سجل الدينار الجزائري رقما غير مسبوق في تاريخه أمام الدولار والعملة الأوروبية الموحدة، مواصلا بذلك سقوطه الحر أمام العملات الأجنبية، بوتيرة سريعة تفوق توقعات الحكومة، رافعا نسب التضخم الذي بات يلتهم قدرة الجزائريين الشرائية.
وسجل الدينار الجزائري في التعاملات الرسمية مساء الثلاثاء، 148.88 ديناراً للدولار الواحد لأول مرة في تاريخ العملة الجزائرية، و165.87 ديناراً لليورو الواحد.
ومن المنتظر أن يلقي هذا التراجع الجديد للعملة الجزائرية بظلاله على نسب التضخم التي بلغت في شهر فبراير/شباط 7.6 بالمائة، فيما عرفت الأسعار عند الاستهلاك ارتفاعا عند 9 بالمائة حسب مؤشرات الحكومة الجزائرية.
وكان الدينار قد أنهى سنة 2021، بتسجيل رقم غير مسبوق، في شهر ديسمبر/كانون الأول، بـ 139.2 ديناراً للدولار، و155 ديناراً لليورو، و185 ديناراً أمام الجنيه الإسترليني، علماً أنه في بداية الأزمة النفطية في منتصف 2014، كان سعر صرف العملة المحلية الجزائرية يساوي 83 ديناراً للدولار الواحد.
وبهذا التهاوي يقترب سعر الصرف الرسمي من سعر السوق الموازية، حيث سجل 195 ديناراً للدولار و214 ديناراً أمام اليورو و260 ديناراً أمام الجنيه الإسترليني.
ووفق هذه الوتيرة، يرتقب الخبراء أن يتخطى الدولار عتبة 160 ديناراً جزائرياً قبل نهاية السنة، رغم الخطاب الرسمي المطمئن بعودة العافية للعملة التي تعيش أسوأ أيامها.
وترجع خسارة الدينار الجزائري إلى تبنّي البنك المركزي سياسة تعويم العملة عند الضرورة، إذ سبق أن فقد الدينار جزءاً كبيراً من قيمته في السنوات الماضية، لمواجهة تبعات تراجع عائدات النفط وكبح فاتورة الواردات.
وفي السياق، يرى الخبير المالي جمال نور الدين أن "هذا التراجع الجديد فرضته التطورات التي يعيشها العالم وما خلفه على الاقتصاد الجزائري، لذلك كان التعويم ملاذ المركزي الجزائري لامتصاص التضخم، وكبح فاتورة الواردات".
ويلفت إلى أن"الإشكال لا يزال مطروحاً حول قدرة المواطنين الشرائية التي تهاوت مع تراجع العملة في وقت لم تبد الحكومة أي نية في رفع الرواتب أو زيادة الدعم على المواد واسعة الاستهلاك".
ويتابع الخبير، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "سعر صرف الدينار يحدده بنك الجزائر المركزي سنوياً، على ضوء مؤشرات اقتصادية، منها الميزان التجاري وميزان المدفوعات ومداخيل المحروقات واحتياطات النقد الأجنبي وغيرها، لكن المهم اليوم هو غياب المخطط الحكومي الواضح لحماية القدرة الشرائية للجزائريين من تبعات التضخم الذي عصف بالأسعار".