"المخراز"... أجهزة كهربائية لفقراء وأغنياء غزة

15 اغسطس 2023
إقبال على شراء الأجهزة من محال المخزار (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يَستبدِل أهالي قِطاع غزة اقتناء الأجهزة الكهربائية والمنزلية الجديدة بالشراء من محال المخراز المُنتشرة في مختلف المحافظات، والتي تختص ببيع الأجهزة التي تعرضت لخدوش، أو التي مضى على صنعها عدة سنوات أو المستعملة، ما يُتيح لمختلف الطبقات الاجتماعية شراءها. 

ويتجه الفلسطينيون إلى شراء أجهزة وأدوات المخراز والمُتاحة بأسعار أقل من أسعار الأجهزة الجديدة في كثير من الأحيان، وذلك تماشياً مع الأوضاع الاقتصادية المُتردية في قِطاع غزة، والذي تُحاصره قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ منتصف عام 2006. 

والإقبال على شراء أجهزة المخراز لا يقتصر على الطبقات الفقيرة فقط، بل يتجه بعض ميسوري الحال أيضاً لشراء تلك الأجهزة، والتي قد يفوق سعر بعضها الأجهزة الجديدة، لاعتبارات كثيرة، ومنها بلد التصنيع، والماركات العالمية.

وتكتظ محال المخراز التجارية بمختلف الأجهزة الكهربائية الصغيرة والكبيرة، والتي تبدأ من خفاقات البيض وصنع الحلويات، مرورا بالغسالات، والمكانس الكهربائية، وماكينات صنع القهوة، وطهي الطعام، والمراوح، والمكيفات، وصولا إلى ثلاجات التبريد والتجميد والأفران.

وتختلف أسباب اتجاه مختلف الشرائح المجتمعية نحو أدوات المخراز، إذ يتجه إليها أصحاب الدخل المحدود لتوفير مستلزماتهم بأسعار معقولة، بينما يتجه إليها البعض الآخر للحصول على أجهزة بمواصفات عالمية، إلا أن العملية تبقى مشوبة بالحذر، بسبب عمليات الغش والتكسير، إذ يُمكن أن تواجه المشتري مشاكل في الأجهزة بعد إتمام عملية الشراء من دون التمكن من إرجاع البضاعة، والتي لا تشتمل على الضمان الموجود في الأجهزة الجديدة.

وبدأ عمل الشقيقين أحمد ومصطفى أبو مسلم، وعدد من العُمال، في بيع أجهزة المخراز منذ 12 عاماً، وانطلقا ببيع الأجهزة والتي تصنف بأنها أجهزة "أ" وهي جديدة، وبكتالوغ استخدام، ومضمونة، لكنها تقع ضمن نطاق التصفيات السنوية، والتي يتم فيها بيع البضائع الخفيفة، مثل مُحضرات الطعام، وخلاطات العصير، وماكينات صنع القهوة، والعجانات.

ويوضح أحمد أبو مسلم لـ"العربي الجديد"، أن العمل تطور بعد مرور السنوات الأولى، وانتقل إلى توفير وبيع الأجهزة الكهربائية الكبيرة، كالأفران، والثلاجات، والغسالات، وذلك لضمان توفير كافة الاحتياجات الكهربائية للمنزل من الألف حتى الياء، داخل محلهم التجاري، شمالي مدينة غزة. 

وتتميز أجهزة المخراز الجيدة والمضمونة بمواصفات عالية، على مستوى الماركات العالمية، وفي الوقت ذاته الأسعار المناسبة، والتي قد تصل في الكثير من الأحيان إلى نصف السعر الأساسي، وفق حديث أبو مسلم، الذي يلفت في الوقت ذاته إلى وجود أجهزة مخراز مرتفعة الثمن، ويُمكن أن يفوق ثمنها ثمن بعض الأجهزة الكهربائية الحديثة، والتي تتميز بكونها ضمن نطاق "البراندات" العالمية.

وعن سبب توجه الناس إلى شراء أجهزة المخراز، يلفت أبو مسلم إلى رغبتهم في الحصول على بضائع ذات جودة عالية مقارنة بالأصناف التجارية الموجودة في السوق، وقد انتشرت ثقافة أنّ في سوق المخراز بضائع جيدة، بعد أن كان يسود في السابق اعتقاد بأنها مقترنة بالأجهزة المستعملة.

ويستخدم القائمون على هذه التجارة مواقع التواصل للإعلان والترويج لبضائعهم، فيما يواجهون تحديا كبيرا يتمثل في تذبذب عمليات فتح وإغلاق المعبر، ما يضطرهم إلى تخزين وتكديس البضائع الاحتياطية في المخازن، علاوة على المخاطر التي تتعرض لها تلك البضائع خلال عملية النقل، إذ تنقل من المصادِر إلى قطاع غزة مغلفة ومكدسة بعضها فوق بعض، ما يُعرِّض نسبة من البضائع إلى الكسر والتلف.

وكغيره من القطاعات الاقتصادية، لم ينجُ قطاع المخراز من الأوضاع الاقتصادية المتردية في قِطاع غزة، والتي يتسبب فيها الاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل حصاره للعام السابع عشر على التوالي، إذ أثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطن.

ويوضح مدير عام المعابر والتجارة في وزارة الاقتصاد عبد الفتاح أبو موسى، لـ"العربي الجديد"، أن أجهزة المخراز التي تدخل إلى قِطاع غزة عبر المعابر تخضع لمجموعة من الشروط، وأولها أن تكون أجهزة موفرة للطاقة، وذلك تماشيًا مع التوجه العام لترشيد استهلاك الطاقة، خاصة في ظل أزمة الكهرباء التي يُعاني منها أهالي القِطاع منذ بداية الحِصار الإسرائيلي، فيما تمنع الأجهزة القديمة والمُبذرة للطاقة. 

ويُبين أبو موسى أن الثلاجات والغسالات هي أبرز الأجهزة الكهربائية التي تخضع لشرط توفير الطاقة، أما بخصوص أجهزة التكييف والتدفئة فيمنع إدخال الأجهزة المُستنفِدة للطاقة، ويتم السماح لتلك الأجهزة بحد استهلاك معين يراوح بين 2000 و2400 وات، فيما تخضع باقي الأجهزة الكهربائية صغيرة الحجم إلى شرط إضافي يتمثل في ضرورة أن تكون الأجهزة جديدة وغير مستعملة، وقد دخلت إلى قِطاع غزة منذ بداية العام حتى اللحظة نحو 13742 غسالة، و14860 ثلاجة من فئة المخراز.

ويلفت أبو موسى إلى مجموعة من القرارات الإدارية التي أصدرتها وزارة الاقتصاد حول شروط دخول أجهزة المخراز، ومنها قرار 47 لعام 2020، وينص على أن تحمل الأجهزة بطاقة بيان، تتضمن سنة الإنتاج والتفاصيل الفنية الخاصة بالجهاز، ويمنع دخول الأجهزة بدون هذه البطاقة، وألا يزيد عمر الثلاجة عن سبع سنوات، والغسالة عن ثلاث سنوات، وألا يزيد عمر المدافئ والمكيفات عن عامين، فيما تتكفل الفرق الفنية الخاصة بالوزارة متابعة تنفيذ تلك الشروط.

المساهمون