استمع إلى الملخص
- أكد وزير المالية أن 30% من الإنفاق للاستثمار لتعزيز التنمية، مع تخفيض العجز إلى 21% واعتماد سياسة مالية توسعية لزيادة الإنتاج والإنفاق، وتخصيص 4300 مليار للاحتياطات الاستثمارية.
- يرى الاقتصاديون أن الموازنة تفتقر لتحديد الموارد والمؤشرات الاقتصادية، ويعتبرون السياسة التوسعية غير واقعية بسبب ضعف القدرة المالية وتلاشي الاحتياطي، مشددين على تحسين مستوى معيشة السوريين.
من دون ذكر الموارد التي يمكن أن تسدّ بها حكومة بشار الأسد آلاف المليارات، حدّد المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي في رئاسة الوزراء بسورية الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة السورية العامة للدولة لعام 2025 بمبلغ 52.6 مليار ليرة سورية، موزّعة على 37 ألف مليار للإنفاق الجاري و15.6 ألف مليار للإنفاق الاستثماري، بنسبة نمو 48% مقارنة بموازنة عام 2024. (الدولار = 14650 ليرة).
ويقول المستشار الاقتصادي أسامة قاضي إن ادعاء زيادة الموازنة السورية "مضلّل" لأسباب عدة، أهمها أن حكومة الأسد، وقبل أيام من تحديد الموازنة العامة للدولة، أقرّت زيادة سعر الصرف في الموازنة من 11500 ليرة سورية للسنة المالية 2024 إلى 13500 ليرة للدولار للسنة المالية 2025، معتبراً أن "وهم الزيادة" يشبه ما قيل خلال إقرار موازنة العام الجاري وأنها بزيادة تعادل 115 في المائة مقارنة بموازنة 2023.
ويضيف قاضي لـ"العربي الجديد": "لو لم نغرق في أوهام الزيادات بالموازنة لنسأل من أين ستأتي حكومة الأسد بهذه المليارات، بواقع عجز الميزان التجاري وتراجع موارد السياحة وتراجع الإنتاج وتحصيل الضرائب، أم إن مبالغ الموازنة للترويج أن سورية بخير وتقر الموازنة السورية قبل انتهاء العام"، مشيراً إلى أن سورية لا تصدر "قانون قطع حسابات الموازنة"، ما يعني أن لا أحد يعرف نسبة التنفيذ من الموازنة، معتبراً أن العجز تقديري ويتراكم خلال عشر سنوات.
ويرى قاضي، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، أن ما قيل عن زيادة مبالغ الدعم الاجتماعي "معونة، دعم إنتاج زراعي، طاقة، ومواد تموينية" أيضاً مضلّل خلال مقارنته بموازنة عام 2024، لأن سعر صرف الليرة تراجع بأكثر من 500 ليرة مقابل الدولار خلال العام الجاري وتضخم أسعار المنتجات بارتفاع مستمر. وبحسب اجتماع المجلس الأعلى للتخطيط، فقد جرى اعتماد مبلغ الدعم الاجتماعي بـ8325 مليار ليرة خلال الموازنة السورية لعام المقبل.
وكان وزير المالية بحكومة الأسد رياض عبد الرؤوف قد أكد أنه جرى توجيه 30% من الإنفاق لإنفاق استثماري، بمعنى أنه جرى توجيه حصة جيدة لإنفاق يزيد من مستوى الإنتاج في الاقتصاد السوري لإنفاق ذي قيمة مضافة يمكن أن يساهم بنسبة كبيرة بتعزيز معدلات التنمية الاقتصادية، في حين بلغ الإنفاق على الأغراض الجارية ما نسبته 70%.
وحول العجز يُضيف الوزير خلال تصريح أول من أمس، بعد تحديد المجلس الأعلى للتخطيط حجم الموازنة السورية الجديدة، إن العجز في الموازنة هو أحد أهم المؤشرات ضمن الموازنة العامة للدولة لعام 2025، فقد جرى تخفيض نسبة العجز إلى 21%، التي كانت في السنة الماضية في مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2024 نسبة 26%.
