فرضت الهند قيوداً إضافية على صادرات الأرز لحماية الأمن الغذائي للبلاد، في خطوة من شأنها أن تزيد الضغوط على الإمدادات العالمية للسلعة الرئيسية التي قفزت أسعارها إلى أعلى مستوى في نحو 15 عاماً، ما يزيد تكاليف الغذاء بقوة على الدول الأكثر احتياجاً حول العالم.
وأقرت الحكومة الهندية ضريبة على صادرات الأرز بقيمة 20% بأثر فوري، بحسب إشعار أصدرته وزارة المالية في وقت متأخر أمس الجمعة، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.
وتُعتبر الهند أكبر مُصدّر للأرز في العالم. ومع الضريبة الجديدة فإن الدولة قد فرضت قيوداً على صادرات جميع أنواع الأرز غير البسمتي، أي نحو 80% من إجمالي صادراتها من هذه السلعة. وتبلغ حصة الهند في تجارة الأرز العالمية نحو 40%.
وارتفعت أسعار الأرز الآسيوي إلى أعلى مستوى لها خلال نحو 15 عاماً أوائل أغسطس/آب الجاري، ويمكن أن ترتفع أكثر، مما سيزيد التكاليف على المستوردين مثل الفيليبين وبعض الدول الأفريقية
وتتماشى تدابير الهند الحمائية الأخيرة مع جهودها الصارمة لتهدئة أسعار الغذاء المحلية قبل الانتخابات العامة المقررة أوائل العام المقبل، إذ يسعى رئيس الوزراء ناريندرا مودي للفوز بولاية ثالثة.
وحظرت الهند بالفعل صادرات الأرز المكسور والأرز الأبيض غير البسمتي، وقيّدت شحنات القمح والسكر، وتخزين بعض المحاصيل. وتدرس البلاد أيضاً إلغاء ضريبة استيراد القمح التي تبلغ 40%.
وانخفضت نسبة هطول الأمطار في ولايات رئيسية لزراعة الأرز مثل البنغال الغربية وأوتار براديش وجهارخاند وبيهار وتشاتيسجغره وأندرا براديش، بنسبة 15% عن المعتاد هذا الموسم، وهو ما أثار مخاوف بشأن العرض المحلي لأكبر محصول من الحبوب الغذائية في البلاد، الذي يُزرَع خلال موسم الأمطار.
ووفق بيانات وزارة الزراعة الأميركية، تعد الهند أكبر مصدر للأرز في العالم بكميات تبلغ 22.5 مليون طن، تليها تايلاند بـ8.5 ملايين طن، وفيتنام بـ7.5 ملايين طن، وباكستان بـ6.3 ملايين طن، والولايات المتحدة بـ2.1 مليون طن.
ويُزرع معظم أرز العالم ويُستهلك في آسيا، حيث يعاني المزارعون بالفعل من موجات الحر والجفاف. وبينما تحظر الهند صادرات الأرز تشجع تايلاند، ثاني أكبر مصدر لهذه السلعة، المزارعين على التحول إلى المحاصيل التي تحتاج إلى كميات أقل من المياه، بينما يعمد المزارعون في كبرى المناطق المنتجة للأرز في إندونيسيا إلى زراعة الذرة والملفوف تحسباً للجفاف.
في المقابل قفز استهلاك الأرز عالمياً خلال عام 2022 - 2023 إلى 517 مليون طن مقابل نحو 461 مليون طن في عام 2021 – 2022، وفق بيانات وزارة الزراعة الأميركية.
ويعتبر الأرز مكوناً أساسياً في الوجبات الغذائية للمليارات في آسيا وأفريقيا، كما أنه يساهم بما يصل إلى 60% من إجمالي السعرات الحرارية لقاطني أجزاء من جنوب شرق آسيا وأفريقيا، وترتفع هذه النسبة إلى 70% في دول مثل بنغلادش.
وزادت القفزة الأخيرة في الأسعار من الضغوط على أسواق الغذاء العالمية التي تعاني بالفعل من تطرف الطقس والصراع المتصاعد في أوكرانيا.
وتغذي المخاوف المتنامية بشأن شح الإمدادات العالمية مخاطر اندلاع موجة جديدة من الحمائية التجارية، مع تطلّع الحكومات إلى ضمان احتياطيات غذائية وفيرة. وتتأجج هذه المخاوف في ظل عودة ظاهرة النينيو، التي قد تؤدي إلى جفاف محاصيل الأرز المعتمدة على المياه في آسيا.
ونهاية يوليو/تموز الماضي فرضت الحكومة الروسية، حظراً على تصدير الأرز حتى نهاية العام الجاري 2023، مبررة ذلك بالحفاظ على الاستقرار في السوق المحلية.
وقبلها بأيام أعلنت الإمارات التي تعد سوقاً كبيرة لعبور السلع في منطقة الخليج العربي إيقاف تصدير الأرز، وإعادة تصديره لمدة أربعة أشهر، بما يشمل الأرز هندي المنشأ. وقالت الإمارات، التي تستورد 90% من احتياجاتها الغذائية، إن الحظر يشمل جميع أصناف الأرز مثل الأرز الأسمر والأرز المضروب كلياً أو جزئياً والأرز المكسور، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية "وام".