قالت تقارير غربية إن الحظر الأميركي لم يمنع المواطنين في إيران من الحصول على السلع الغربية من العطور الفاخرة وحتى معدات التقنية الحديثة وأجهزة الكمبيوتر التي تصل إلى أسواق طهران قادمة من الأسواق العالمية .
وقال قبطان سفينة في ميناء الشارقة الإماراتي وهو يحمل بضائع متجهة إلى إيران لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، يوم الثلاثاء، "نحن أمازون إيران"، في إشارة إلى شركة أمازون الأميركية العملاقة المتخصصة في إيصال السلع للمستهلكين في أنحاء العالم. وأضاف "الأعمال التجارية منتعشة".
وتشير بيانات مصلحة الجمارك الإيرانية إلى أن التجارة بين الإمارات وإيران تواصل الازدهار رغم الحظر الأميركي وتحذيرات وزارة الخزانة الأميركية للشركات الإماراتية بالعقوبات وتعرض بعضها فعلاً لعقوبات مالية في شهر يونيو/ حزيران الماضي.
بلغ حجم التبادل التجاري بين إيران والإمارات 21.4 مليار دولار، واحتلت الإمارات المرتبة الأولى بين الدول المجاورة في تصدير السلع إلى إيران
ووفق أرقام رسمية صادرة عن الجمارك الإيرانية فإنه خلال العام الايراني الماضي من 21 مارس/ آذار 2021 إلى 21 مارس 2022 بلغ حجم التبادل التجاري بين إيران والإمارات 21 ملياراً و400 مليون دولار.
واحتلت الإمارات المرتبة الأولى بين الدول المجاورة في تصدير السلع إلى إيران، إذ بلغت قيمتها 16 ملياراً و500 مليون دولار. كما احتلت المرتبة الثالثة في وجهة الصادرات الإيرانية بقيمة 4 مليارات و900 مليون دولار.
وهذا الحجم المرتفع من التجارة الإيرانية مع الدولة الخليجية يقترب من الحجم القياسي الذي بلغته التجارة بين الدولتين في عام 2011 والبالغ 24.2 مليار دولار.
وبداية الأسبوع الجاري، أعلن المتحدث باسم مصلحة الجمارك الإيرانية روح الله لطيفي تسجيل التجارة الإيرانية غير النفطية مع دول الجوار 12.364 مليار دولار خلال الفترة من 21 مارس/ آذار حتى 20 يونيو/ حزيران 2022 بنمو 18 بالمائة على أساس سنوي.
وكانت طهران تراهن على نمو أكبر للتجارة بين البلدين، إذ توقع رئيس الغرفة التجارية الإيرانية الإماراتية المشتركة، عرفان شاكري، في فبراير الماضي، بأن يسجل التبادل التجاري البيني السنوي بين البلدين 20 مليار دولار بانتهاء السنة المالية الجارية في 20 آذار/ مارس.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "فارس"، عن عرفان شاكري قوله إن "العملية التجارية بين إيران والإمارات تنمو اضطراداً، وسجلت في الشهور التسعة الأولى من السنة المالية الجارية فترة 21 مارس حتى 20 كانون الأول/ ديسمبر 2021، نحو 15 مليار دولار"، لافتاً إلى أن "حجم التبادل التجاري بلغ في مرحلة ما 40 مليار دولار".
ويحقق وسطاء التجارة في الإمارات أرباحاً ضخمة من صفقات بيع النفط الإيراني الرخيص وشحنات البتروكيماويات إلى تجار في الصين والهند عبر إخفاء مصادر الشحنات.
وحسب الخبير الاقتصادي الإيراني المتخصص في الاقتصاد، أصفانديار بتمانخاليدي، فإن إيران تصدر يومياً أكثر من مليون برميل إلى الصين. كما أن تجار الهند كذلك يشترون شحنات بتروكيماويات ضخمة.
ويشير الخبير بتمانخاليدي في تحليل بنشرة "البورصة والبازار" المتخصصة في الشؤون المالية والاقتصادية الإيرانية، إلى أن الحظر الأوروبي على النفط الروسي رفع من المنافسة السعرية بين الخامات الإيرانية والروسية في أسواق الصين، حيث إن الشركات من الدولتين تبحثان عن منافذ تسويقية وتمنح حسومات كبيرة من أجل الحصول على مشترين.
