 7 و12 في المائة من إيرادات الميناء (وليس أرباحه).