المغتربون يهرعون لمساعدة المغرب في اجتياز الكارثة

12 سبتمبر 2023
الأرياف الأكثر تضررا من الزلزال (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

لم يكف مغتربون مغاربة منذ الزلزال الذي ضرب المملكة عن السؤال حول كيفية إيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة من الزلزال، قبل أن يعلن عن حساب رسمي مساء الأحد، يمكن عبره تحويل المساهمات النقدية والعينية التضامنية من المغاربة المقيمين والمغتربين.
وتجلى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حجم التضامن الذي أبداه المغتربون المغاربة، حيث شرع بعضهم في شراء الأغطية والألبسة والغذاء والأدوية بهدف إرسالها إلى المناطق المتضررة بالمملكة.
ونقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صور مغتربين مغاربة ببلدان أوروبية، حيث يقيم حوالي ثلاثة ملايين مغترب، وهم يفدون على متاجر في تلك البلدان بهدف شراء بعض الحاجيات التي تخفف من المناطق المتضررة.
وتطوعت بعض شركات نقل المسافرين والسلع إلى المغرب من أوروبا، حيث اقترحت نقل المساعدات التي سيرسلوها المغتربون مجانا، حسب ما تجلى في اليومين الأخيرين.
وأعلن عن المصادقة على مشروع مرسوم، في المجلس الحكومي، يقضي بفتح حساب خاص، تحت اسم "الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال"، حيث سيتلقى المساهمات التطوعية التضامنية للهيئات الخاصة والعمومية والمواطنين.

وأوضحت وزارة الاقتصاد والمالية، مساء أول من أمس، طرق تحويل المساهمات للصندوق، حيث أُحدث رقمان مصرفيان لذلك، واحد للتحويلات الصادرة على المستوى الوطني، وآخر للتحويلات من الخارج، كما يمكن دفع المساهمات نقدا أو بواسطة شيكات مصرفية للمحاسبين العموميين التابعين للخزينة العامة للمملكة.
ويرتقب أن يأتي جزء مهم من المساهمات التضامنية من المغتربين في الخارج، الذين بلغت تحويلاتهم في العام الماضي مستوى قياسيا، حيث احتلوا المركز الثاني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد المغتربين المصريين.

وحسب بيانات رسمية، قفزت تحويلات المغتربي المغاربة إلى 10.7 مليارات دولار في نهاية العام الماضي، مسجلة مستوى غير مسبوق في تاريخ تلك التحويلات، ووجهتها الأساسية لدعم الأسر وتعزيز الودائع المصرفية والاستثمار.
ويقدّر عدد المغتربين المغاربة بحوالي 5 ملايين شخص، 85 في المائة منهم يقيمون في أوروبا، خاصة في فرنسا التي تحتضن حوالي 1.5 مليون مغترب، بينما يتوزع الباقي بين الولايات المتحدة وكندا وبلدان عربية.
وكانت تحويلات المغتربين كذبت التوقعات التي راهنت على تراجعها في ظل الجائحة، حيث تدفقت إلى مستويات، عوضت التراجع الحاد الذي شهدته إيرادات السياحة.
ويؤكد رئيس منظمة "ريميساس" التي تعني يتتبع تحويلات المغتربين، إنييغو موري، أن التضامن مع الأسر والأقارب كان حاسما في مواصلة تحويل الأموال من قبل المغتربين المغاربة في ظل جائحة كورونا.
ويذهب موري في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن المساهمات التضامنية التي ستأتي من المغتربين، ستوجه للأسر المتضررة في المناطق التي عرفت الزلزال، من أجل تأمين حاجياتهم الأساسية مثل الغذاء.

ويذهب إلى أن التحويلات ستوجه كذلك للصندوق الذي أحدث من قبل الحكومة أول من أمس، لمواجهة آثار الزلزال، حيث يسعى المغتربون للمساهمة في مجهود إعادة الإعمار والتخفيف عن الساكنة في المناطق المنكوبة.
ويعتبر الباحث في علم الاجتماعي القروي، حسن إد حمو، أن المناطق المتضررة عرفت بهجرة العديد من أبنائها منذ الستينيات من القرن الماضي إلى بلدان أوروبية، خاصة فرنسا وبلجيكا، وهم يحتفظون بروابط قوية مع مناطقهم، حيث سيسعون إلى إسعاف ذويهم وأقاربهم والمساهمة في صندوق لذي يراد من ورائه تضميد الجراح التي خلفها الزلزال.

غير أن الباحث يشدد في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أنه ليس فقط أبناء المنطقة من المغتربين وحدهم من سيهرعون للمساهمة في الصندوق، حيث يشير إلى أن موجة التعبير عن الموساة والحزن شملت كل المناطق بالمملكة، وهو ما دفع العديد من المغتربين إلى التعبير عن رغبتهم في مساعدة المتضررين في كافة المناطق.

ويأتي ذلك، وسط تكثيف السلطات المغربية تحركاتها من أجل التخفيف من تداعيات الزلزال وخاصة على الفئات الهشة. وجاء في بيان للديوان الملكي عقب الزلزال أن العاهل المغربي محمد السادس، أعطى تعليماته باﻹﺣداث اﻟﻔوري ﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑﯾن وزارﯾﺔ ﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑوﺿﻊ ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﺳﺗﻌﺟﺎﻟﻲ ﻹﻋﺎدة ﺗﺄھﯾل وﺗﻘدﯾم اﻟدﻋم، ﻹﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻧﺎزل اﻟﻣدﻣرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺿررة ﻓﻲ أﻗرب اﻵﺟﺎل.

وتقرر اﻟﺗﻛﻔل ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ وﺿﻌﯾﺔ ﺻﻌﺑﺔ، ﺧﺻوﺻﺎ اﻟﯾﺗﺎﻣﻰ واﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ وﺿﻌﯾﺔ ھﺷﺔ، والتكفل الفوري بكافة الأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، لا سيما في ما يرتبط بالإيواء والتغذية وكافة الاحتياجات الأساسية. وأكد البيان على ﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن ﺑﮭدف اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﻔوري ﻟﻸﻧﺷطﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ، وﻓﺗﺢ ﺣﺳﺎب ﺧﺎص ﻟدى اﻟﺧزﯾﻧﺔ وﺑﻧك اﻟﻣﻐرب ﺑﮭدف ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻣﺳﺎھﻣﺎت اﻟﺗطوﻋﯾﺔ اﻟﺗﺿﺎﻣﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣواطﻧﯾن واﻟﮭﯾﺋﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﻌﻣوﻣﯾﺔ.

المساهمون