المصارف اللبنانية تستأنف "نشاطها" والحكومة "تسيّر" شؤون المواطنين

27 فبراير 2023
جاء القرار بعد لقاء أعضاء جمعية المصارف ميقاتي يوم الجمعة (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

فتحت المصارف اللبنانية أبوابها، اليوم الاثنين، بعد اقفال جزئي استمرّ منذ 7 فبراير/شباط الجاري بناءً على تمنّي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي توجهت إليه أصابع الاتهام، الأسبوع الماضي، بالتدخل السافر في عمل القضاء حمايةً للقطاع المصرفي.

وجاء قرار البنوك استئناف نشاطها لمدة أسبوع فقط مشروطاً باتخاذ السلطة القضائية كل الإجراءات الآيلة إلى تصحيح الخلل في المرفق العام القضائي، وفق تعبير جمعية المصارف، التي التقى أعضاؤها ميقاتي يوم الجمعة الماضي، وحصلوا منه على تعهّدات بحلّ أزمتهم، باعتبار أن كتابه بحق النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون بكف يدها عن ملف المصارف غير كافٍ.

وقال مصدرٌ مصرفيٌّ لـ"العربي الجديد"، إن "خدمات المصارف فتحت بالكامل أمام المواطنين والمؤسسات، اليوم، وكافة العمليات استؤنفت، وقد أُبلغ الموظفون بجميع الأقسام بالتوجه إلى الفروع في مختلف المناطق اللبنانية، على أن يبقوا على اطلاع على أي جديد فور حدوثه".

وأشار المصدر إلى أن "بعض المصارف لا تزال تفرض شرط الحصول على موعدٍ مسبق قبل توجه المودع أو العميل إلى البنك، وأخرى تستقبل الزبائن خلال أوقات ودوامات عملها، لكن ضمن إجراءات إدارية وأمنية خاصة، تفادياً للزحمة وأي احتكاك ممكن أن يحصل".

ولفت المصدر إلى أن "عودة المصارف كما بات معلوماً مشروطة، وأمام السلطة السياسية والقضائية مدة أسبوع لإيجاد حلّ للملاحقات القضائية بحق البنوك التي تؤثر عليها كثيراً وتضرب أكثر سمعتها ولا سيما في الخارج وتهدّد علاقاتها مع المصارف المراسلة، وبعد حلول الأجل المحدد، لكل حادث حديث".

وقال محامي جمعية المصارف أكرم عازوري، يوم الجمعة الماضي، إنه "بناءً لتمني رئيس الحكومة، وتحسّساً من المصارف بالأوضاع الاقتصادية الصعبة وبضرورة تأمين الخدمات المصرفية لكافة المواطنين في نهاية الشهر، قررت الجمعية تعليق الاضراب مؤقتاً ولمدة أسبوع، على أن تدعى الجمعية العمومية للمصارف في آخر الأسبوع على ضوء ما يتحقق عملياً من إجراءات على الأرض لتصحيح الخلل في المرفق العام القضائي الذي كان السبب الأساسي للإضراب".

وأضاف عازوري: "نحن نخضع للقانون، وقد أبلغنا السلطات القضائية والسياسية بأن هناك خللاً بحسن سير المرفق العام القضائي تعاني منه المصارف منذ أكثر من سنة، وعلى السلطة بشقيها القضائي والسياسي أن تأخذ الإجراءات لتصحيح الخلل".

في المقابل، يؤكد معنيون بملفات المودعين من جمعيات وروابط، أنهم لن يسكتوا على عملية الابتزاز التي تمارسها المصارف وبدعم علني من السلطة السياسية، وسيكونون بالمرصاد للجم أي حماية قضائية للبنوك، كما أنهم سيتحركون قضائياً في حال قررت المصارف العودة إلى الإقفال كما تلوّح إذا لم يتم الرضوخ لشروطها.

جلسة حكومية لتسيير شؤون المواطنين

وعلى الرغم من فتح المصارف أبوابها، لا يزال سعر صرف الدولار في السوق السوداء يسجل أرقاماً مرتفعة، حيث تراوح، صباح الاثنين، بين 80 و82 ألف ليرة، وذلك فيما يعقد مجلس الوزراء أيضاً جلسة في السراي الحكومي برئاسة ميقاتي وتتصدر الملفات المالية جدول أعمالها، ولا سيما المرتبطة بالقطاع العام.

وفي مستهل الجلسة التي يقاطعها بشكل أساسي وزراء "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل اعتراضاً على انعقادها بظل الشغور في سدة الرئاسة الأولى، قال ميقاتي إن وجودنا اليوم لتسيير الشؤون الملحة للمواطنين والإبقاء على سير المرافق العامة، ولن نترك فرصة للتعاون مع جميع المعنيين لإنقاذ الوضع الاقتصادي والحرص على الودائع المصرفية والاستقرار والتوازن المالي.

