قفزت أسعار البنزين والسولار في المغرب إلى مستويات قياسية في فبراير/ شباط الجاري، وسط توقعات بمواصلة زيادتها بسبب المستويات المرتفعة التي بلغتها في السوق العالمية.
ويتجلى من الأسعار في بعض محطات الدر البيضاء أن السولار قفز إلى 10.88 دراهم والبنزين إلى 12.50 درهماً، وهي أسعار غير مسبوقة في السوق. ويبدو أن أسعار السولار الأكثر استهلاكا بالمغرب تجاوزت كلّ المستويات التي بلغتها منذ بداية تحريرها منذ ستة أعوام، حين لم تكن تتجاوز سقف العشرة دراهم.
وقد شهدت أسعار السولار في فترة الحجر الصحي انخفاضا إلى 7 دراهم (الدولار = نحو 9.3 دراهم)، قبل أن تعود للارتفاع تدريجياً بعد رفع ذلك التدبير.
ويرجح أن ترتفع أسعار السولار والبنزين في الأشهر المقبلة بالنظر إلى زيادة الطلب العالمي على النفط. ويعتبر الباحث المشارك بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد بالرباط فرانسيس بران، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ ارتفاع الأسعار في السوق الدولية مرده إلى صعود الطلب الذي لا يواكبه العرض مع مخزونات دولية منخفضة وتوترات جيوسياسية.
ويتصور بران، المتخصص في قضايا النفط، في سياق تحليله للوضعية الحالية، أنّ الأسعار ستبقى مرتفعة في السوق الدولية، غير أنّ الاستهلاك سيكون أقل من عام 2021، الذي تدارك فيه العالم الانخفاض الكبير للاستهلاك المسجل في 2020، معبراً عن الأمل في أن يرتفع العرض كي تهدأ الأسعار كما التوترات الجيوسياسية.
ويذهب الفاعل في مجال النقل حسن ايت الحاج، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ السولار المرتفع الثمن يزيد كلفة نقل السلع، ما من شأنه أن ينعكس على السعر النهائي الذي سيدفعه المستهلك النهائي.
ويشير إلى أنه إذا ما واصلت أسعار السولار ارتفاعها في الأشهر المقبلة، يفترض في الحكومة التدخل من أجل إيجاد حلول تخفف عن الأسر والمهنيين في سياق تراجع الإيرادات في ظل الأزمة الصحية.
وما زالت الحكومة لا تفصح عن موقفها تجاه الارتفاع المتواصل لأسعار السولار والبنزين، إذ يتساءل مراقبون حول ما إذا كانت السلطات العمومية ستتدخل من أجل كبح انفلات الأسعار.
ويمكن للدولة التدخل عبر تسقيف الأسعار، وهو التدبير الذي ينص القانون على سريانه لمدة ستة أشهر، قابلة للتجديد مرة واحدة، كي تعود الأسعار للخضوع لمنطق السوق طبقاً لقانون حرية الأسعار والمنافسة، غير أنّ التسقيف كان مجلس المنافسة قد اعتبره غير فعال بالنظر لمحدودية أثره في الزمن.
وقد تطرح في السياق الحالي مسألة التحوط ضد تقلبات أسعار الغاز من أجل التخفيف من تأثير ذلك على فاتورة مشتريات المغرب من الخارج من منتجات الطاقة، التي يستورد منها 95 في المائة من حاجياته.
وتفيد بيانات مكتب الصرف بأنّ فاتورة واردات الطاقة ارتفعت في العام الماضي بنسبة 51.6 في المائة، لتصل إلى 8.1 مليارات دولار، ما ساهم في توسيع عجز الميزان التجاري.
يذهب الفاعل في مجال النقل حسن ايت الحاج، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ السولار المرتفع الثمن يزيد كلفة نقل السلع، ما من شأنه أن ينعكس على السعر النهائي الذي سيدفعه المستهلك النهائي
ويشير خبراء طاقة إلى أنّ الضريبة الداخلية على استهلاك منتجات الطاقة تساهم في زيادة الأسعار في المغرب، إذ يرونها مرتفعة، غير أنّه يتجلى أنّه سيصعب على الدولة خفض تلك الضريبة بالنظر للمداخيل التي تدرها على خزانة الدولة.
وبلغت إيرادات الضريبة على منتجات الطاقة في العام الماضي 1.8 مليار دولار، إذ ارتفعت بنسبة 20.1 في المائة مقارنة بالعام الذي قبله، حسب بيانات الخزانة العامة للمملكة.
ويتصور رئيس جبهة الدفاع عن مصفاة سامير المتوقفة منذ ستة أعوام الحسين اليماني أنّه يفترض في الحكومة إيجاد حل لمشكلة المصفاة عبر المساعدة على تشجيع الخواص لشراء أصول الشركة، حيث يتوجب عليها توضيح الرؤية بالنسبة للمستثمر الجديد المحتمل، ويرى أنّه يمكن للدولة أن تحوز تلك المصفاة على اعتبار أنها الدائن الرئيسي للشركة المالكة للمصفاة، وذلك بهدف إعادة تشغيلها وتوفير الوقود للسوق المحلية بأسعار معقولة والحفاظ على مناصب الشغل.
ويؤكد أن عدم تشغيل المصفاة عبر إيجاد حلّ للوضعية الحالية، بما يؤدي إليه من تغييب للتكرير في المغرب، سيفضي إلى ارتفاع الأسعار أكثر.