انهيار جسر بالتيمور يبرز دور العمال المهاجرين في أميركا

31 مارس 2024
الحاجة للمال ترغم اللاجئين على القبول بأعمال معقدة في قطاعات تنطوي على مخاطر (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حادثة مأساوية في بالتيمور تسلط الضوء على الدور الحيوي للمهاجرين من أميركا اللاتينية في القوى العاملة الأمريكية، حيث لقي عمال مصرعهم أثناء ترميم جسر "فرنسيس سكوت كي".
- المهاجرون يواجهون ظروف عمل قاسية ومخاطر عالية، ويعملون في مهن يتجنبها الأمريكيون، مثل البناء والزراعة، مع تعرضهم للاستغلال في سوق العمل.
- الحادث يبرز الحاجة إلى إصلاحات في نظام الهجرة وتحسين ظروف العمل، مع الاعتراف بمساهمات المهاجرين في تعزيز الاقتصاد الأمريكي والمجتمع.

مع مقتل عمال من أميركا اللاتينية كانوا يشاركون في أشغال على جسر بالتيمور الذي انهار، برز الدور الأساسي الذي يؤديه المهاجرون في الولايات المتحدة.

ويتباين ذلك مع الخطاب المعادي للمهاجرين الذي يصدر عن العديد من المسؤولين السياسيين، وعلى رأسهم الرئيس السابق دونالد ترامب، في خضمّ العام الانتخابي.

وقال الناشط لويس فيغا، العامل سابقا في قطاع البناء: "المهاجرون يأتون لمزاولة مهن لا يريد الأميركيون القيام بها. من يرغب في تنظيف غرف الفنادق؟ من يريد أن يعمل تحت أشعة الشمس؟ وفي الحقول؟".

وكان فريق من ثمانية عمال، جميهم مهاجرون من المكسيك وهندوراس والسلفادور وغواتيمالا، يعمل ليلا لإصلاح جسر "فرنسيس سكوت كي" حين انهار بعدما صدمته سفينة حاويات.

ونجا اثنان منهم، فيما عثر على جثث الستة الآخرين. 

وقال المستشار في البيت الأبيض توم بيريز، الخميس، في مقابلة: "نحن كمهاجرين نقوم بالعمل، وهذا ما كنا نقوم به قبل بضع ليال. الستة الذين قتلوا والاثنان اللذان نجوا، هذه هي أميركا، المهاجرون الذين يصلحون حفرا في الطريق".

وأثار النبأ صدمة بين المتحدرين من أميركا اللاتينية، في وقت يدعو سياسيون بارزون، مثل ترامب، المرشح عن الحزب الجمهوري لمنافسة الرئيس الديمقراطي جو بايدن في السباق إلى البيت الأبيض في نوفمبر/تشرين الثاني، إلى التشدد حيال المهاجرين الذين يصفونهم باستمرار بأنهم "مجرمون" ينبغي طردهم.

وقال فيغا، الذي تصدّر حملة مؤيدة للمهاجرين في أريزونا عام 2020 حظيت بتأييد مشاهير مثل الفنانة شاكيرا: "هذا مؤسف، لأن الرئيس السابق لا يدرك الضرر الذي يتسبب فيه ببث هذا السمّ".

ولفت إلى أنه خلال تفشي جائحة كوفيد-19 "اتهم (ترامب) المهاجرين في وضع غير قانوني بأنهم مجرمون ومهربو مخدرات ومغتصبون، اتهمهم بكل شيء". لكن "لم يكن أحد يريد أن يعمل حضوريا، بجوار أشخاص آخرين. فمن الذي كان ينجز العمل؟ يغسل في المستشفيات ويحصد ما يمكن أكله؟ المهاجرون الذين جازفوا بحياتهم".

مخاطر عالية

وإن كان المهاجرون يشكلون يدا عاملة أساسية في البلاد، فهم عرضة إلى حد بعيد لمخاطر الاستغلال. فهم يعملون ساعات طويلة في ظروف سيئة لقاء أجر زهيد، على ما أوضح خافيير غاليندو (48 عاما) المقاول في أريزونا في جنوب غرب الولايات المتحدة.

وقال غاليندو، الذي بدأ العمل في الرابعة عشرة من العمر كعامل قبل أن يؤسس شركته الخاصة، إن العمال في ولايته حيث الحد الأدنى للأجور 14.35 دولارا للساعة، يتقاضون ما بين 80 و100 دولار في اليوم، مضيفا: "تعرف في أي ساعة تبدأ، لكن لا تعرف في أي ساعة تنتهي".

وتابع: "لن تروا إطلاقا شخصا أبيض على السطوح، هذا المجال كان لي. إنها عموما أشغال يقوم بها مهاجرون قدموا من المكسيك ويتولون دائما الأشغال التي تنطوي على مخاطر". وأشار إلى أنه خلال 20 عاما لم يتوجه إليه سوى شخص أبيض واحد لطلب عمل فوظفه كسائق، مضيفا وهو يضحك أنه "تخلى عن العمل".

وقال فيغا إن الحاجة إلى المال ترغم اللاجئين على القبول بأعمال معقدة في قطاعات تنطوي على مخاطر وفي ظروف قد تهدد الحياة، مثل درجات حرارة مرتفعة.

وكان المهاجرون من أميركا اللاتينية يمثلون 8.2% من اليد العاملة في الولايات المتحدة عام 2021، لكنهم شكلوا 14% من الوفيات خلال العمل، بحسب البيانات الرسمية. 

وازدادت الحوادث القاتلة بنسبة 42% بين 2011 و2021، فارتفعت من 512 إلى 727 حادثا، مع الإشارة إلى أن الإحصاءات الرسمية غير كاملة حكما.

وأكد غاليندو أن قطاع البناء في منطقته يعول بشكل تام على المهاجرين ويؤدي فيه المهاجرون في وضع غير قانوني دورا أساسيا.

وقال غاليندو، الذي تراجع نشاطه كثيرا مع إغلاق الحدود خلال تفشي كوفيد-19: "ينقصنا الكثير من اليد العاملة"، داعيا إلى إصلاح نظام الهجرة وتشريع وضع العمال المهاجرين، وهذا الموقف شائع في قطاع البناء.

وأوضح مقاول آخر في أريزونا طالبا عدم ذكر اسمه: "لو تحتم علينا توظيف عمال في وضع قانوني حصرا، لكنا في الحقيقة في وضع صعب جدا"، مضيفا "للأسف، لن نتمكن من القيام بأشغال بناء في هذه المدينة بدون هؤلاء العمال في وضع غير قانوني".

(فرانس برس)

المساهمون