اليمن: الثلج بدلاً من المكيفات والثلاجات لمواجهة صيف مُكلف

06 يونيو 2022
إقبال على الطاقة الشمسية بسبب الانقطاع الطويل للكهرباء (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

تنتعش تجارة الثلج في مختلف المدن اليمنية مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، إذ يزداد الطلب على هذه السلعة لاستخدامها مبردات من جانب الأسر التي لا تستطيع شراء مكيفات حديثة، فضلاً عن استخدامها بدائل للثلاجات الكهربائية.
ويخوض اليمنيون، وخصوصاً سكان المناطق والمحافظات الساحلية، غمار حياة قاسية وسط بوادر صيف ساخن لم يعهدوه من قبل، وسط ظروف وأوضاع معيشية صعبة أثرت كثيراً بقدراتهم على مواجهة هذا الطقس المُكلف.
وفي عدن التي تتخذ منها الحكومة عاصمة مؤقتة، يشكو المواطنون انقطاع الكهرباء لساعات طويلة يومياً منذ نحو أسبوع، ما يضاعف من معاناة الأسر، فضلاً عن ارتفاع تكاليف كلّ شيء من سلع وخدمات بسبب اللجوء إلى بدائل باهظة الكلفة لتوفير الكهرباء.

تدهور الكهرباء
المواطن مرزوق سالم، وهو من سكان عدن، يشكو في حديث لـ"العربي الجديد" تدهور خدمة الكهرباء، ما يضاعف نفقاته التي لم تقتصر على شراء مصادر الطاقة البديلة، لكن بسبب تلف الأجهزة الكهربائية والإلكترونية بفعل الانقطاعات المتكررة والمفاجئة للكهرباء العامة.
وتشهد خدمات الكهرباء تردياً منذ بداية الحرب قبل حوالي سبع سنوات، إذ أضحى ما بين 60% و70% من السكان محرومين الكهرباء العامة، فيما أدى انتشار استخدام الطاقة البديلة في بعض المحافظات إلى ارتفاع تكاليف السلع والخدمات.

من جانبه، يشير عمر ناصر، وهو موظف في إحدى الدوائر الحكومية في عدن، لـ"العربي الجديد" إلى تسبب حرارة الطقس القياسي هذا العام بمضاعفة إنفاقهم على بعض المواد المطلوبة، مثل الثلج والمكيفات التي ارتفعت أسعارها كثيراً، إذ يتجاوز سعر جهاز مكيف بحجم صغير ونوعية رديئة 30 ألف ريال.
واستفحلت أزمة الكهرباء التي تعتبر مشكلة مزمنة مستعصية كثيراً عن الحل منذ مطلع الشهر الحالي في عدن، إذ تغرق المدينة في الظلام لمعظم فترات اليوم بعد نفاد المازوت الخاص بتشغيل المحطات الكهربائية العامة. ودفع ذلك رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد محمد العليمي، إلى التوجيه بتوفير الاحتياجات العاجلة لمواجهة أزمة الكهرباء في العاصمة المؤقتة بالتنسيق مع السلطة المحلية والجهات الحكومية المعنية.

ازدهار تجارة الثلج
يلاحظ ازدهار تجارة الثلج في مختلف المدن اليمنية، وخصوصاً الساحلية التي تحظى فيها برواج كبير لاستخدامها كمبردات في المنازل التي لا تستطيع شراء مكيفات حديثة وبحجم مناسب أو التي تتعرض أجهزتها من هذا النوع للتلف، إضافة إلى استخدامها بدلاً من أجهزة التبريد الثلاجات الكهربائية.
يقول صالح الفاخر، بائع ثلج في منطقة الحوطة عاصمة محافظة لحج (جنوب غرب) لـ"العربي الجديد"، إنه يجري تبريد الماء في ثلاجات كبيرة الحجم وبيع الثلج على شكل قوالب متعددة الأحجام والأسعار التي تراوح بين 2000 ريال للقطعة ذات الحجم الصغير، وهناك القطع المتوسطة والكبيرة التي تصل أسعارها إلى نحو 10 آلاف ريال.
ويضاعف تدهور الخدمات العامة، مثل الكهرباء والمياه، من معاناة اليمنيين مع ارتفاع مستويات الإنفاق على المواد الأساسية الضرورية للبقاء على قيد الحياة. وتتداول الأسواق التجارية في عدن ومناطق ومحافظات أخرى تحت سيطرة الحكومة، أسعار مختلفة لمختلف السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية وتعرفة الخدمات العامة بسبب الانقسام المالي والنقدي الذي جعل سعر السلعة في هذه المناطق يصل إلى ضعف سعرها في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

ويعود ذلك إلى انقسام العملة على المستويات كافة، سواء من حيث الأوراق النقدية المتداولة، أو سعر الصرف الذي يصل في عدن إلى نحو 1007 ريالات للدولار الواحد، فيما يصل سعر التداول في صنعاء إلى نحو 580 ريالاً للدولار الواحد.
وسبّبت الحرب المستمرة منذ سبع سنوات بين التحالف الذي تقوده السعودية وجماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران، والتي تسيطر إلى حد كبير على شمال اليمن، انخفاضاً خطيراً في قيمة العملة، ونقصاً في الاحتياطيات الأجنبية، وتدمير البنية التحتية للبلد.

أسوأ أزمة إنسانية
وفق تقرير صادر عن البنك الدولي في يوليو/تموز الماضي، فإنّ اليمن "البلد الأشد فقراً في قائمة البنك الدولي لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ عام 2015 بسبب الصراع".
وحسب تقديرات سابقة لوزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، قُدرت الخسائر المباشرة التي لحقت بالاقتصاد في الحرب، بحوالي 90 مليار دولار، وهذه التقديرات هي للخسائر المباشرة في الناتج المحلي اليمني، فضلاً عن الخسائر الناتجة من تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية.
ويعيش الفقراء ومحدودو الدخل أوضاعاً صعبة. ويعتمد نحو 80% من سكان البلد البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة. وتشهد مختلف المدن الرئيسية ارتفاعاً قياسياً في تعرفة الكهرباء بعد اللجوء إلى المولدات والمحطات البديلة، إذ تضاعفت خلال الشهرين الماضيين فقط، لترتفع في صنعاء من 300 ريال للكيلووات إلى 600 ريال، فيما تصل تكلفة الحصول على التيار في محافظات مثل حضرموت والمهرة ما بين 20 ألف ريال إلى 50 ألف ريال للكيلووات.

المساهمون