الموانئ البحرية تحتاج تريليونَي يورو خلال 10 سنوات لتطوير عملياتها

21 اغسطس 2024
مناولة الحاويات في منطقة ميناء تايتسانغ في سوتشو، الصين، 10 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تطور الموانئ البحرية وأهميتها الجيوسياسية**: تحتاج الموانئ البحرية لاستثمارات ضخمة تصل إلى تريليونَي دولار لتطوير عملياتها، حيث تتعامل مع 80% من تجارة البضائع العالمية. التحول إلى التقنيات الرقمية والطاقة الخضراء يتطلب استثمارات بنحو 200 مليار يورو سنوياً.

- **الصين كمركز بحري عالمي**: تحتضن الصين سبعة من أكبر عشرة موانئ للحاويات في العالم، مما يعزز مكانتها كقوة بحرية ومصنع للعالم. ميناء شنتشن يانتيان بدأ في تصدير السيارات، مما يزيد من قدرة الصين على المنافسة.

- **استثمارات الصين في صناعة السيارات**: شركة "بي واي دي" تعزز صادراتها واستثماراتها الخارجية، وتخطط لشحن مليون سيارة سنوياً بحلول 2030، بدعم من سفينة BYD Explorer 1.

مع تنامي دورها في الجغرافيا السياسية المتوترة حالياً بفعل الحروب والصراعات، تحتاج الموانئ البحرية التجارية التقليدية إلى تريلونَي دولار لتطوير عملياتها، إذ تواجه بوابات التجارة العالمية فواتير مكلفة لإعادة تجهيزها في عصر جديد من التنافس والأتمتة والطاقة الخضراء، وفقاً لتقديرات تحقيق أوردته شبكة بلومبيرغ مساء الثلاثاء. فعلى مدى قروة عدة، ساعدت السيطرة على أكبر مراكز الشحن في العالم على توسيع الإمبراطوريات، وإشعال الحروب وتسويتها، وتخفيف الفقر وبناء الطبقات الوسطى، مع منح الشركات الدولية إمكانية الوصول إلى العمالة الرخيصة والمستهلكين ذوي السيولة النقدية في الأسواق البعيدة.

ونتجة تصاعد أهميتها، تطورت الموانئ البحرية من مراكز تجارية وقواعد بحرية إلى اقتصادات داخل الاقتصادات التي عززت العولمة وأصبحت تقاطعات حيوية لتدفقات الطاقة ومراكز للبنية التحتية، مثل خطوط السكك الحديدية ومحطات الطاقة، ومجموعات للإنتاج الصناعي والتخزين والتوزيع. لكن الآن، أصبحت كل من البوابات القديمة والجديدة للتجارة المنقولة بحراً ــ المسؤولة عن التعامل مع 80% من تجارة البضائع العالمية السنوية البالغة 25 تريليون دولار ــ حصوناً اقتصادية في صراعات القوى العظمى في عالم متعدد الأقطاب.

وفي الوقت نفسه، يتعيّن على الموانئ البحرية الخضوع لعمليات تحويل مكلفة ومضنية إلى التقنيات الرقمية والأتمتة والطاقة الخضراء بكلفة تقدر بنحو 200 مليار يورو سنوياً (216 مليار دولار)، في استثمارات جديدة، بإجمالي تريليونَي يورو على مدى العقد المقبل، وفقاً لتحقيق بلومبيرغ التي نقلت عن بيتر دي لانغن، المالك والمستشار الرئيسي لشركة Ports & Logistics Advisory، ومقرها مالقة بإسبانيا، قوله: "أصبح أكثر وضوحاً الآن أن الموانئ البحرية هي أصول جيوسياسية، ولم يكن هذا التركيز موجوداً على الدوام".

