تشهد أزمة شركات التكنولوجيا المالية العملاقة في الصين انفراجة، بعد توصل "آنت غروب" المملوكة للملياردير جاك ما، مؤسس مجموعة علي بابا، إلى خطة هيكلية مع المشرعين الصينيين، يجري بمقتضاها إخضاع الشركة لاشتراطات رأس مال مشابهة للبنوك.
وقالت مصادر مطلعة إن الخطة تتطلب وضع جميع أعمال "آنت" في شركة قابضة بما في ذلك المنتجات التكنولوجية في مجالات مثل التكنولوجيا المالية وتوصيل الطعام، مشيرة إلى أن أحد المقترحات التي طرحتها "آنت" على المشرعين هو وضع جميع العمليات المالية في هيكل جديد.
وأضافت المصادر، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، أمس الأربعاء، أن الموافقة الرسمية على إعادة الهيكلة قد تأتي قبل عطلة العام القمري الجديد في الصين الأسبوع المقبل.
وعوضت مجموعة علي بابا، التي تمتلك حوالي ثلث أسهم "آنت"، خسائرها في بورصة هونغ كونغ في تداولات أمس، بعدما أغلق السهم على ارتفاع بنسبة 0.4%.
وتسعى الصين إلى الحد من تعمق الشركات الخاصة واحتكارها لخدمات باتت حيوية في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. وفي سبتمبر/ أيلول 2020، استحدثت الصين إطاراً للشركات المالية القابضة، ولا يزال العمل جارياً على العديد من التفاصيل.
ورغم أن القواعد ستعطي في النهاية بعض الوضوح التنظيمي لشركة "آنت"، فإنها بالتأكيد ستجبر الشركة على إبطاء وتيرة التوسع الهائلة التي جعلتها لاعب التكنولوجيا المالية المهيمن في الصين وواحدة من أكثر الشركات الناشئة قيمة في العالم.
وتعد خطة هيكلة "آنت" جزءاً من حملة حكومية أوسع لزيادة الإشراف على القطاعين التكنولوجي والمالي، حيث استهدف المشرعون في الشهور الماضية كل شيء، من التمويل الجماعي لقطاع الرعاية الصحية إلى القروض الاستهلاكية، واقترحوا في يناير/ كانون الثاني الماضي، تدابير للحد من التركز في سوق مدفوعات الإنترنت حيث تعد "آنت" و"تنسنت هولدينغ" من أكبر اللاعبين.
وأثارت هذه الحملة التكهنات حول وضع جاك ما، الذي أسس "آنت" و"علي بابا"، كما واجهت عملاقة التجارة الإلكترونية تدقيقا حكومياً متزايداَ في الشهور الماضية، وأصبحت هدفاَ لتحقيقات مكافحة الاحتكار في ديسمبر/ كانون الأول 2020.
وساعد ظهور "جاك ما" في مؤتمر عبر الفيديو، نهاية الشهر الماضي، بعد شهور عديدة من اختفائه عن الظهور علناً، في تهدئة الحديث عن مآل إمبراطورية أعماله، ومع ذلك، تبقى العديد من أوجه عدم اليقين حتى بعد مكاسب السهم أمس، ولا تزال أسهم "علي بابا" في هونغ كونغ تتداول دون مستواها القياسي في أكتوبر/ تشرين الأول بنسبة 15%.
ووفق بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن أي شركة مدفوعات غير مصرفية لديها نصف حصة السوق للمعاملات عبر الإنترنت، أو أي كيانين لهما حصة مجتمعة تبلغ الثلثين، قد يخضعان لتحقيقات مكافحة الاحتكار.
وتتحكم خدمة "علي باي" من المجموعة التي تملك قاعدة مستخدمين تبلغ حوالي مليار مستخدم، في 55% من سوق المدفوعات عبر الهاتف المحمول.
وأظهرت موجة الإجراءات ضد شركتي جاك ما "علي بابا" و"آنت" أن بكين فقدت صبرها مع القوة الهائلة لأقطاب التكنولوجيا، والتي يُنظر إليها الآن على أنها تهديد للاستقرار السياسي والمالي الذي يحظى به الرئيس شي جين بينغ، وفق تقرير سابق لوكالة بلومبيرغ.
في الأثناء، أظهرت بيانات صادرة عن مركز معلومات شبكة الإنترنت الصيني، أمس، أن عدد مستخدمي الدفع عبر الإنترنت في الصين بلغ 854 مليون مستخدم حتى ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو ما يمثل 86.4% من إجمالي مستخدمي الإنترنت.
وأشار المركز في تقرير عن تطوير الإنترنت في البلاد، أوردته وكالة شينخوا، إلى أن الرقم يمثل زيادة بأكثر من 86 مليون مستخدم للدفع عبر الإنترنت منذ مارس/ آذار 2020، لافتا إلى أن الصين تتصدر العالم من حيث الجهود المبذولة للاستخدام التجريبي للعملة الرقمية.
وشهدت الصين، أكبر سوق للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت في العالم للعام الثامن على التوالي، إجمالي مبيعات عبر الشبكة الدولية بلغت 11.76 تريليون يوان (1.82 تريليون دولار)، في 2020، بزيادة 10.9% على أساس سنوي، وفق مركز معلومات شبكة الإنترنت.