تعالت التحذيرات في اليمن من أي ارتدادات سلبية للخطط والإجراءات الإصلاحية المنفذة، وكذا من أي سياسات غير مواتية تزيد من الضغط على سعر صرف العملة المحلية والسلع الأساسية.
ودعا البنك المركزي في عدن، الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، إلى مواصلة تلك الإصلاحات باعتبارها ضرورة وطنية ملحّة، ومعالجة الاختلالات وتصويب المسارات، كالتزام قانوني وأدبي تجاه المانحين من الأشقاء والأصدقاء، وبما يخدم الصالح العام والحفاظ على مصداقية اليمن واحترامه لتعهداته الإقليمية والدولية.
وقال مصدر مصرفي مسؤول، لـ"العربي الجديد"، إن البنك المركزي اليمني التزم، في اجتماع مجلس إدارته الأخير، بدعم الإجراءات الحكومية، مع ضرورة الاستمرار في تنفيذ برنامج الإصلاح المقر بتناغم بين كل المؤسسات لرفع مستوى التنسيق والتكامل بين السياسة المالية والسياسة النقدية، والحفاظ على الاستقرار النسبي لسعر صرف الريال والمستوى العام للأسعار.
وأكد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن الوضع الراهن يتطلب تشديد الاحترازات والإجراءات الصارمة في مجال السياسات النقدية والإقراض الحكومي، وعدم السماح بأي تمويل تضخمي يزيد من معاناة المواطنين ويفاقم الاختلالات الاقتصادية والمعيشية والمصرفية.
في السياق، أوضح مسؤول سابق عن إدارة ملف المانحين في الحكومة اليمنية، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن لهذا الموضوع علاقة بالالتزامات التي وقّعتها الحكومة المعترف بها دولياً مع صندوق النقد الدولي، والأهم مع صندوق النقد العربي، مشيراً إلى أن الوثيقة الموقعة مع الصندوق العربي تحتوي على التزامات واسعة وثقيلة تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والشفافية والمساءلة والنزاهة والحوكمة وتحسين الإيرادات وترشيد الإنفاق.
وكشف المسؤول عن أن البنك المركزي اليمني في عدن وكما يبدو يواجه ضغطا شديدا لإعادة الطباعة وتقديم قروض مكشوفة للحكومة، وهذا يخل بالتزامات البنك تجاه البرنامج الموقع مع المانحين، خصوصاً صندوق النقد العربي.
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقّع صندوق النقد العربي اتفاقا بقيمة مليار دولار مع الحكومة اليمنية، لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي.
ويرى الخبير الاقتصادي مطهر عبد الله، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المانحين متشددين جدا فيما يخص برنامج الإصلاحات والعمل على متابعة تنفيذها بتركيز ودقة شديدة، الأمر الذي يجعل الحكومة اليمنية على المحك، إذ إن عملية تقييمها ترتبط بكيفية إدارتها لملف الإصلاحات والإيفاء بالتزاماتها تجاه المانحين من الدول والجهات والمؤسسات والصناديق التمويلية.
ووقف اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي اليمني في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، على مجمل التطورات والمؤشرات ذات الصلة بالاقتصاد الكلي للعام المنصرم 2022، وتطورات الأوضاع الاقتصادية على ضوء النتائج الأولية لمؤشرات منظومة الاقتصاد الكلي على الصعيدين الداخلي والخارجي، ونتائج التنفيذ الفعلي الأولي للموازنة العامة للدولة للعام المالي 2022، إضافة إلى مستوى الدين العام الداخلي والخارجي.
وشدد المركزي اليمني على أهمية المكونات الرئيسية للسياسات النقدية المرفوعة من لجنة السياسات النقدية، وتقارير الإنجاز المقدمة من القطاعات المختلفة، وخطط الإصلاح التي سيتم تنفيذها في إطار الدعم الفني المقدم من المانحين، وضرورة العمل على تنفيذها وفق البرنامج الزمني المحدد، ورفع التقارير الدورية بتطورات الإنجاز أولاً بأول.
الباحث المصرفي محمود السهمي يتطرق في هذا الخصوص، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الانخفاض النسبي في سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني الذي طرأ في فترات سابقة يعود إلى قرار رفع سعر صرف الدولار الجمركي، حيث تسبب ذلك في بروز أزمة استيراد وتوقف كثير من التجار عن فتح الاعتمادات المستندية لهذا الغرض، وهو ما أدى إلى تراجع الطلب على الدولار، وبالتالي ارتفاع سعر صرف العملة اليمنية التي وصلت إلى أقل من 1200 ريال للدولار الواحد في عدن آنذاك.
وكان التحسن ملحوظ أكثر في صنعاء من 560 ريالا إلى ما دون 550 ريالا للدولار الواحد، مدفوعا بالمباحثات التي تقودها الوساطة العمانية وما يرشح منها من حلحلة لملف رواتب الموظفين المدنيين الذي تسبب في تعثر الهدنة في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي 2022.
في السياق، يبين موظف ونقابي في إحدى الدوائر العامة، خالد العامري، لـ"العربي الجديد"، أن هناك إجراءات تنفذها وزارة الخدمة المدنية في عدن في ما يخص رواتب الموظفين المدنيين، خصوصا الذين يتم صرف رواتبهم منذ نحو ثلاث سنوات تحت مسمى الموظفين النازحين والتي تم إيقافها نهاية عام 2022، ووضع العديد من الاشتراطات في سياسة صرفها. يأتي ذلك كما يعتقد العامري، في إطار ما ينفَّذ من إجراءات إصلاحية في جهاز الخدمة المدنية الحكومي.