تشرع العديد من الأسر المغربية في الاستعداد للعام الدراسي الجديد، وسط تصاعد الشكاوى من فرض زيادات جديدة على رسوم المدارس الخاصة التي ارتفع الإقبال عليها في الأعوام الأخيرة، على أمل الحصول على فرص تعليمية أفضل من التعليم العمومي الذي يسود انطباع بتراجعه.
ويأتي الدخول المدرسي الجديد، الاثنين المقبل، في سياق متسم بتضخم بلغ 4.9% في نهاية يوليو/تموز الماضي، حسب المندوبية السامية للتخطيط الحكومية، التي تشير إلى أن الرقم الاستدلالي للأثمان الخاصة بالتعليم ارتفع بنسبة 4.5% في تلك الفترة.
وما فتئت الأسر تشتكي مع كل دخول مدرسي جديد من ارتفاع تكاليف دراسة الأبناء في التعليم الخاص، علما أن المندوبية السامية للتخطيط كانت لاحظت أن إنفاق الأسر على التعليم ارتفع في الفترة من 2001 و2019 فقط من 128 دولارا إلى 437 دولارا في المتوسط.
وتسجل المندوبية السامية للتخطيط في دراسة أخيرة أن نفقات الدخول المدرسي بالنسبة لـ20% من الأسر الأكثر غنى تمثل 5 مرات نفقات الـ 20% من الأسر الأكثر هشاشة (الفقيرة)، حيث تصل على التوالي إلى 346 دولارا و72 دولارا.
ويقول وديع مديح، رئيس الجامعة المغربية لجمعيات المستهلك، إن الجامعة (الجمعية) كانت طالبت مدارس خاصة بتزويدها بنماذج من العقود التي تبرمها مع الأسر، غير أنها لم تستجب، مشيرا في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنه يفترض عدم التعاطي مع التعليم باعتباره سلعة تخضع للعرض والطلب، حيث يتوجب على السلطات العمومية التدخل من أجل تنظيم العلاقة بين الأسر والمدارس الخاصة.
ويوصي مديح بضرورة اعتماد تصنيف للمدارس، بما يساعد الأسر على معرفة مدى استحقاقها للأسعار التي تطلبها، وذلك في ظل تأكيد وزارة التربية الوطنية على عدم إمكانية التدخل في الجانب التجاري في العلاقة بين الأسر والمدارس الخاصة.
ودأبت وزارة التربية الوطنية على التأكيد على أن القانون يمنعها من التدخل في الأسعار التي تحددها المدارس، غير أنها شددت على ضرورة أن تكون الأسعار مبررة بالخدمة المقدمة. وكانت الوزارة وعدت بضبط العلاقة بين الأسر والمؤسسات التعليمية الخاصة، حيث التزمت بسن قانون خاص بالمدارس الخاصة وزيادة المراقبة الإدارية.
ولطالما تشكو الأسر من عدم خضوع المقابل الذي تطلبه المدارس لمعايير مبررة، بل إن تلك المدارس تفاجئ الأسر في بعض الأحيان بزيادات تتحدى قدرتها الشرائية. بينما لوّح أصحاب المدارس منذ يناير/كانون الثاني الماضي بزيادة الرسوم الدراسية، مبررين ذلك بسن قانون مالية العام الحالي، زيادة في الضريبة على الدخل الخاصة بالمعلمين المؤقتين، لتصل إلى 30% بدلاً من 17%.
وتؤكد المدارس الخاصة أن الزيادة في الضريبة على الدخل التي سرت منذ يناير/كانون الثاني، سترفع كلفة كتلة الأجور التي تتحملها المدراس الخاصة، ما يفرض عكسها على تكاليف الدراسة التي ستتحملها الأسر اعتباراً من مطلع سبتمبر/أيلول المقبل.
وتتطلع الحكومة إلى رفع حصة التعليم الخاص لتصل إلى 20% من مجموع التلاميذ الذين بلغ عددهم في العام الماضي حوالي ثمانية ملايين تلميذ في عموم المملكة.
وكانت أحزاب والاتحاد العام لمقاولات المغرب وهيئة خبراء محاسبين، طالبوا بمناسبة المؤتمر الوطني للضريبة الذي نظم قبل ثلاثة أعوام، بخصم المصاريف الدراسية من الضريبة على الدخل، من أجل مساعدة الطبقة الوسطى. وبينما يعتبر البعض أن خصم جزء من ضريبة الدخل من أجل مساعدة الأسر على تعليم الأبناء، يرى آخرون أن هذا التوجه سيشجع الأسر على الانصراف عن المدارس الحكومية، الذي يفترض الرقي بمستواها.
ووفق دراسة لرابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، فإن الإنفاق على التعليم، يمثل ما بين 20% و30% ضمن نفقات الأسر، مشيرة إلى أن 71% من الأسر في حي أنفا في الدار البيضاء، الذي تقطن به الطبقة المتوسطة، توجه أبناءها للتعليم الخاص.