الناس تريد أن تأكل يا وزير الإسكان

قال وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، مصطفى مدبولي، أول من أمس، إنه من المقرر طرح مشروع يضم "أعلى برج في مصر" بارتفاع 200 متر وبكلفة 150 مليار جنيه (حوالي 19.7 مليار دولار)، خلال القمة الاقتصادية التي تعقد الشهر المقبل في منتجع شرم الشيخ.
هل هذا ما ينتظره المصريون من المؤتمر الذي تقول الحكومة إنها تستهدف من خلاله جذب استثمارات تقدّر بأكثر من 12 مليار دولار، وأن يساهم في الحد من المشاكل الاقتصادية الحادة التي يعاني منها المجتمع؟
لا أظن أن المصريين يريدون وعوداً من المستثمرين المشاركين في المؤتمر بإقامة أبراج وقصور وفيلات للأثرياء الذين يمثلون أقل من 5% من عدد السكان، ولا أظن أن المصريين، خاصة الذين يراهنون على إصلاح المؤتمر ما أفسدته السياسة، ينتظرون كلمات سياسية ووعود معسولة وبيانات داعمة للنظام تلقى في الجلسة الافتتاحية ثم يذهب كل واحد لحال سبيله، ولا أظن أن النظام الحالي في مصر لديه القدرة أصلاً علي تحمّل فشل هذا المؤتمر، وخاصة أن وسائل الإعلام رفعت سقف التطلعات كالعادة وصورته على أنه سيجلب مليارات الدولارات لمصر، وسيكون منقذاً للاقتصاد المتعثّر وعلاجاً ناجزاً لعجز الموازنة وحلاً لمشاكل فشلت الأنظمة المتعاقبة في حلها، مثل البطالة والفقر والإسكان.
المصريون يريدون من المؤتمر، حال انعقاده، أن يساهم في توفير" المم"، أي الأكل والشرب، وكذا أنبوبة بوتاجاز وفرصة عمل لملايين الشباب العاطل ورغيف خبز صحي ودواء بسعر مناسب و"ميتة كريمة"، يريدون مستثمرين حقيقيين وليسوا طفيليين كل همهم الربح السريع والعائد العالي، مستثمرون يؤسسون مشروعات إنتاجية تلعب دوراً في خفض أسعار السلع التي باتت فوق قدرة ليس الأسر الفقيرة وحسب بل والمتوسطة أيضاً، يريدون مستثمرين يؤسسون مشروعات لإنتاج الطاقة لحل أزمة انقطاع الكهرباء، وليس مستثمرين يبنون مزيداً من المنتجعات في مارينا والساحل الشمالي والغردقة وشرم الشيخ.
مصر لا تريد مزيداً من الأبراج والقصور والفيلات والمساكن الفاخرة والمنتجعات يا وزير الإسكان. مصر في انتظار حياه كريمة تليق بأبنائها.

اقرأ أيضا: حكام يستحقّون الحرق
اقرأ أيضا: على من تضحكون؟
اقرأ أيضا: اسأل عن الفساد