وبحسب بلومبيرغ، يساعد الفحص الدقيق لثمانية من أكثر موانئ العالم ديناميكية في بلورة الاستراتيجيات الجغرافية الاقتصادية المعقدة القائمة وفهم المناورات الرامية إلى بسط النفوذ في المناطق المضطربة، والسباق لتخفيف المخاطر الناجمة عن تغير المناخ أو ندرة العمالة. وهذا ما يستدل عليه بوضوح من حديث سابق للرئيس الصيني شي جين بينغ عندما تحدث عن رخاء الأمة، معتبراً أنه "يجب عليها أولاً أن تبني الموانئ".

الصين تحتضن 7 من أكبر الموانئ البحرية العشرة عالمياً 

وهنا، تشير بلومبيرغ إلى أن مكانة الصين، باعتبارها مصنع العالم، لن تكون ممكنة من دون دورها الموازي كقوة بحرية طاغية. واللافت أن الصين تحتضن سبعة من أصل أكبر عشرة موانئ للحاويات في العالم، بينما لا يوجد أي منها في أوروبا أو الأميركتين، وفقاً لأحدث تصنيف من قائمة "لويدز"، علماً أنه في الآونة الأخيرة أدى صعود الصين السريع لتصبح أكبر مصدر للسيارات في العالم إلى إثارة قلق المنافسين الذين يشعرون بالقلق إزاء موجة جديدة من فقدان الوظائف على أيدي قوة صناعية عملاقة متقدمة.

ولن يؤدي ميناء شنتشن يانتيان إلا إلى زيادة منسوب القلق هذا، بعدما بدأ في تصدير السيارات من محطة جديدة تسمى شياومو في يناير/كانون الثاني 2023، حيث تم شحن 20 ألف سيارة في العام الأول. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، وصلت سفينة BYD Explorer 1⁠، وهي أول سفينة شحن تصنعها شركة بناء سفن صينية خصيصاً لتصدير السيارات الصينية، إلى هذا الميناء لتحميل المركبات المتجهة إلى أوروبا.

وتم بناء السفينة لصالح أكبر شركة لصناعة السيارات الكهربائية في الصين "بي واي دي"، التي تهيمن على السوق المحلية وتعزز الصادرات والاستثمارات الخارجية. وفي فبراير/شباط، أعلن سلطات شنتشن عن خطة لتوسيع قدرتها على صناعة السيارات، بما في ذلك دعم بناء المرحلة الثانية من المنطقة الصناعية التي تعتبرها شركة "بي واي دي" موطنها، وتكييف الإنتاج للأسواق الخارجية، وإنشاء شركات لتصدير السيارات المستعملة.

وكانت الرحلة الثانية لسفينة "بي واي دي" إلى أميركا الجنوبية، حيث رست في البرازيل في أواخر مايو/أيار المنصرم. أما السفينة الثالثة فقد غادرت ميناء شياومو في أوائل يوليو/تموز الفائت، متجهة إلى أوروبا مرة أخرى، حيث وصل إجمالي الصادرات حتى الآن هذا العام من هذا الميناء إلى أكثر من 30 ألف مركبة. لكن هذه مجرد البداية. إذ لدى "بي واي دي" سبع سفن أخرى تحمل سيارات تحت الطلب، وأعلنت في يوليو عن استثمار بقيمة 6.5 مليارات يوان (900 مليون دولار)، في المرحلة الثالثة من المجمع الصناعي.

أما الميناء المملوك للمدينة، فهو يقع على بعد 25 كيلومتراً فقط (15.5 ميلاً)، من المقر الرئيسي لشركة "بي واي دي" وأحد مواقع الإنتاج الرئيسية. وسيكون المصنع الجديد أقرب، وهو ما يعني أن الأمر سيستغرق خمس دقائق فقط حتى تصل السيارة الجديدة من المصنع إلى الميناء. أما الهدف فهو شحن ما يصل إلى 100 ألف سيارة من شياومو هذا العام، على أن يرتفع هذا الرقم إلى مليون سيارة سنوياً بحلول عام 2030، وفقاً لما نقلت بلومبيرغ عن سلطات المدينة.

المساهمون