المركزي الأميركي يقلص استخدام "التمويل الرخيص"

18 يونيو 2021
مخاوف من هشاشة النمو الاقتصادي (Getty)
+ الخط -

أطلق مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، مساء الأربعاء، الرصاصة الأولى على سياسة ضخ "التمويل الرخيص" التي رفعت مؤشرات الأسهم بأسواق "وول ستريت" المالية إلى مستويات تاريخية. وأعلن الفيدرالي، الأربعاء، أنه سيرفع سعر الفائدة على الدولار في وقت أقرب من توقعاته في شهر مارس/ آذار الماضي.

وتتوقع أسواق المال حاليا ارتفاع سعر الفائدة بمعدل 0.5% في العام 2023. ووصف محللون تحدثوا لموقع "باوند ستيرلنغ" اللندني المتخصص في العملات إعلان البنك الفيدرالي بأنه أدى إلى ردة فعل كبيرة في أسواق العملات والأسهم العالمية "حيث ارتفع سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية جميعها، كما تراجعت مؤشرات الأسهم والذهب".
ومن المتوقع أن تراجع الأسواق الناشئة حساباتها بشأن توفر السيولة الدولارية في المستقبل. في هذا الشأن، قال محلل سوق الصرف بمصرف "أتش أس بي سي" أندريه دي سيلفا، في تعليقات لقناة "سي أن بي سي"، الأربعاء: "على الأسواق الناشئة أن تعد سياساتها النقدية لمواجهة رفع الفائدة على الدولار".
وعلى الرغم من أن السياسة النقدية الميسرة التي ضخت نحو 5 تريليونات دولار في الاقتصاد نجحت في إنقاذ الاقتصاد الأميركي من الوقوع في دائرة الكساد الكبير في فترة جائحة كورونا، وهو يتجه للنمو بنسبة 7% خلال العام الجاري، حسب البيانات الجديدة للاحتياط الفيدرالي، إلا أن محللين يرون أن هذه السياسة في المقابل رفعت من مخاوف حدوث اضطراب في دورة النمو الاقتصادي بسبب تضخم أسعار الأصول وارتفاع قيمتها السوقية فوق سعرها الحقيقي بسبب التمويل الرخيص الذي حصل عليه كبار المستثمرين منذ إبريل/ نيسان الماضي.
وحسب المؤشرات الرئيسية لمستويات التضخم الذي بات يرعب المستثمرين في السوق الأميركي، ارتفع مؤشر السلع المستوردة في السوق الأميركي بنسبة 11.3%، كما ارتفع مؤشر السلع المصنعة بنسبة 6.6%، وارتفع مؤشر السلع الاستهلاكية بنحو 5%، بنهاية الشهر الماضي. كما تشير بيانات مصلحة العمل إلى أنه لا يزال هنالك 15 مليون مواطن مدرجين في بند إعانات البطالة.
وتكتنز المصارف التجارية بالولايات المتحدة السيولة الدولارية منذ شهور بدلاً من إقراضها على أمل تحقيق أرباح مرتفعة من عمليات الإقراض في الأسواق العالمية حينما ترتفع الفائدة ويرتفع سعر الدولار أو ربما يحدث شح في الدولار في الأسواق الناشئة. وكانت المصارف الأميركية قد حققت أرباحاً ضخمة من عمليات الإقراض وإعادة التمويل وإدارة الثروات بسبب شح الدولارات في العام الماضي. ولدى المصارف التجارية في الولايات المتحدة نحو 3.5 تريليونات دولار من السيولة، يتصدرها مصرف "جي بي مورغان"، ربما لاغتنام الفرصة نفسها خلال العام المقبل. وكان الرئيس التنفيذي لمصرف "جي بي مورغان" قد أعلن، يوم الإثنين، أن مصرفه راكم نحو نصف ترليون دولار نقداً لاستثمارها في المستقبل. وعادة ما تتبع المصارف المركزية العالمية قرار الاحتياط الفيدرالي الخاص بالفائدة المصرفية بسبب هيمنة الدولار على السياسة النقدية والمالية العالمية.

وفي أعقاب اجتماع الاحتياط الفيدرالي وإعلان رفع الفائدة، تراجعت أسواق المال العالمية، أمس الخميس، بينما ارتفع سعر صرف الدولار إلى أعلى مستوياته في 6 أسابيع وحقق أكبر ارتفاع في يوم واحد خلال العام الجاري. وارتفع مؤشر الدولار بنحو 0.8% عند 91.8450 نقطة. كما تراجع العائد على سندات الخزينة لأجل عشر سنوات إلى 1.558 من 1.569%.
وتراجع سعر الذهب إلى أدنى مستوياته منذ يناير/ كانون الثاني إلى 1808 دولارات للأوقية (الأونصة)، حسب مؤشرات وول ستريت جورنال. وبالتالي يلاحظ أن إعلان مجلس الاحتياط الفيدرالي أحدث هزة حقيقية في أسواق المال العالمية التي كانت تعتمد في ارتفاعاتها على ضخ الترليونات الرخيصة. ومن المتوقع أن يواصل معدل التضخم الأميركي الارتفاع فوق مستوياته الحالية خلال العام الحالي.
ويذكر أن بنك الاحتياط الفيدرالي أعلن، الأربعاء، تثبيت معدل الفائدة وبرنامج شراء الأصول دون تغيير، مع رفع توقعات التضخم والنمو الاقتصادي. وأظهر اجتماع لجنة السوق المفتوحة لمجلس الاحتياط الفيدرالي، تثبيت معدل الفائدة عند نطاقه الحالي الذي يراوح بين صفر و0.25%، مع توقعات إبقائها دون تغيير حتى تعافي سوق العمل ومعدل التضخم نحو المستهدف. كما قرر الاحتياط الفيدرالي تثبيت مشتريات الأصول عند 120 مليار دولار شهرياً، مع استمرار البرنامج حتى الوصول لمستهدف التوظيف واستقرار الأسعار.
وكشف بيان السياسة النقدية أن مسؤولي المركزي الأميركي يتوقعون رفع معدل الفائدة الأساسي مرتين بحلول نهاية عام 2023. وعلى جانب آخر، رفع الاحتياطي الفيدرالي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام عند 7% مقابل تقديرات سابقة صادرة في مارس عند 6.5%. لكن الفيدرالي ثبت توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي في العام المقبل عند 3.3%، بينما رفع تقديرات الصعود في عام 2023 إلى 2.4% من 2.2% سابقاً.

وعلى صعيد التضخم، يتوقع الاحتياطي الفيدرالي ارتفاع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 3.4% في العام الجاري مقارنة بتقديرات سابقة بصعوده 2.4%، كما رفع توقعات العامين المقبلين إلى 2.1% و2.2% على الترتيب.
وعن سوق العمل، يعتقد البنك المركزي أن معدل البطالة الأميركي سيسجل 4.5% هذا العام، وهي نفسها التوقعات السابقة في مارس/ آذار الماضي، لكنه خفض تقديراته لعام 2022 إلى 3.8% من 3.9% سابقاً.

المساهمون