وأكد ميقاتي احترام القضاء وعدم التدخل في أي أمر يتعلّق بشؤونه، ولكن هناك أموراً تتعلق بالمصلحة الوطنية اللبنانية العليا وبمسار القضاء، ما يؤثر على سير العدالة، مشيراً إلى أنه "اتخذنا إجراء معيناً لا أحد يمكنه معالجة مضامينه إلا القضاء نفسه، وعندما يقوم القضاء بتنقية نفسه من الشوائب ومعالجة الشطط، ينتفي لزوم القرار الذي اتخذناه، والذي تشاورت بشأنه مسبقاً مع كل القضاة المعنيين".

وأضاف أنه "في الظروف الاستثنائية هناك قرارات استثنائية يجب أن تتخذ، ولا يجب أن يفكر أحد أننا نحمي شخصاً أو أفراداً، هدفنا حماية القطاع المصرفي لكونه ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد، وبالتالي نريد أن تتم تنقية هذا القطاع ومعالجة شؤونه من خلال مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف الذي تقدمنا به من مجلس النواب".

وتابع ميقاتي: "على جدول أعمالنا بند يتعلق بإعطاء الإدارة العامة تعويضات بدل إنتاجية، وفي هذا الإطار أؤكد للمتقاعدين وخاصة العسكريين، الحرص على إعطائهم حقوقهم، وفق الصلاحية الممنوحة لنا من مجلس النواب وبناء على قرار مجلس الوزراء، وقد اجتمع وزير المالية مع المدير العام لتعاونية الموظفين للبحث في تعزيز التقديمات".

ولفت ميقاتي إلى أن الأولوية تبقى لانتخاب رئيس الجمهورية لكون هذا الانتخاب هو المدخل لإعادة انتظام العمل العام خاصة في هذه الظروف الصعبة وإعطاء البلد فترة سماح لإعادة استنهاضه.

على صعيدٍ آخر، أشار ميقاتي إلى أنه اجتمع مع شركة توتال الفرنسية التي أكدت أن مسار عملها يسير كما هو مقرّر ومجدول، وأنها بصدد البدء بكل الاختبارات اللازمة للبدء بعملية استخراج النفط والغاز.

مقررات المجلس

ووافق مجلس الوزراء اللبناني على طلب وزير المالية الموافقة على جباية الواردات كما في السابق، وصرف نفقات اعتباراً من الأول من فبراير/ شباط الجاري ولغاية صدور موازنة عام 2023 على أساس القاعدة الاثني عشرية.

كذلك، تمت الموافقة على البند المتعلق بالأساتذة والقاضي بتخصيص 5 ليترات بنزين كبدل نقل، بينما تم تأجيل الأمور التي تتعلق بالتعويضات ومنها تعويض إنتاجية الموظفين.

وقد شكلت خلية أزمة في وزارة المالية لدراسة الموضوع من مختلف جوانبه يراعي تأمين الحد الأدنى من مقومات العمل في القطاع العام، ووضع المالية العامة مع ما يتناسب مع الأموال التي يفترض أن تصرف كمساعدات وتعويضات.

كما تمت الموافقة على إعطاء سلفة خزينة بقيمة 469 مليار ليرة لبنانية إلى هيئة أوجيرو (اليد التنفيذية لوزارة الاتصالات في لبنان) لتمكينها من سداد رواتب وأجور العاملين لديها في النصف الأول من العام 2023.

ووافق مجلس الوزراء بحسب ما أذاع وزير الإعلام زياد مكاري على طلب الهيئة العليا للإغاثة استكمال أعمال مسح الأبنية المتصدعة وغير القابلة للسكن، نتيجة الهزة الأرضية أو العوامل الطبيعية من قبل البلديات.

وتأمين سلفة بقيمة 100 مليار ليرة لبنانية بدل إيواء للوحدات التي توصي لجان الكشف بإخلائها، على أن يحدد بدل الإيواء بقيمة 30 مليون ليرة لبنانية عن مدة ثلاثة اشهر، يشمل كل وحدة سكنية مأهولة ومتضررة ومصنفة غير صالحة للسكن، إضافة إلى الطلب من الإدارات العامة الكشف على المنشآت التابعة لها، وإيداع تقرير مفصل بالموضوع لدى الهيئة العليا للإغاثة.

ووافق مجلس الوزراء على عقد استقراض مبلغ 50 مليون دولار بفائدة قدرها 4 بالمائة يخصص لدفع المبالغ المستحقة للمنظمات الدولية.

المساهمون