قفزت أسعار الألبان ومشتقاتها في اليمن بمختلف أنواعها، بنسب تتراوح ما بين 50% و80%، وسط تذمّر كبير من قبل المستهلكين.
وزاد سعر الحليب السائل خلال أقل من شهر، من 250 إلى 350 ريالاً للعبوة التي يصل حجمها إلى نصف لتر، فيما وصل متوسط سعر الأنواع الأخرى المجففة، والتي تباع بحسب الصنف والنوعية، إلى نحو ثلاثة آلاف ريال للكيلوغرام الواحد في جميع الأسواق اليمنية.
وقال تاجر المواد الغذائية، محمد فتحي، لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك ارتفاعاً في تكاليف المنتجات الغذائية والاستهلاكية بشكل كبير في اليمن، خصوصاً في الألبان ومشتقاتها والتي تخضع تكاليفها كذلك إلى عوامل مؤثرة مثل النقل، والوقود الذي لاتزال أسعاره مرتفعة، ومدخلات الإنتاج الصناعي.
إنفاق متزايد
تدفع التحركات السعرية باستمرار إلى زيادة إنفاق الأسر اليمنية على مختلف الاحتياجات والسلع الغذائية الضرورية، إذ تقدر بيانات رسمية إنفاق نحو 2.197 مليون أسرة يمنية على الألبان ومنتجاتها بنحو 47.5 مليار ريال قبل الحرب عام 2015، فيما قد تصل حالياً إلى حوالي 90 مليار ريال (الدولار يساوي 1005 ريالات في عدن و565 ريالاً في صنعاء).
وفي هذا السياق، يرى الباحث الاقتصادي علي الهمداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الألبان والحليب السائل من أهم المنتجات الغذائية المطلوبة في الأسواق اليمنية، والتي يلمس الناس تأثيراتها بشكل مباشر في حياتهم المعيشية اليمنية اليومية لعدم قدرة الكثير على الاستغناء عنها.
وأشار الهمداني إلى ما يشهده اليمن من انهيار في الأمن الغذائي وتضرر نحو 20 مليون شخص بسبب ذلك، إضافة إلى عديد المشاكل، مثل سوء التغذية الذي يجتاح نسبة كبيرة من اليمنيين خصوصاً من فئة الأطفال، معتبراً أن غلاء الأسعار من الأسباب الرئيسية في هذه الأزمات.
إضافة إلى ما يستجد من عوامل تؤججها وتحدّ من استقرارها مثل بقاء أسعار الوقود عند سقف مرتفع، وتوسع منظومة الجبايات كالزكاة التي يتم تحصيلها حالياً بنسبة مضاعفة، حسب الهمداني.
حليب المزارع
في المقابل، زادت أسعار الحليب السائل المنتج من المزارع العامة والخاصة المنتجة للألبان في اليمن بنحو 50%، مع تقلص هامش الميزة النسبية التي كانت تتوفر في مثل هذه الأنواع التي تعتبر بعضها منشآت حكومية وتساويها مع سعر الأصناف الأخرى بنحو 350 ريالا للعبوة البلاستيكية حجم نصف لتر.
وتنتج المزارع العاملة في اليمن والقطاع الصناعي الحليب بعبوات بلاستيكية، شهدت أسعاره ارتفاعاً نسبياً خلال الفترة الماضية من 150 ريالا إلى 200 و250 ريالا لمعظم الأنواع بحسب حجمها، إضافة إلى منتج "الزبادي" الذي يحظى برواج كبير وإقبال بين المستهلكين في اليمن، خصوصاً في شهر رمضان، وقد قفز سعره خلال سنوات الحرب الماضية بنسبة كبيرة تزيد على 200%، إذ زاد سعره من نحو 100 ريال إلى ما يقارب 300 ريال.
وبالرغم من امتلاك اليمن لعدد كبير من الثروة الحيوانية، فإنّ ذلك لا يلاحظ على القدرات الإنتاجية التي لا تعكس حجمها، إذ يقدر إنتاج اليمن من الحليب سنوياً بنحو 300 ألف طن، أي نحو 12% من احتياجات البلاد من الألبان، الأمر الذي يجعلها تعتمد بصورة رئيسية على الاستيراد لتغطية احتياجات الأسواق المحلية.
تحديات الإنتاج
يقول عبد الغفار كمال، وهو موزع ألبان من مزارع عامة، لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك تحديات عديدة تواجه عملية إنتاج الحليب السائل من المزارع الرسمية العامة، أهمها ارتفاع أسعار الأعلاف إلى مستويات قياسية وتأثير ذلك إلى جانب عوامل أخرى على إنتاجية هذه المزارع الخاص بإنتاج الألبان.
وتقدر نسبة الارتفاع في أسعار الأعلاف في اليمن بما يناهز 500% خلال السنوات الأخيرة، ما دفع بعض العاملين في تربية المواشي إلى استخدام الحبوب كعلف لمواشيهم، ما يكلفهم إنفاقاً يفوق قدراتهم، الأمر الذي يجعلهم يتخلصون بصورة تدريجية من مواشيهم لعدم القدرة على إطعامها. وتعمل في اليمن ثلاث مزارع عامة ومجموعة من المزارع التابعة للقطاع الخاص والجمعيات الأهلية التعاونية.
وتحذّر الأمم المتحدة من تفاقم حالة الأمن الغذائي في اليمن، إذ أصبح ملايين الناس غير قادرين على تحمّل تكاليف الغذاء، بالإضافة إلى تراكم الأزمات المعيشية التي تجتاح مناطق عديدة بها كتل سكانية كبيرة، ما يهدّد بتوسع رقعة الجوع بما يصعّب عملية السيطرة عليه.