أفضت مشتريات المغرب من الصويا والحبوب إلى ارتفاع فاتورة وارداته من الغذاء، وهي فاتورة يرتقب أن تقفز إلى مستويات عالية، في ظل السعي لتأمين مخزون استراتيجي من السلع الغذائية.
وتفيد بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، بأن فاتورة مشتريات الغذاء ارتفعت بنسبة 3.24 بالمائة، في الربع الأول من العام الحالي، لتقفز إلى حوالى 1.2 مليار دولار.
ويتجلى أن مستوى فاتورة الغذاء في تلك الفترة يعزى إلى مستوى المشتريات من الشعير التي قفزت من 25 مليون دولار في مارس من العام الماضي، إلى 140 مليون دولار في الفترة نفسها من العام الحالي.
كذلك زادت واردات القمح بنسبة 4.11 في المائة إلى 500 مليون دولار، بينما ارتفعت مشتريات الصويا بنسبة 7.43 في المائة، لتبلغ 240 مليون دولار.
وينتظر أن ترتفع فاتورة الغذاء أكثر في الفترة المقبلة، بعد تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على واردات المغرب من السلع الفلاحية الأساسية، التي يرتقب أن ترتفع أكثر في ظل الجفاف الذي تعرفه المملكة في العام الحالي.
ويتطلع المغرب إلى تكوين مخزون من السلع الأساسية، حيث كان وزير الفلاحة، محمد الصديقي، قد كشف عن التوجه نحو تكوين مخزون ثانٍ من القمح اللين بعد ضمان مخزون يغطي خمسة أشهر من الاستهلاك.
وينتظر أن ترتفع فاتورة استيراد القمح أكثر في العام الحالي بسبب الجفاف الذي ينتظر أن يخفض محصول الحبوب بشكل ملحوظ، ما سينعكس على القيمة المضافة الزراعية التي ستتراجع بنسبة 14 بالمائة، حسب المركز المغربي للظرفية.
غير أن الظرفية المهتمة بالحرب في أوكرانيا، بما نجم عنها من ارتفاع في أسعار القمح في السوق الدولية، ستؤدي إلى فاتورة واردات قياسية في العام الحالي، ما يطرح تساؤلات عن تحقيق الأمن الغذائي، في سياق متسم بسعي المملكة لتأمين مخزون استراتيجي من السلع الأساسية والطاقة.
ويشير الخبير في القطاع الزراعي والرئيس السابق للجامعة الوطنية للفلاحة محمد الهاكش، إلى أن التطلع إلى تحقيق الأمن الغذائي المرتبط بالقدرة على التوافر على المال من أجل شراء السلع الأساسية للخارج، يفترض أن يعاد فيه النظر في ظل التحديات التي كشفت عنها الحرب وقبلها التغيرات المناخية.
ويتصور الهاكش أن الأزمات المرتبطة بالمناخ أو الأزمات السياسية في العالم يجب أن تدفع بلداً مثل المغرب إلى مقاربة السياسة الزراعية من زاوية السيادة الغذائية التي تعني إنتاج السلع الأساسية التي يوجه لها الطلب اليومي مثل القمح والزيوت واللحوم عوض التركيز في تلك السياسة على المنتجات الموجهة للتصدير.
ودفعت الظرفية الحالية المغرب إلى البحث عن تأمين حاجيات من السلع الأساسية. فقد أعلنت وزارة الفلاحة عبر المكتب الوطني للحبوب والقطاني عن طلب عروض من أجل استيراد ثلاثة ملايين قنطار من القمح اللين ومليون قنطار من القمح الصلب.
ويذهب مهني فضّل عدم ذكر اسمه، أن المستوردين يراقبون السوق التي تضاعفت فيها أسعار الحبوب في الفترة الأخيرة، ويتخوفون أن يوفروا مخزوناً منها وتنخفض الأسعار بعد ذلك، ما قد يكبدهم خسائر مالية.
وفيما يعرف المغرب ارتفاع أسعار الزيوت، يتجه نحو بعث زراعة النباتات الزيتية التي لا تغطي سوى 2 في المائة من الحاجيات الوطنية، ما دفع وزارة الفلاحة إلى التوجه نحو التفكير في إبرام عقود مع المنتجين، بما يساعد على تغطية 50 في المائة من الحاجيات.