المنح الخارجية للأردن: تراجع كبير يلقي بثقله على الاقتصاد

13 فبراير 2021
تداعيات كورونا عمّقت الأزمة الاقتصادية (فرانس برس)
+ الخط -

تراجع حجم المنح الخارجية التي يحصل عليها الأردن سنوياً من دول عربية وأجنبية اعتباراً من العام الحالي، مع انحسار قيمة المعونات السنوية التي يقدمها المانحون للبلدان الفقيرة وفق برامج ومخصصات مالية.

وقال مقرر اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني ضرار الحراسيس في تصريح خاص لـ "العربي الجديد" إن مشروع موازنة الأردن للعام 2021 والذي سيبدأ النواب بمناقشته اعتبارا من الأحد، يظهر أن حجم المنح المتوقع الحصول عليها هذا العام يقدر بحوالي 813.3 مليون دينار مقابل 1.2 مليار دولار العام الماضي بانخفاض نسبته 32.2 في المائة.

وشرح أن المنح هذا العام قادمة من الولايات المتحدة بحوالي 475 مليون دولار مقابل 845 مليون دولار للعام الماضي بالإضافة إلى منح أخرى متوقع الحصول عليها من الاتحاد الأوروبي والصندوق الخليجي للتنمية.

وأضاف النائب الحراسيس أنه استناداً إلى المعطيات الواردة في الموازنة العامة فإن الانخفاض الكبير في حجم المنح يعود الى التراجع المتوقع والكبير في مقدار المنحة الأميركية والتي تشكل حصة الأسد من المعونات التي يحصل عليها الأردن.

وأكد على أهمية الانتباه الى ضرورة الاعتماد على الذات خلال السنوات المقبلة من خلال اتباع سياسات اقتصادية حصيفة تركز على تحفيز الاستثمار ومحاربة التهرب الضريبي لزيادة الإيرادات المحلية.

ولفت إلى أن هذا الحل أساسي لتعويض تراجع المنح الخارجية التي يعتمد عليها الأردن منذ سنوات طويلة لتخفيض عجز الموازنة وتمويل تنفيذ مشاريع ذات أولوية في قطاعات مختلفة. وبيّن الحراسيس أن اللجنة المالية في مجلس النواب أقرت تخفيض حجم الموازنة للعام الحالي بحوالي 208 ملايين دولار وذلك في ضوء المناقشات التي أجرتها اللجنة لمشروع الموازنة المحال من الحكومة.

وبحسب تقرير اللجنة المالية فقد جاء التخفيض في النفقات الجارية "غير الحميدة" على حد وصفها مثل المحروقات والكهرباء والمياه واستخدام السيارات الحكومية وبند السفر. ومن المتوقع أن تسجل الموازنة عجزاً بقيمة 2.05 مليار دينار (2.89 مليار دولار) بعد المنح، فيما الهدف الرئيس للموازنة البالغة 9.9 مليارات دينار (14 مليار دولار)، هو صيانة الاستقرار المال وفقا لتصريحات وزير المالية محمد العسعس.

وتمثل الضرائب غالبية الإيرادات المقدرة في مشروع موازنة والبالغة 11.1 مليار دولار منها 10.3 مليارات دولار إيرادات محلية. وقالت وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية إنها تقوم باستقطاب المساعدات الخارجية بمختلف أنواعها لتمويل عمليات التنمية في الأردن وفقاً للأولويات التنموية المعتمدة في البرامج والخطط الوطنية.

وأضافت في تقرير لها أن من أهم شركاء الأردن التنمويين الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ‏واليابان، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والنرويج، والدنمارك، والسويد، وكوريا الجنوبية، والسعودية والإمارات والكويت وغيرها. وأشارت الى أنه يوجد منح تقدم كدعم مباشر لخزينة الدولة بحيث يتم من خلالها الإنفاق على المشاريع والبرامج التنموية الواردة في قانون الموازنة العامة، أو أن يتم رصدها كمخصصات إضافية لموازنات الوزارات التي ستقوم بتنفيذ مشاريع قطاعية معينة.

وشرحت أنه يتم تحويل هذه المنح على دفعات لحساب الخزينة العامة، وترتبط بتحقيق عدد من المؤشرات التعاقدية وحسب اتفاقيات التمويل الخاصة بذلك، وبناءً على التقدم المحرز في تنفيذ الإصلاحات والاستراتيجيات.

وتعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي وكندا، أبرز الدول التي تقدم هذا النوع من المنح. كما أن هنالك منحا موجهة لتحقيق أولويات تنموية وهي المنح التي توجه لتمويل برامج ومشاريع تنموية ذات أولوية ضمن البرامج التنموية التنفيذية تدار وتنفذ من قبل الجهة المانحة مباشرة إضافة الى منح الإضافية لدعم خطط الاستجابة الأردنية للأزمة السورية.

وتعد خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية هي الخطة الوطنية الأولى من نوعها ونموذج عالمي يحتذى به في التعامل مع أزمات اللجوء حيث إنها تشمل محور الاستجابة لاحتياجات اللاجئين الإنسانية واحتياجات الأردن التنموية ضمن إطار شمولي موحد.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ" العربي الجديد" إنه تم التحذير في السنوات السابقة من مخاطر الانخفاض المفاجئ للمنح الخارجية التي يعتمد عليها الأردن بشكل كبير. وأضاف أن الانخفاض في حجم المنح كان متوقعا منذ سنوات ورغم أن الحكومة أكدت سابقا أنها بدأت مرحلة الاعتماد على الذات، إلا أن الواقع المالي للموازنة يخالف هذه الادعاءات تماماً، حيث ما زال العجز مرتفعاً ولم تتم السيطرة عليه، إذ مع حسم المنح الخارجية يبلغ ضعف الرقم المقدر.

ولفت عايش إلى أن الظروف المحيطة وأزمة كورونا الطارئة العام الماضي عمقت الأزمة الاقتصادية كما هو حال العالم أجمع، لكن كان يفترض التعامل بجدية مع احتمالات انخفاض المنح منذ عدة سنوات. وبحسب بيانات وزارة التخطيط فقد بلغ حجم المساعدات الخارجية من (منح وقروض ميسرة) الملتزم بها من مختلف الدول والجهات المانحة والتمويلية والتي تم توقيع اتفاقياتها خلال الفترة 2009 - 2019 نحو 26 مليار دولار.

المساهمون