انهيار الكهرباء في باكستان وسط شح الوقود

24 يناير 2023
انقطاع الكهرباء يتسبب في أضرار معيشية (فرانس برس)
+ الخط -

انقطعت الكهرباء عن معظم أنحاء باكستان لعدة ساعات، أمس الاثنين، حيث أدى قرار للحكومة يهدف إلى توفير الطاقة إلى نتائج عكسية، ما تسبب في انتشار حالة من الذعر، حيث تضررت مصانع ومدارس ومستشفيات في كل المدن الكبرى، وأثار تساؤلات حول طريقة تعامل الحكومة التي تعاني من ضائقة مالية مع الأزمة.

وقال مسؤولون إن السلطات قطعت الكهرباء في جميع أنحاء البلاد خلال ساعات الاستخدام المنخفضة ليلاً لتوفير الوقود، ما جعل الفنيين غير قادرين على تشغيل النظام مرة واحدة بعد بزوغ الفجر. وذكّر الحادث بانقطاع التيار الكهربائي الهائل في يناير/كانون الثاني 2021، بسبب عطل فني في نظام توليد وتوزيع الطاقة في البلاد.

ونقلت صحيفة DAWN الباكستانية، عن وزير الطاقة خوروم دستاغير خان، قوله إنه خلال فصل الشتاء ينخفض استخدام الكهرباء خلال فترات الليل، مضيفا "كإجراء اقتصادي، قمنا بإغلاق أنظمة توليد الطاقة مؤقتاً مساء الأحد. وعندما حاول المهندسون إعادة تشغيل الأنظمة، لوحظ أن هناك تذبذبا في الجهد، ما أجبرهم على إغلاق محطات شبكة الكهرباء الواحدة تلو الأخرى". واعتبر أن الأزمة ليست كبيرة، وأن الكهرباء ستعود على مراحل.

واعتمدت شركات ومستشفيات ومرافق عسكرية وحكومية على مولدات احتياطية. كما انقطعت الكهرباء عن كراتشي، أكبر مدن البلاد ومركزها الاقتصادي، مثلها مدن رئيسية أخرى ككويتا وبيشاور ولاهور.

وقال عمران رانا، المتحدث باسم شركة الطاقة الرئيسية في كراتشي، إن أولوية الحكومة إعادة الطاقة إلى المرافق الاستراتيجية، ومن بينها المستشفيات والمطارات وأماكن أخرى. وتحصل باكستان على 60% على الأقل من الكهرباء من الوقود الأحفوري، بينما يتم توليد ما يقرب من 27% من الكهرباء عن طريق الطاقة الكهرومائية، فيما تبلغ مساهمة الطاقة النووية والشمسية في شبكة الكهرباء الوطنية نحو 10%.

وتعاني باكستان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في البلاد خلال السنوات الماضية، وسط تضاؤل احتياطيات النقد الأجنبي. وأجبر هذا الحكومة، أوائل يناير/كانون الثاني الجاري، على طلب إغلاق مراكز التسوق بحلول الساعة الثامنة والنصف مساء لتوفير الطاقة.

ولا تزال المحادثات جارية مع صندوق النقد الدولي لتخفيف بعض الشروط بشأن خطة الإنقاذ الباكستانية البالغة 6 مليارات دولار، والتي تعتقد الحكومة أنها ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم. وصرف صندوق النقد دفعة بقيمة 1.1 مليار دولار في أغسطس/آب الماضي. لكن المحادثات بين الطرفين تذبذبت منذ ذلك الحين، بسبب إحجام باكستان عن فرض ضرائب جديدة.

ولا تزال التحديات المالية تتصاعد، حيث انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي بمقدار 3 مليارات دولار إلى 4.56 مليارات دولار منذ آخر إعلان عن السياسة النقدية في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

ويرجع ذلك إلى سداد الديون الضخمة وتباطؤ التدفقات الداخلة. وتشير البيانات الرسمية إلى أن احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي يغطي ثلاثة أسابيع فقط من الواردات.

وسبق أن قال وزير المالية، في مقابلة مع وكالة رويترز منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إنّ بلاده تسعى لإعادة جدولة نحو 27 مليار دولار من ديونها خارج نادي باريس، والمستحقة إلى حد كبير للصين.

وتتزايد المخاوف بشأن تصاعد الأزمات المعيشية وعدم الاستقرار الاقتصادي، لاسيما بعد أن أبدى المانحون التاريخيون، على رأسهم دول الخليج العربي، رغبة قوية في أن تمضي باكستان في تنفيذ إصلاحات اقتصادية.

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بسويسرا في وقت سابق من الشهر الجاري، إن المملكة تتجه نحو تغيير طريقة تقديم المساعدات لحلفائها والمتمثلة في تقديم منح مباشرة وودائع من دون شروط. وأضاف: "إننا اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة من دون شروط، ونحن نغير ذلك. نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات".

ووفق تحليل نشرته صحيفة DAWN أمس، فإن الحلول الاقتصادية تتطلب إرادة سياسية وعزيمة، مشيرة إلى ضرورة إيجاد حلول لزيادة إنتاج الطاقة بما يؤدي إلى تجنب الوقود المستورد وتقلب فاتورة الواردات، الناجم عن تقلب أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال عالمياً. ولفت إلى أنه يجب أن يتحول التركيز بالكامل نحو المولدات منخفضة التكلفة المتغيرة، مثل الطاقة النووية، والطاقة المائية، والفحم، والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

المساهمون