شرعت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي السودانية، اليوم الأربعاء، في صرف رواتب العاملين بالهيئات والشركات الحكومية التي تأخر صرفها، بعد مضي أكثر من شهر على بدء عام 2023، وإجازة الموازنة العامة، بسبب الخلافات حول القوانين المصاحبة والتي تعزز سلطة وزارة المالية على المال العام.
وهذا ما دفع وكيل الوزارة لإصدار قرار وصف داخلياً بالسابقة في تاريخ الموازنات العامة في البلاد، وقضى بصرف الرواتب للهيئات والشركات الحكومية لشهر يناير/ كانون الثاني، وفقاً للاعتمادات المجازة في ميزانية عام 2022 ريثما يتم إقرار الموازنة الجديدة.
وأكدت الوزارة، في بيان توضيحي، أنّ سداد الرواتب للعاملين في الدولة سيتم بنسبة 84% قبل استكمال دفعها بنسبة 100% قريباً.
في السياق، نفى الناطق الرسمي باسم وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أحمد الشريف، لـ"العربي الجديد"، عجز الوزارة عن سداد الرواتب، عازياً تأخيرها إلى صدور أمر التخويل بالصرف نهاية الأسبوع، قبل وضع الاعتمادات يوم الأحد في نظام الحوسبة GRP وتحديث البيانات وتحويل كل رواتب الولايات على دفعات، مبيّناً أنّ تأخر منشور التخويل بالصرف على الهيئات والشركات الحكومية حدث بسبب تأخر إجازة الموازنة بغية تعديل القوانين التي تتعارض مع ولاية وزارة المالية على المال العام.
في غضون ذلك، تتواصل سلسلة الإضرابات والمذكرات المطلبية للعاملين في الدولة، بالعديد من الوزارات الاقتصادية الحيوية كالزراعة والتربية والتعليم والثروة الحيوانية والصناعة والطرق والجسور وهيئة المياه والأرصاد الجوية، للمطالبة بزيادة الأجور، وتحسين الهيكل الراتبي وتصحيح أوضاعهم.
ونفى تجار في الخرطوم تأثر الأسواق باستئناف صرف الرواتب، فيما رصد "العربي الجديد" استمرار ضعف القوى الشرائية مقابل أسعار السلع وعدم تأثرها بصرف الرواتب كما يحدث سنوياً مع بدء إنفاق الموازنة.
وقال الأمين العام السابق للغرفة التجارية في ولاية الخرطوم الطيب طلب، لـ"العربي الجديد"، إنّ انتعاش السوق والشراء، يكتمل عقب انتهاء وزارة المالية من صرف الرواتب للعاملين كافة بنسبة 100%، نافياً وجود زيادة في الرواتب تحفز على ارتفاع كمية مشتريات السلع والبضائع وإنهاء الكساد الذي تشهده الأسواق منذ فترة، والذي دفع بالعديد من التجار إلى طرح بضائعهم للمستهلك بأسعار أقل حتى لا تتعرض للتلف، ولتوفير سيولة لتغطية التزاماتهم للشركات والمصانع.
وفي هذا الإطار، قال أمين العلاقات الخارجية لدى اتحاد عام عمال السودان فضل الله عبد الحفيظ، لـ"العربي الجديد"، إنّ تأخر الرواتب وإجازتها وبدء صرفها "أضر كثيراً بميزانية ومعيشة العاملين من ذوي الدخل المحدود، والذين يعملون في وظيفة واحدة وليس لديهم مصادر إيرادات أُخرى سوى الرواتب".
وأشار إلى استبعاد اتحاد العمال قرار إعادة تجميد نشاطه أخيراً من قبل اللجنة المشتركة، والتي تضم المجلس الأعلى للأجور ووزارة المالية واتحاد أصحاب العمل، والتي تختص بالتفاوض مع الحكومة حول رواتب العاملين وزيادتها وتأخير صرفها، والدفاع عن حقوق العاملين كافة.
كما لفت إلى اضطرارالعاملين في الدولة للتحرك بأنفسهم لانتزاع زيادات الرواتب والحقوق من الحكومة وأرباب العمل، مستشهداً بالمذكرات والإضرابات الأخيرة التي نفذها وينفذها العاملون في مختلف القطاعات.
ووصف عبد الحفيظ الرواتب عامة بـ"غير المجزية" بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وغلاء السلع الذي يؤدي سريعاً إلى تآكل الرواتب.
وشهد الدولار ارتفاعاً مع بدء صرف الرواتب مسجلاً اليوم الأربعاء، 595 جنيهاً للبيع مقابل 593 جنيهاً للشراء في السوق الموازي، وفي غالبية البنوك 588.38 جنيهاً.