يترقب المغرب استقرار أسواق الدين العالمية، لطرح سندات يجلب بمقتضاها تمويلاً لمواجهة عجز الموازنة العامة، وتأثر الاقتصاد بتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، وتراكمات جائحة كورونا.
وبينما عزفت الدولة عن طرح سندات دولية العام الجاري، فإن مشروع موازنة العام المقبل 2023 يكشف عن مراهنة المغرب على الاقتراض الخارجي عبر هذه الأدوات التمويلية، ما دفع خبراء اقتصاد إلى المطالبة بالبحث عن أدوات تمويلية بديلة بعيداً عن الاستدانة.
يقول الخبير الاقتصادي المغربي محمد الرهج، لـ"العربي الجديد"، إن مديونية الخزانة العامة في شقيها الداخلي والخارجي تواصل الارتفاع منذ انتشار وباء كورونا، حيث تجاوزت الهدف الذي كان محدداً ببلوغها 60% من إجمالي الناتج الداخلي. ومن المتوقع أن يصل إجمالي الدين العام إلى 69.2% من الناتج المحلي بنهاية العام الجاري وحوالي 69.1% العام المقبل.
ويتجلى من بيانات موازنة العام المقبل أن الاعتمادات المرصودة المرتبطة بفوائد وعمولات الدين العمومي ستصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار، بزيادة تصل إلى 190 مليون دولار مقارنة بالعام الحالي، بينما من المرتقب أن تصل موارد القروض المتوسطة والطويلة الأجل في العام المقبل، إلى حوالي 12.9 مليار دولار.
لكن تحصيل الأموال من المقرضين الدوليين لن يكون سهلا، وفق محللين، خاصة في ظل الظروف الحالية المتسمة بعدم وضوح الرؤية الاقتصادية المحلية، نظراً لارتفاع أسعار المواد الأولية وضعف تساقط الأمطار وارتفاع التضخم، ما يدفع المستثمرين الدوليين إلى التحوط في الإقراض.
وبينما لجأ المغرب إلى الحصول على تمويلات من مؤسسات دولية منها البنك الدولي، إلا أنه تجنب طرح سندات في الأسواق الدولية.
ووفق وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، في تصريحات بالرباط، الثلاثاء الماضي، فإن المغرب لم يقدِم على هذه الخطوة بسبب عدم استقرار الأسواق المالية الدولية، مضيفة أن جزءا مهما من القروض الخارجية سيؤمن عبر الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف. غير أنها أشارت إلى استمرار الحكومة في جس نبض الأسواق المالية الدولية إلى غاية نهاية العام، حيث يمكن طرح سندات في حالة ظهرت فرصة مواتية.
ويعتبر الخبير الاقتصادي الرهج، أن الحكومة تعول على خط السيولة والوقاية من صندوق النقد الدولي، والذي يبقى مرهونا بالخروج من اللائحة الرمادية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مؤكدا أن المراهنة على الخط تأتي في سياق ارتفاع معدلات الفائدة ومنع المخاطر في حال طرح سندات في السوق الدولية.
كانت مجموعة العمل المالي الدولية "فاتف" قد أبقت، في وقت سابق من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، على المغرب ضمن ما تعرف باللائحة الرمادية لغسل الأموال، وهو ما يعني بقاء الدولة قيد المراقبة، إلا أن الرباط أشارت إلى ترقبها زيارة خبراء المجموعة من أجل الوقوف على ما أنجز بهدف الخروج من تلك اللائحة.