يدور جدل واسع في اليمن حول آلية البنك المركزي اليمني لإدارة سوق الصرف المضطرب في جزء كبير من المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، بهدف الحد من المضاربة، وتوفير الاحتياطي من النقد الأجنبي للبنوك والقطاع المصرفي في البلاد، ووقف تهاوي العملة الوطنية.
وتنفذ الحكومة اليمنية من خلال البنك المركزي اليمني في عدن منذ 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، آلية عمل المزادات، عبر إدارة شركة عالمية متخصصة في مزادات بيع وشراء العملات الأجنبية، والتي تعتمد على تقنيات إلكترونية متقدمة، وسط تذمر شركات الصرافة وجزء من القطاع التجاري في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وتؤكد مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن تنفيذ الآلية الجديدة يأتي بضغط من صندوق النقد الدولي الذي ألزم الحكومة اليمنية بتنفيذ مجموعة إجراءات إصلاحية جوهرية لاستيعاب التمويلات والدعم والمنح الخارجية، وتطبيق حزمة من التدخلات في القطاع المالي والمصرفي تتسم بصورة عالية من الشفافية والتنافسية المتوافقة مع معايير وقواعد السوق الحرة والعادلة.
في السياق، يقول مسؤول مصرفي حكومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هناك واقعا جديدا تشكل في سوق النقد الأجنبي تسوده تشوهات واختلالات عميقة تتطلب جهدا شاقا لاختراقه، من المؤسسة النقدية الأولى المتمثلة في البنك المركزي اليمني، والذي لا يملك حلولا سحرية ينفذها بين عشية وضحاها للحد من قبضة الصرافين والمضاربين بسوق الصرف.
ويشير المسؤول، الذي تحفظ على ذكر اسمه، إلى أهمية عمليات المزادات التي تثبت جدية الإجراءات الإصلاحية التي تنفذها الحكومة اليمنية لكسب ثقة القطاع المصرفي وقطاع الأعمال في اليمن والمجتمع الدولي، وذلك باستعادة الموارد العامة وتحسين رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي للبنك المركزي في الخارج، والتعامل مع احتياجات عملاء البنوك للمساهمة في استقرار الأسعار. ويرى البنك المركزي اليمني أن تطبيق نظام عمليات المزادات، يأتي ضمن جملة من الخطوات الموازية والجادة التي أقدم عليها البنك لإصلاح القطاع المصرفي ونشاط الصرافة، وإحداث تصحيحات جوهرية تسهم في الحد من تقلبات قيمة العملة المحلية.
المحلل المالي والمصرفي أكرم النقيب يشدد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أن الاختبار الحقيقي للآلية المتبعة الخاصة بعمليات مزادات بيع العملة، تتمثل في إدارة الدعم الدولي المتاح كمنحة النقد الدولي المقدرة بنحو 400 مليون دولار، والتي يعتمد عليها حاليًا في توفير الدولار للبنوك والقطاع التجاري بهدف استيراد السلع الأساسية، إضافة إلى وضع إطار عمل يحد من عملية تسرب أي منح أو تمويل دولي أو وديعة مالية يمكن إتاحتها خلال الفترة القادمة إلى سوق الصرف وسحبها والتحكم بها من قبل الصرافين.
الخبير المصرفي يشدد، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، على أهمية الإجراءات الهادفة إلى ضبط الفوضى في سعر الصرف الذي يعاني من عدم الاستقرار حتى بعد التغيير الحاصل في إدارة البنك المركزي، لكنها تبقى حبرا على ورق في حال لم يتم سد منافذ الاختلال الرئيسية التي تعبث بالعملة اليمنية وسوق الصرف. ويتهم حزام الصرافين بأنهم المنفذ الأكثر عبثًا بسوق الصرافة والمضاربة بالعملة، بعدما تحولت محال وشركات الصرافة في ظل الحرب الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات إلى إحدى أدوات الإثراء غير المشروع.
وتنتقد جمعية الصرافين في عدن عمليات المزاد التي يتبعها البنك المركزي، وترى أنها تعمل على سحب قدر كبير من السيولة النقدية في الأسواق، إلى جانب مشتريات الوقود والتي تؤكد جمعية الصرافين في عدن أنها تستهلك أكبر قدر من العملة الأجنبية يتجاوز 60%.
وتجاوز سعر الدولار في عدن 1700 ريال نهاية العام الماضي، قبل التحسن ليبلغ حاليا نحو 1050 ريالا، إلا أن سعر العملة المحلية سيظل متذبذبا ارتفاعا وهبوطا في ظل تدهور الاقتصاد واستمرار المضاربة، حسب متعاملين في سوق الصرافة. وكان متوسط سعر الدولار قبل اندلاع الحرب يقدر بنحو 215 ريالاً.
وتعتقد جمعية الصرافين في عدن أن ارتفاع نسبة الإقبال على مزادات البنك المركزي أدى إلى تجاوز العرض بنسبة 143%، ما يستدعي تعزيز العرض.
ويرى صرافون في عدن أن الاضطراب الحاصل في العملة ونزول سعر الصرف واستقراره أو ارتفاعه، ليس قرارا يملكه الصرافون أو البنك المركزي، في ظل التعويم والطلب على العملة الأجنبية والمطبوعات النقدية.
ويبين العامل في مجال الصرافة في عدن، حامد منصر، لـ"العربي الجديد"، أن سوق الصرف يعتمد على العرض والطلب ولا يمكن التعامل معه بفرض الوصاية عليه بمجموعة إجراءات أو مزادات لبيع العملة، إذ يقوم السوق في عدن بدور كبير في تسهيل مهام الاستيراد وتوفير احتياجات الأسواق من العملات الأجنبية، نافيًا الاتهامات الموجهة للصرافين بالتلاعب والمضاربة بالعملة، في ظل السياسات المتبعة والمنفذة والتي أدت إلى تعويم العملة المحلية.
في المقابل، يؤكد البنك المركزي اليمني في عدن أن آلية المزادات تعتمد على تقنيات إلكترونية متقدمة في إدارة المزادات وبصورة عالية من الشفافية والتنافسية المتوافقة مع معايير وقواعد السوق الحرة والعادلة.