تنتظر الأحزاب المغربية، الكلمة الفصل للناخبين، اليوم الأربعاء، بعدما خاضت حملة في الأيام الأخيرة، حملت الكثير من الوعود السخية التي تداعب مشاعر المواطنين، من دون أن توضح كيفية تنفيذ وتمويل العديد منها.
وتأتي الانتخابات التشريعية والجهوية (المحلية)، بينما تترقب الأوساط الاقتصادية تقارير مؤسسات مثل المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب (المركزي) والمركز المغربي للظرفية، التي تقيس أداء الاقتصاد الوطني، وسط توقعات بأن يسجل تحسنا خلال العام الحالي، من دون أن يعود إلى مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا.
وتتوقع وزارة الاقتصاد والمالية أن يسجل المغرب نمواً بين 5.5% و5.8% بنهاية العام الجاري، بعد انكماش بلغت نسبته 6.3% العام الماضي، لكن استمرار الجائحة يجعل هناك حالة من عدم اليقين بشأن تحقيق نسبة النمو المستهدفة رسمياً لهذا العام، ما يضع الكثير من الأحزاب التي قدمت وعوداً سخية بتحقيق مطالب جوهرية للمواطنين في مأزق.
قدمت الأحزاب وعوداً تتعلق بالصحة والتعليم والتوظيف وتوفير دعم مباشر للفقراء، إلا أنها لم توضح كيف ستمول ذلك
وقدمت الأحزاب وعوداً تتعلق بالصحة والتعليم والتوظيف وتوفير دعم مباشر للفقراء، إلا أنها لم توضح كيف ستمول ذلك باعتبار أنها في حال شكلت الحكومة ستجد نفسها مطوقة بالقانون التنظيمي للمالية الذي وضع الخطوط العريضة لسياسة الميزانية على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، والتي تشدد على ضبط نفقات التسيير، خاصة في ظل التوجه نحو التحكم في نفقات أجور الموظفين.
يقول الخبير في المالية العمومية، محمد الرهج لـ"العربي الجديد" إن "الأحزاب المتنافسة سكتت عن إثارة مسألة تمويل الميزانية، رغم السخاء الذي أبدته في الوعود"، مشيراً إلى أن هذه الوعود تأتي رغم التوجه العام بعدم التوسع في عجز الموازنة العامة للدولة.
وتتجه الدولة إلى تعبئة المزيد من الموارد المالية عبر الإيرادات الضريبية الجديدة، من خلال توسيع الوعاء الضريبي وزيادة الشريحة الخاضعة للضرائب وإلزام الجميع بالوفاء بالتزاماتهم وإدماج القطاع الموازي في الاقتصاد الرسمي.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد الشيكر، إنّه بالنظر للقاسم الانتخابي الجديد الذي اعتمده المغرب في الانتخابات الحالية، سيكون على الأحزاب الانخراط في ائتلاف حكومي موسع مقارنة بالحكومة المنتهية ولايتها، وبالتالي سيتوجب على الأحزاب التوافق في ما بينها حول البرنامج الحكومي، الذي قد لا تكون له علاقة بالوعود التي تعاقدت بموجبها الأحزاب مع الناخبين.
ووعدت الأحزاب بالعمل على خفض أسعار الطاقة وتأمين إمداداتها رغم أن هذا الأمر يرتهن بالسوق الدولية، حيث يعتمد المغرب على الخارج في توفير نحو 94% من احتياجاته، ما يتسبب في الضغط على الميزان التجاري للدولة التي حررت بالأساس أسعار الوقود.
وعدت الأحزاب بالعمل على خفض أسعار الطاقة وتأمين إمداداتها رغم أن الأمر يرتهن بالسوق الدولية، حيث يعتمد المغرب على الخارج في توفير نحو 94% من احتياجاته
ووفق البيانات الصادرة حديثاً عن مكتب الصرف الحكومي، قفزت فاتورة واردات الطاقة في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري إلى 38.68 مليار دولار، بعدما كانت في حدود 30.70 مليار دولار، بزيادة بلغت نسبتها 25.9%.
كما وعدت الأحزاب بسخاء في توفير المزيد من فرص العمل بينما لا تزال تداعيات الجائحة الصحية مطبقة على مختلف الأنشطة الاقتصادية، ما أدى بالأساس إلى زيادة نسبة البطالة إلى 12.8% خلال الربع الثاني من العام الجاري، وفقدان سوق العمل نحو 589 ألف فرصة عمل خلال 2020، إضافة إلى زيادة نسب الفقر وغلاء الأسعار بما فيها السلع الغذائية والأساسية.
ويتجلى من بيانات المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، أن البطالة تتسع أكثر في المدن لتصل إلى 18.2%، وتطاول أكثر الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما بنسبة 30.8%، وحاملي الشهادات العليا بنسبة 25.3%.
ويعاني سوق العمل حتى قبل أزمة كورونا الكثير من مظاهر الهشاشة التي يتضرر منها العمال، حيث تنتفي العقود في الكثير من القطاعات. ولم توضح الأحزاب رؤيتها لكيفية تعميم التغطية الاجتماعية التي يفترض أن تهم 22 مليوناً من الأشخاص الذين لا يتمتعون بالحماية الاجتماعية.
وكان الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل رجال الأعمال، قد ألتزم في العام الماضي في ظل الانكماش بالحفاظ على فرص العمل ضمن حدود تعادل 80% من فرص الأعمال المصرح بها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مع العمل على استفادة العمال غير المصرح بهم لدى الصندوق من التغطية الاجتماعية.
سيكون على الحكومة المقبلة، التصدي لتحرير ما تبقى من السلع المدعومة، إذ أعلن الوزير محمد بنشعبون، عن نية الحكومة تحرير أسعار السكر والدقيق وغاز الطهو، بعد سنوات من تحرير أسعار السولار والبنزين
وأطلق المغرب خطة للتعافي الاقتصادي، وعمد إلى تخفيف التدابير الاحترازية، خاصة مع فتح الحدود وعودة المغتربين وانتعاش القطاع السياحي بفضل السياح المحليين، غير أن الحكومة عمدت في الآونة الأخيرة إلى تشديد التدابير الاحترازية بعد ارتفاع عدد الإصابات، ما يضع المزيد من التحديات أمام تحقيق الكثير من الوعود، خاصة المتعلقة بالتشغيل.
كما سيكون على الحكومة المقبلة، التصدي لتحرير ما تبقى من السلع المدعومة، إذ أعلن وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، في أغسطس/ آب الماضي، عند تقديمه التوجهات العامة لمشروع قانون المالية للعام المقبل، عن نية الحكومة تحرير أسعار السكر والدقيق وغاز الطهو، بعد سنوات من تحرير أسعار السولار والبنزين.