لا يجد البائع في سوق "باشا جراح" الشعبي في العاصمة الجزائرية، عمر برزاق، تفسيراً للمستوى الذي بلغته أسعار الأسماك في الأسابيع الأخيرة، محاولاً إخفاء حرجه اتجاه الزبائن الذين يقصدونه منذ سنوات، مكتفيا بالقول في حديث مع "العربي الجديد" إنه "يحاول أن يضع هامش ربح صغيرا يسمح لزبائنه باقتناء ما يناسبهم ويضمن عودتهم للشراء منه".
وأكد برزاق أن "الأسعار ارتفعت في الحلقة الأولى من سلسلة البيع أي في الموانئ".
وجرت العادة على أن ترتفع أسعار الأسماك في الأيام والأسابيع التي تشهد تقلبات جوية، غير أن تلك الأسعار تأبى التراجع بعد أكثر من شهر على استقرار الأحوال الجوية، وعدم تساقط الأمطار منذ نهاية يناير/ كانون الثاني المنصرم.
وحسب التجّار، قفزت أسعار الجمبري من 2800 دينار (26 دولارا) للكيلوغرام إلى 3500 دينار (33 دولارا)، وسمك موسى من 1100 دينار (11 دولارا) للكيلوغرام إلى 1500 دينار (13 دولارا)، وهي زيادات تتجاوز ثُلث مستويات ما كانت عليه الأسعار قبل الشهر الأول من سنة 2021.
ويؤكد بائع السمك، سفيان لبراوي، أن الزيادات في الأسعار تراوحت، حسب الأسواق ما بين 5 و10 دولارات.
ويتهم البائع الصيادين والوسطاء وتجار الجملة بممارسة المضاربة لإبقاء الأسعار المرتفعة.
وتحولت أسعار السمك في الجزائر إلى قضية شغلت الشارع وانتقلت إلى منصات التواصل الاجتماعي، ثم إلى طاولة الحكومة، التي أمرها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، برفع تقرير مفصل له، يرصد أسباب القفزات في الأسعار، مع وضع حلول عاجلة لرفع العرض وكبح المضاربة.
ويرى ممثلو الصيادين أنهم أبرياء من الزيادات التي مست أسعار السمك الطازج، إذ أكد رئيس الفيدرالية للصيادين (نقابة الصيادين)، حسين بلوط، أن "موسم الصيد متوقف حاليا، كما أن بعض الصيادين يستعملون المتفجرات وشباك ممنوعة دوليا، أثرت على الثروة السمكية للجزائر".
وطالب بلوط الصيادين في تصريح لـ "العربي الجديد" " بتخفيض ثمنها عند بيعها لتجار الجملة والتجزئة، لتمكين المواطن من شرائها، بالنظر إلى الإقبال الكبير للعائلات عليها على اعتبار أنها تعد من الأطباق الأساسية، نظرا للفوائد الكبيرة التي تتوفر عليها الأسماك وأهميتها لجسم الإنسان، مع اعتماد سعر وطني موحد لكل صنف من الأسماك."
ولا تكف جمعيات حماية المستهلك، عن تنبيه المستهلكين إلى عدم الإقبال على الشراء في الفترات التي ترتفع فيها الأسعار، محذرة من غش المستهلك بسبب ارتفاع الطلب من قبل القطاع غير الرسمي، خاصة على المنتجات مثل الأسماك.
غير أن الجمعيات ترى أن المستهلك يتحمل قسطاً من المسؤولية في ارتفاع أسعار المنتجات واسعة الاستهلاك.
أكد رئيس الفيدرالية للصيادين (نقابة الصيادين)، حسين بلوط، أن موسم الصيد متوقف حاليا، كما أن بعض الصيادين يستعملون المتفجرات وشباك ممنوعة دوليا، أثرت على الثروة السمكية للجزائر
وإلى ذلك قال رئيس الجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، أن "الكل يتحمل المسؤولية في ارتفاع أسعار السمك وكل المنتجات، ولعل المسؤولية الأكبر تقع على المستهلك لأنه آخر حلقة، فلو قاطع الجزائريون شراء السمك لتضررت تجارة الصيادين والوسطاء".
وأضاف زبدي لـ "العربي الجديد" أن "الصيادين يلجئون إلى رمي الأسماك في البحر عوض إدخالها إلى الأسواق وذلك لإبقاء العرض أقل من الطلب وبالتالي الحفاظ على الأسعار مرتفعة، وكل هذا وسط غياب للرقابة من الجهات الرسمية، وغياب ثقافة الاستهلاك لدى الجزائريين، الذين لم يتبنوا بعد ثقافة المقاطعة لمعاقبة التجار ومن يقف خلفهم".
يذكر أن الجزائر تنتج سنويا أقل من 250 ألف طن، بالرغم من امتداد الشريط الساحلي الجزائري على طول 1200 كيلومتر، ما جعل الجزائر تستنجد باستيراد الأسماك المجمدة من فيتنام والصين، غير أنه منذ بداية السنة لم تدخل التراب الجزائري أي سمكة مجمدة بعدما جاءت الأسماك المجمدة في قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد.