رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس، وهي أول زيادة منذ 11 عامًا والأكبر منذ عام 2000 بحسب وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، في الوقت الذي يواجه فيه ارتفاعًا في التضخم مع تصاعد مخاطر الركود.
مع تعرض إيطاليا لنوبة جديدة من الاضطرابات السياسية، كشفت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد وزملاؤها عن أداة يأملون أن تضمن ألا تدفع الأسواق تكاليف الاقتراض بقوة في الاقتصادات الضعيفة، كما حدث في عام 2012 عندما كان وجود اليورو ذاته موضع تساؤل.
وبذا، انضم البنك المركزي الأوروبي إلى المسيرة العالمية لمكافحة التضخم برفع كبير وغير متوقع للفائدة.
وجاء القرار خلال اجتماع لمجلس محافظي البنك المؤلف من 25 عضوًا، اليوم الخميس، في الوقت الذي يواجه فيه البنك مسارًا صعبًا حول ما إذا كان الاندفاع إلى زيادة كلفة الائتمان سيدفع أوروبا إلى الركود على حساب مكافحة التضخم القياسي أم لا.
يقول البنك إنّ الزيادة الأكبر من المتوقع كانت مبررة من خلال "تقييم محدث لمخاطر التضخم".
وبلغ معدل التضخم في منطقة اليورو 8.6% في يونيو/ حزيران، وهو أعلى مستوى في تاريخ المنطقة التي تستخدم العملة الموحدة ويعد أعلى بكثير من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%.
أزمة مترابطة
ويأتي رفع معدلات الفائدة رداً على ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، مدفوعاً بتعطل سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتخيّم الحرب في أوكرانيا على توقعات الاقتصاد في وقت تستعد فيه دول منطقة اليورو لشتاء قد يشهد شحاً في الطاقة وتخطط للتقنين في استهلاك الموارد في حال أوقفت روسيا شحنات الغاز إلى القارة.
واقترحت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، خطة تهدف إلى خفض الطلب الأوروبي على الغاز بنسبة 15%، للتخفيف من وطأة التداعيات على الاقتصاد.
ولكن في غياب أي مؤشرات على تباطؤ التضخم، وتأخر البنك المركز الأوروبي عن نظرائه في بريطانيا والولايات المتحدة في رفع الفائدة، وضعف اليورو مقابل الدولار، يواجه البنك الأوروبي ضغوطاً لرفع المعدلات بشكل أكبر.
تتردد البنوك المركزية عادة قبل رفع معدلات الفائدة عندما يكون الاقتصاد في وضع حساس كهذا "لكن ضغوط التضخم تزايدت إلى حد بات على البنك المركزي الأوروبي معها أن يتصرف في كل الأحوال"، بحسب مدير أبحاث الاقتصاد الكلي لدى "بيكتيت لإدارة الثروات" فريدريك دوكروزيت.
ورأى أنّ تحقيق توازن بين النمو ومخاطر التضخم يبدو مثل "معادلة يستحيل حلها".
وبقي سعر الفائدة على الودائع الذي حدده البنك المركزي الأوروبي سلبياً على مدى السنوات الثماني الماضية، بينما يبلغ المعدل الرئيسي حالياً -0.5%.
مواكبة بريطانيا وأميركا
وصُمم معدل الفائدة العقابي الذي يفرض رسوماً على المصارف لإيداع أموالها في البنك المركزي الأوروبي، للتشجيع على زيادة الإقراض والنشاط الاقتصادي ورفع معدلات التضخم.
والآن، يهدف البنك المركزي لرفع معدلات الفائدة لإخراجها من المنطقة السلبية بحلول نهاية سبتمبر/ أيلول كجزء من مجموعة قرارات برفع معدلات الفائدة بشكل "تدريجي لكنه مستدام"، بحسب لاغارد.
وفي تلك الأثناء فإنّ الاحتياطي الفدرالي الأميركي وبنك إنكلترا سبقا البنك الأوروبي في رفع معدلات الفائدة وبشكل كبير.
وتسبب إعلان البنك المركزي، في مطلع يونيو/ حزيران، عن الاستعداد لرفع معدلات الفائدة إلى ارتفاع تكاليف الإقراض على الدول المثقلة بالديون في منطقة اليورو، مثل إيطاليا.
وقال نائب رئيس البنك الأوروبي لويس دي غيندوس، في مطلع يوليو/ تموز، إنّ تجنب التباين في تكاليف الاستدانة بين الدول الـ19 الأعضاء "ضروري" لضمان تأثر جميع الدول الأعضاء في منطقة اليورو بشكل متساو بالإجراءات النقدية.
ولتحقيق ذلك قال البنك المركزي الأوروبي إنه سيعيد استثمار السندات المستحقة "بمرونة" من محفظته لتجميع الديون الأكثر عرضة للخطر وتخفيف الضغط. كما شرع البنك في تصميم أداة جديدة لمكافحة "التجزئة" في منطقة اليورو.
(فرانس برس، العربي الجديد)