ينتظر أن يشكل توفير فرص عمل للشباب المغربي تحدياً حقيقياً للحكومة في العام المقبل، في سياق تراجع النمو الاقتصادي وهشاشتها وارتفاع البطالة وسط هذه الفئة من الساكنة.
وحدد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بمناسبة عودة المجلس الحكومة للانعقاد بعد الإجازة، جذب الاستثمار لخلق فرص العمل من بين الملفات الكبرى التي تنتظر السلطة التنفيذية بمناسبة الدخول السياسي الجديد.
وفي هذا السياق، يتصور الخبير الاقتصادي، مصطفى ملغو، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الخروج من البطالة التي تصيب الشباب، وخصوصاً الخريجين، يقتضي نهج سياسة تبتعد عن الحلول المؤقتة التي تفضي إلى نوع من الهشاشة الاجتماعية بين تلك الفئة من الساكنة.
ويرى أنه يفترض بهدف استيعاب جزء كبير من الشباب العاطل التوجه نحو بلورة سياسات اقتصادية تركز على القطاعات المنتجة للقيمة المضافة، خصوصاً في مجال الصناعة التي يفصل أن تكون القاطرة، فضلاً عن الخدمات والزراعة.
وانتقل معدل البطالة بالمغرب إلى 12.4 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري، كي يرتفع عدد العاطلين إلى أكثر من 1.54 مليون عاطل، في سياق متسم بتأثر النمو الاقتصادي بحالة عدم اليقين الناجمة عن الجفاف والظرفية الدولية.
غير أن ذلك المعدل لا يخفي كون البطالة تصيب الشباب أكثر، حيث إن معدل النشاط وسط المراوحة أعمارهم بين 15و34 عاماً في العشرين عاماً الأخيرة تراجع من 53.5 في المائة إلى 41.2 في المائة.
وظهر، حسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل تشغيل الشباب تراجع من 42.8 في المائة في 2000 إلى 31.8 في المائة في العام الماضي.
ويستفاد من تقرير المندوبية أن معدل البطالة في صفوف الشباب زاد بحوالى ثلاث نقاط، كي ينتقل في العقد الأخيرمن 20 في المائة إلى 22.9 في المائة، غير أنه يتبين أن البطالة تصيب أكثر شباب المدن والنساء والحاصلين على دبلومات.
ويتضح من تلك البيانات أن 32.7 في المائة من النساء النشيطات البالغات من بين 15و34 عاماً، يعانين من البطالة، مقابل 19.8 في المائة بين الرجال.
ويؤكد التقرير أن الشباب من سكان المدن يعاني من أكثر من البطالة إلى غاية العام الماضي، حيث تصل إلى 29.9 في المائة، مقابل 10.7 في المائة بين شباب الأرياف.
ويرتفع معدل البطالة مع التقدم في المسار الدراسي للشاب، حيث يقفز إلى 40.3 في المائة بين الحاصلين على شهادات عليا، وهو ضعف معدل البطالة بين الشباب الحاصلين على شهادات متوسطة، حيث يبلغ 20.7 في المائة وخمس مرات حجم البطالة بين الشباب غير الحائزين شهادات، الذين لا تتجاوز البطالة في صفوفهم 7.9 في المائة.
وتذهب المندوبية السامية للتخطيط (حكومية) إلى أن الاقتصاد الوطني يتسم بضعف الإنتاجية، التي تؤدي إلى سيادة العمل منخفض الأجر، ذي المهارات الضعيفة، وغير اللائق، ما يفسر استيعاب القطاع غير الرسمي لحوالى ثلثي اليد العاملة التي تتلقى أجوراً ضعيفة.
وتشدد المندوبية على هيمنة الشغل غير الرسمي الذي يمثل حوالى ثلثي فرص العمل في الاقتصاد الوطني.
وراهنت الحكومة على توفير مليون فرصة عمل على مدى خمسة أعوام بمعدل ألف فرصة عمل في العام، إلا أن النمو الاقتصادي الضعيف والهش، دفعها إلى السعي لخلق فرص مؤقتة عبر برنامجي "فرصة" و"أوراش".
ظهر، حسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل تشغيل الشباب تراجع من 42.8 في المائة في 2000 إلى 31.8 في المائة في العام الماضي
ولم يتمكن المغرب في الأعوام الأخيرة من بلوغ معدل نمو اقتصادي قوي يوفر فرص عمل تستوعب جزءاً كبيراً من الشباب المقبل على سوق الشغل، حيث لم يتجاوز في المتوسط 3 في المائة، في الوقت الذي أوصى النموذج التنموي بنقله إلى 6 في المائة.
ولا يتيح النمو في أقصى الحالات سوى إحداث 120 ألف فرصة عمل فقط، بينما كانت الحكومة التزمت إحداث 200 ألف فرصة عمل سنوياً، علماً أن السكان الذين يوجدون في سنّ العمل ترتفع سنوياً بحوالى 375 ألفاً.
ويشير الخبير في القطاع الزراعي، محمد الهاكش، في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن النمو لا يتيح توفير فرص العمل، بالإضافة إلى أن الجفاف ساهم في فقدان العديد من فرص العمل في الأرياف، خصوصاً لدى النساء اللائي يمارسن في أغلبهنّ أعمالاً غير مؤدى عنها (غير مؤمَّن عليها).
ويرى أن الجفاف الذي يؤثر بالزراعة يفضي إلى ارتفاع معدل البطالة، علماً أن العديد من شباب الأرياف كانوا في السابق يلوذون بالمدن في السنوات العجاف، غير أنهم لم يعودوا يتوافرون على هذه الإمكانية بالنظر لركود قطاع العقارات الذي كان يتيح لهم في السابق فرصاً، كذلك فإن المهن الصغيرة لا تستوعبهم بسبب التضخم وتراجع الطلب.