وسبقه رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الأعلى للتخطيط محمد غازي الجلالي بالقول: نحرص على اعتماد سياسة مالية توسعية إلى أقصى الحدود الممكنة والمحكومة أيضاً بقدرات التمويل المتوفرة، بما في ذلك حدود التمويل بالعجز، فالحكومة تستهدف تقديم جرعة إضافية لتحريك عجلة الإنتاج الوطني، وكذلك تحريك الطلب الكلي من خلال زيادة الإنفاق العام والخاص.
واعتبر الجلالي خلال تصريحات أن تصميم مشروع الموازنة العامة للدولة ينطوي على بنية ديناميكية ومرنة تراعي متطلبات حالة عدم الاستقرار التي يشهدها الاقتصاد الوطني والإقليمي والدولي، حيث تم رصد اعتماد للاحتياطات الاستثمارية 4300 مليار ليرة، وهذا ما سيتيح للحكومة التفاعل والاستجابة مع أي مستجدات طارئة على صعيد الإنفاق الاستثماري خلال السنة المالية 2025 على مبدأ إدارة الاستثمار والمخاطر.
وحول مشاركة القطاع الخاص بالاقتصاد، يشير الجلالي إلى أن مشروع الموازنة يعطي رسالة مباشرة وواضحة إلى الشركاء الوطنيين، ولا سيما في القطاع الخاص الوطني، بأن الحكومة تنظر بعين الشراكة الواسعة والبناءة مع هؤلاء الشركاء كافة وأن دورهم الاقتصادي والاجتماعي هو دور محوري وجوهري ولا يمكن لاعتمادات الموازنة العامة للدولة وحدها أن تنهض بالمسؤوليات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية "القطاع الخاص شريك موثوق وستقدم الحكومة كامل الدعم الممكن لتفعيل طاقات هذا القطاع وضمان أعلى مساهمة ممكنة في الدخل القومي".
ويرى الاقتصادي السوري عبد الناصر الجاسم أن موازنة العام المقبل تتشابه مع سابقاتها لجهة غياب تحديد الموارد والمؤشرات الاقتصادية الضرورية، من نسبة نمو الناتج الإجمالي والتضخم والبطالة، وكيف لحكومة الأسد معالجة تلك المشاكل، عبر تخصيص أموال ضمن الموازنة.
وحول ما قاله رئيس الوزراء الجلالي من اعتماد سياسة توسعية، يضيف الجاسم لـ"العربي الجديد" إن هذا الطرح "رغبوي وغير واقعي" لأن التوسع يتطلب قدرة مالية من الدولة ومعروف مدى معاناة حكومة الأسد وتلاشي الاحتياطي بالمصرف المركزي، والتوسع يعني فائدة مصرفية منخفضة والتضخم بسورية لا يسمح بذلك كما يتطلب أموالاً تضخ بالاقتصاد، فضلاً عن قدرة السوريين الشرائية، معتبراً أن غياب وضع السوريين المعاشي ومستوى الفقر عن الموازنة أهم ثغراتها.
ويضيف الاقتصادي السوري أن أحلام الموازنة أو رئيس حكومة الأسد بزيادة الإنتاج الوطني هو نتيجة وليس منطلقاً، ويحتاج للثقة أولاً ولتوفر مناخ مناسب للعمل والإنتاج، وذلك بعد تأمين مستلزمات الإنتاج "كيف لبلد لا يوجد فيه مواد أولية أو حوامل طاقة أن يفكر بزيادة الإنتاج".
ويؤكد عبد الناصر الجاسم ضرورة تحسين مستوى معيشة السوريين أولاً، وبعد ذلك يمكن البحث بالمؤشرات الاقتصادية والقضايا الكبيرة، لأن السوريين برأيه عاجزون اليوم عن تأمين الخبز بواقع أجور متدنية وتكاليف معيشة مرتفعة.
وكانت سورية قد أقرت العام الماضي موازنة عام 2024 بقيمة 35500 مليار ليرة، موزعة على 26500 مليار ليرة للإنفاق الجاري و9000 مليار ليرة للإنفاق الاستثماري، في حين زاد إجمالي العجز في الموازنة عن 9404 مليارات ليرة.