بعد ساعات من توليه منصبه، أوفى الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الأربعاء الماضي، بوعد أطلقه أثناء حملته الانتخابية بإلغاء خط أنابيب النفط " كيستون إكس إل" لنقل النفط الخام من كندا إلى ساحل الخليج الأميركي.
وفي وقت لاحق من نفس اليوم، قالت وزارة الداخلية الأميركية إن كبار قادتها فقط هم الذين يمكنهم الموافقة على تصاريح جديدة للحفر خلال الشهرين المقبلين. وخلال الأسبوع الجاري سيمضي بايدن قدما، ويعلق بيع وتأجير الأراضي الفيدرالية التي تستخدم في صناعة النفط، رغم حصول الولايات المتحدة على 10% من إمداداتها من تلك العقود، وفقا لأشخاص مطلعين على خطة الإدارة الأميركية الجديدة.
لكن هذه الإجراءات أدت إلى تراجع أسهم الشركات المنتجة للنفط ومن شأنها رفع الضغوط على أرجاء صناعة النفط في الولايات المتحدة، وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن خبراء في قطاع الطاقة.
وقال فرانك ماتشيارولا، نائب الرئيس الأول للسياسة في معهد البترول الأميركي: "في اليومين الأولين من عمر الإدارة الأميركية الجديدة، اتخذت إجراءات من شأنها أن تضر بالاقتصاد وتكبد الأميركيين خسارة وظائفهم.. نشعر بالقلق ويجب أن يشعر كل مواطن في الولايات المتحدة بالقلق".
ويغير قرار وزارة الداخلية الأميركية، الذي جرى توقيعه في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي، الإجراءات لمدة 60 يوماً لحين تعيين القيادة الجديدة للوزارة. ويتطلب الأمر توقيع كبار الضباط على عقود إيجار وتصاريح النفط بالإضافة إلى قرارات التوظيف وعمليات التعدين والمراجعات البيئية.
واعتبرت صناعة النفط قرار وزارة الداخلية نذير شؤم. ويشعر المسؤولون في صناعة الطاقة بالقلق من وضع قرارات التصاريح الفنية في أيدي المعينين سياسيا، بدلا من خبراء الجهات التنظيمية. كما يشعر المسؤولون بالقلق من أن التصاريح سيتأخر صدورها بالنسبة لعمليات الحفر الحالية.
وعلاوة على ذلك، فسر الكثيرون القرار على أنه مقدمة لإجراءات أوسع، بما في ذلك خطة الإدارة الأميركية لوقف عقود تأجير حوالي 700 مليون فدان (2.8 مليون هكتار) من الأراضي الفيدرالية المخصصة لاستخراج النفط والغاز والفحم.
وقالت كاثلين سجاما، رئيسة شركة "ويسترن إنرجي أليانس" ، التي هددت بالمثول أمام المحكمة لمواجهة أي عرقلة لقطاع الطاقة من هذا القبيل مشيرة إلى أن إعلان وزارة الداخلية "يهدف إلى حظر مؤقت بالنسبة للتأجير والتصاريح ولكنه أيضا مقدمة لحظر طويل الأجل".
وفي حين أن وعود حملة بايدن وتحركاته الأولية للوفاء بها تشكل تهديداً لبعض الشركات الأميركية المنتجة للنفط، فقد تكون الإجراءات بمثابة دفعة لصعود أسعار النفط الخام من خلال تقييد المعروض النفطي.
وتمثل التحركات المبكرة لإدارة بايدن تحولا كبيراً عن المسار في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي سعى إلى تسريع إصدار تصاريح الحفر وإتاحة المزيد من الأماكن للتنقيب عن النفط.
وخلال الحملة الانتخابية، دعا بايدن إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ووعد بوقف إصدار تصاريح التنقيب الجديدة عن النفط والغاز على الأراضي الفيدرالية.
وقامت شركات إنتاج النفط التي تشعر بالقلق، بتكديس عقود إيجار وتصاريح حفر في العام الماضي تحسباً لمزيد من القيود في عهد بايدن.
لكن عنصر الفجائية في إجراءات هذا الأسبوع لا تزال تمثل مصدر مفاجأة للكثيرين في صناعة النفط، مما أدى إلى إجراء مكالمات هاتفية محمومة، وفق بلومبيرغ، إذ سعى أعضاء جماعات الضغط والمحامين إلى تخطيط تحركاتهم المقبلة.
ويضع أعضاء جماعات الضغط والمحامين استراتيجيات لخياراتهم، بما في ذلك اللجوء إلى القضاء، والبحث عن أي أدوات سياسية يمكن استخدامها لعرقلة إقرار حظر أوسع لعقود الإيجار.
وقال السيناتور دان سوليفان، جمهوري من ألاسكا، في قاعة مجلس الشيوخ الأميركي، يوم الجمعة الماضي، إن السماح بحدوث التغييرات يهدد العمليات في ولايته خلال موسم الشتاء الحالي، إذ تعتمد شركات مثل "كونوكو فيلبس" على الطرق الجليدية ومنصات الجليد لدعم الحفر والأنشطة الأخرى في منطقة الاحتياطي البترولي الوطني بآلاسكا.
وأضاف سوليفان: "إذا أوقفت أعمال الحفر لمدة 60 يوما في منطقة الاحتياطي البترولي الوطني في آلاسكا، خمن ماذا سيحدث؟ .. ستخسر الموسم بأكمله".
في المقابل، يشعر أنصار البيئة بالسعادة إزاء قرارات بايدن، ويقولون إن إعاقة تطوير الوقود الأحفوري على الأراضي الفيدرالية أمر ضروري لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى تغير المناخ.
ويتحمل النفط والغاز والفحم المستخرج من الأراضي والمياه الفيدرالية المسؤولية عن حوالي 24% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة، وفقا لتقرير هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وقال دان ريتزمان، مدير حملة الأراضي والمياه والحياة البرية في مؤسسة "سييرا كلوب" إن "الإيقاف المؤقت لقرارات الوقود الأحفوري الجديدة يجعلنا أقرب إلى مجتمعات تتمتع بصحة ومناخ وأماكن برية تتسم بعوامل صحية أكثر.. يمكن استخدام الأراضي العامة ويجب أن تكون جانبا لحل أزمة المناخ".