في ذات الصدد، يقول الخبير بمركز دراسات الشرق الأوسط التابع لجامعة هارفارد، عادل هاميزا، إن الإماراتيين يلعبون بذكاء في الموازنة بين المحافظة على علاقاتهم مع الولايات المتحدة ومصالحهم التجارية مع إيران.
يحقق وسطاء التجارة في الإمارات أرباحاً ضخمة من صفقات بيع النفط الإيراني الرخيص وشحنات البتروكيماويات إلى تجار في الصين والهند عبر إخفاء مصادر الشحنات
وأضاف: "إنهم يوازنون بين مخاوفهم الأمنية وعلاقاتهم التجارية". وكان مسؤولون عن شؤون تطبيق الحظر الأميركي بوزارة الخزانة الأميركية قد زاروا الإمارات في ديسمبر/ كانون الماضي وحذروا من أن الشركات الإماراتية ستتعرض للعقوبات الأميركية بسبب خرقها لقوانين الحظر الأميركي ضد إيران.
من جانبه قال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية برايان أي نيلسون في الشهر الماضي إن "الولايات المتحدة ستواصل تطبيق قوانين الحظر على طهران للحد من صادرات إيران البتروكيماوية، ما دام أنه لا توجد صفقة في محادثات الملف النووي". ولكن من جانبها لا تنفي طهران ازدهار تجارة البتروكيماويات رغم الحظر الأميركي.
في هذا الشأن يقول نائب وزير الخارجية الإيراني لشؤون الاقتصاد، مهدي سافاري، إن "صناعة البتروكيماويات الإيرانية كانت تحت الحظر ولكننا نواصل التصدير". وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد عاقبت 4 شركات إماراتية بتهم خرق الحظر على تجارة البتروكيماويات.
وحسب تحليل بصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الشركات الإماراتية تستغل عدة ثغرات لتنمية تجارتها مع إيران من بينها الثغرات التي تتيحها تجارة "الأنترنيت ـ إي كوميرتس"، كما تستخدم غض الطرف عن السفن التي تحمل السلع التجارية إلى إيران من الإمارات.
على صعيد تجارة تكنولوجيا المعلومات والتقنية، يشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن منتجات الكومبيوتر والتقنية الغربية تصل إلى إيران عبر الإمارات، ولكن الشركات الغربية ووكلاءها في دول الخليج لا يعرفون كيفية وصولها إلى إيران.
كما يشير التقرير إلى أن مواقع "إي كوميرتس" التي يملكها إيرانيون تعرض على مواقعها منتجات من شركات غربية ويابانية ومستوردة من كوريا الجنوبية وتستخدم عدة حيل تسويقية لتمريرها إلى السوق الإيراني عبر الإمارات.
وحول أسلوب وصول السلع المحظورة إلى السوق الإيراني، يقول تقرير الصحيفة الأميركية إنه يتم إيصال منتجات التقنية الغربية إلى إيران والسلع الأخرى المحظورة عادة عبر السفن التجارية بين الموانئ الإماراتية والإيرانية، حيث يقوم قبطان السفن من الجنسيات الإيرانية المقيمة في الإمارات بوضع العلم الإماراتي على السفن التجارية دون الإعلان عن حمولاتهم للجمارك الإماراتية في المياه الإقليمية، وحينما يغادرون ويصلون إلى المياه الإيرانية، فإنهم يرفعون العلم الإيراني ويعلنون عن بضائعهم.
تتسع قائمة الحظر الأميركية في وقت تضغط فيه الأوضاع المعيشية على الدول وتشمل القائمة حالياً إيران وروسيا وفنزويلا وكوريا الجنوبية
ويرى محللون أن تجارة تقنية المعلومات والإنترنت تجعل من الصعوبة حدوث تطبيق حظر صارم كما كان في السابق، خاصة على منتجات البتروكيماويات والوقود في ظروف التضخم المرتفع الذي يضغط على الاقتصادات العالمية وتبحث فيه الدول والشركات في آسيا ودول العالم عن منتجات رخيصة تستطيع الحصول عليها من الدول المحظورة.
وتتسع قائمة الحظر الأميركية في وقت تضغط فيه الأوضاع المعيشية على الدول وتشمل القائمة حالياً إيران وروسيا وفنزويلا وكوريا الجنوبية.