أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أمس السبت، قانوناً يسمح للقطاع الخاص بإنتاج الكهرباء، وذلك لأول مرة في البلاد، حيث ظلت الدولة تحتكر هذا القطاع، وذلك في محاولة للتخفيف من الأزمة الحادة التي تعيشها المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، حيث تصل فترات التقنين اليومي فيها إلى أكثر من عشرين ساعة.
وبموجب القانون الجديد الذي نشرته وكالة "سانا" الرسمية، فإنه يمكن وزارة الكهرباء الترخيص للمستثمرين الراغبين في تنفيذ مشاريع التوليد التقليدية والمتجددة للكهرباء، دون التزام شراء الكهرباء. ووفق القانون، تتولى المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء أو شركة الكهرباء في المحافظة، نقل الكهرباء إلى مشتركين رئيسيين أو مشتركين على التوتر المتوسط أو لغرض التصدير، ضمن الإمكانات الفنية وحدود الاستطاعة المتاحة لشبكة النقل أو التوزيع، مقابل بدل استخدام متفق عليه.
كذلك يمكن مؤسسة الكهرباء أو شركة الكهرباء في المحافظة، عند توافر الإمكانات الفنية لديها، شراء الكهرباء الفائضة من إنتاج المستثمر، على أن تُربَط شبكته بشبكة النقل أو التوزيع على التوتر المتوسط وعلى نفقته، وبشروط الوزارة وأسعارها.
شراكة مع الدولة
وفي تعليقه على هذا القانون، قال وزير الكهرباء لدى النظام غسان الزامل، في حديث مع قناة "الإخبارية السورية" إنه "لا بد من إحداث بعض التشريعات والقوانين الجديدة، لتجاوز آثار العقوبات الأحادية المفروضة على سورية، بالتعاون مع المستثمرين، ليكونوا الداعم للحكومة ولوزارة الكهرباء، من أجل تحقيق مشاريعها وتطلعاتها في تحسين واقع الكهرباء".
ورأى الزامل أن دخول المستثمرين على خط إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة والتقليدية "لا يعني خصخصة قطاع الكهرباء، بل هو مساهمة من القطاع الخاص، حيث تبقى الأسعار من مسؤولية وزارة الكهرباء، كما تبقى المشاريع الكبرى هي أيضاً تحت إشرافها وتنفيذها".
بدوره، قال معاون وزير الكهرباء نضال قرموشة في تصريح لوكالة "سانا"، إن التعديلات الجديدة تتيح للمستثمرين من القطاع الخاص إنتاج الكهرباء عبر محطات تقليدية، أو كهروحرارية، وبيعها للمشتركين من القطاعات الأخرى الصناعية والتجارية والخدمية، بالإشراف والتنسيق مع الوزارة، الأمر الذي يخفف الأعباء عن الوزارة في تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء.
وأضاف قرموشة أن الشراكة مع القطاع الخاص "تسهم في توفير الطاقة الكهربائية المقدمة من طريق محطات التوليد بشكل أفضل للقطاع المنزلي والشرائح الفقيرة بالمجتمع، كذلك يمكن الوزارة أن تشتري الكهرباء من المستثمرين في القطاع الخاص، وتنقلها لمشتركين جدد".
ويأتي القانون الجديد بعد يومين من افتتاح بشار الأسد المرحلة الأولى من تشغيل "الضواغط التوربينية" في معمل غاز "جنوب المنطقة الوسطى" في ريف حمص. ووفق وسائل الإعلام الرسمية، فإن الإضافة الجديدة تهدف إلى زيادة الإنتاج بنحو 500 ألف متر مكعب من الغاز يومياً، بما يتيح زيادة في إنتاج محطات الكهرباء المعتمدة على الغاز، وتحسناً في الكميات المنتجة من الغاز المنزلي، خلال الفترة المقبلة.
محولات كهربائية
وفي السياق نفسه، ذكرت وكالة "سانا" أنه وصلت اليوم الأحد إلى مرفأ طرطوس الدفعة الأولى من المحولات الكهربائية "استطاعة 30 م ف أ" المتعاقد عليها من قبل وزارة الكهرباء، وعددها 20 محولاً.
ونقلت الوكالة عن وسيم محمد، مدير المرافق العامة في المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، قوله إن هذه الدفعة هي الأولى من أصل 37 محولاً، وهي الكمية الإجمالية التي جرى التعاقد عليها من قبل وزارة الكهرباء، والمقرر توريدها لتخفيف الاختناقات الحاصلة في الشبكة الكهربائية.
وأشار محمد إلى أن المحولات الجديدة ستسهم في زيادة استطاعة بعض المحولات ذات استطاعة 20 ورفعها إلى "30 ك ف"، وتبديل المحطات التي تعرضت للتدمير بفعل الإرهاب والمحطات التي تحصل فيها اختناقات نتيجة الأحمال الكبيرة، إضافة إلى توسيع الشبكة بكل المحافظات التي سيكون لها حصة من هذه المحولات، حيث ستباشر الوزارة عملية تركيبها بعد 20 يوماً.
وأضاف أنه مع وصول المحولات الجديدة يمكن استبدال بعض المحولات القديمة لكثرة الأعطال فيها بسبب عمرها الفني، إضافة إلى تركيبها في المحطات الجديدة، الأمر الذي يساعد في إلغاء التقنين القسري وتقليل الفاقد في الشبكة.
ورأى الصحافي الاقتصادي محمد العيد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه الخطوات قد تسهم في تحسين الواقع الكهربائي في مناطق سيطرة النظام، لكن بشكل محدود جداً، نظراً لحجم التدمير الهائل الذي لحق بالبنية التحتية لهذا القطاع خلال سنوات الحرب.
وتابع: إن المصادر الرسمية تقدر خسائر هذا القطاع خلال السنوات العشر الماضية بنحو 25 مليار دولار، وتكلفة إصلاح البنى التحتية بنحو 2.4 مليار دولار. وبطبيعة الحال، ليس لدى النظام قدرة على إنفاق هذه المبالغ من أجل إعادة الكهرباء في البلاد إلى ما كانت عليه قبل الحرب.