المجلس الوزاري في المغرب يقر مشروع موازنة 2023

19 أكتوبر 2022
العاهل المغربي محمد السادس (كارلوس الفارز/واير ايميج)
+ الخط -

أقر المجلس الوزاري المغربي، الذي ترأسه الملك محمد السادس، مساء الثلاثاء، مشروع قانون المالية لسنة 2023 في وقت يواجه فيه الاقتصاد المغربي تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة، وتحديات مشاريع اجتماعية ذات أولوية تتطلب تعبئة موارد مالية مهمة لتفعيلها.
وأعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، خلال عرض قدمته أمام المجلس الوزاري، أن مشروع الموازنة الجديدة يرتكز على فرضيات تحدد نسبة النمو بـ4% ونسبة التضخم في حدود 2%، وعجز الميزانية في حدود 4.5% من الناتج الداخلي الخام.
وقالت الوزيرة في عرضها، بحسب بيان صادر عن الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، إن إعداد مشروع قانون مالية السنة القادمة تم في سياق دولي غير مستقر وما نتج عنه من تضخم واضطرابات في سلاسل الإنتاج، وأكدت أن التوجهات العامة للمشروع ترتكز على أربعة محاور أساسية: في مقدمتها "ترسيخ ركائز الدولة الاجتماعية من خلال تنزيل مختلف مكونات الورش الملكية لتعميم الحماية الاجتماعية، لا سيما استكمال تعميم التغطية الصحية الإجبارية لكل الفئات الاجتماعية، والتعميم التدريجي للتعويضات العائلية، وذلك عبر مقاربة جديدة للاستهداف المباشر للفئات الهشة، ترتكز على إعمال السجل الاجتماعي الموحد، وتسريع تعميمه على جميع جهات المملكة".
ولفتت إلى أنه ستتم بموازاة ذلك مواصلة تأهيل منظومة الصحة الوطنية، من خلال رفع الاعتمادات المخصصة لقطاع الصحة والحماية الاجتماعية، كما سيتم تفعيل خريطة الطريق المتعلقة بإصلاح منظومة التربية والتكوين، وتشجيع المشاركة الكاملة للمرأة في كل المجالات الاقتصادية وصيانة حقوقها، والعمل على إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة.
واعتباراً لأهمية تسهيل الولوج للسكن وضمان شروط الحياة الكريمة، تم إقرار دعم مباشر من طرف الدولة في هذا المجال لفائدة الفئات المستهدفة.
أما المحور الثاني من التوجهات الكبرى لمشروع قانون مالية 2023، فيتجلى في إنعاش الاقتصاد الوطني من خلال دعم الاستثمار عبر تنزيل ميثاق الاستثمار الجديد، وتنفيذ الالتزامات المقررة في إطار مشاريع الاستثمار الصناعي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي السياق، أعلن الناطق الرسمي باسم القصر الملكي أنه "تنفيذا للتعليمات الملكية، سيتم تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وإضفاء دينامية جديدة على الاستثمار العمومي، بتوجيهه لمشاريع البنيات التحتية والاستراتيجيات القطاعية الطموحة، بما يعزز تنافسية المنتوج الوطني، وتقوية السيادة الوطنية على المستوى الغذائي والصحي والطاقي".
واعتباراً لدور النظام الضريبي في رفع التحديات الاقتصادية الراهنة، وتحقيق الأهداف المنشودة في مجال إنعاش الاقتصاد، سيتم تفعيل مقتضيات القانون -الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي- بما يتيح وضوح الرؤية أمام الفاعلين الاقتصاديين، من خلال إصلاح شامل للضريبة على الشركات، وقطاعي البنوك والتأمينات، بالموازاة مع تخفيف الضغط الضريبي على الأجراء والمتقاعدين من الطبقة المتوسطة، وفق بيان الناطق الرسمي باسم القصر الملكي.
أما في ما يخص المحور الثالث المتعلق بـ"تكريس العدالة المجالية: عبر مواصلة تنزيل الجهوية المتقدمة، وبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية"، فسيتم "العمل على تسريع إصلاح الإدارة، عبر تبسيط المساطر، وإطلاق استراتيجية وطنية جديدة للانتقال الرقمي، إضافة إلى مواصلة الجهود في مجال اللاتمركز الإداري، واستعمال اللغة الأمازيغية في مختلف مجالات الحياة الوطنية".
ويتعلق المحور الرابع باستعادة الهوامش المالية من أجل ضمان استدامة الإصلاحات من خلال تعبئة كل الموارد المالية المتاحة، عبر تحصيل محكم للجبايات واعتماد آليات تمويل مبتكرة، والحرص على عقلنة نفقات تسيير الإدارة، وتفعيل الإصلاح المتعلق بالصفقات العمومية، والقانون التنظيمي لقانون المالية، وإعادة تقييم المحفظة العامة وتحسين أدائها".
وبإقرار المجلس الوزاري لمشروع موازنة 2023 يكون المشروع قد خطا خطوة أولى في المسار الدستوري، على أن تتبعه خلال الساعات القادمة خطوة ثانية بإيداعه من قبل الحكومة ووضع مشروع في مكتب مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان) قبل 20 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، من أجل مناقشة بنوده وتقديم مقترحات تعديله والمصادقة عليه قبل بداية السنة المقبلة.
ويأتي مشروع الموازنة الجديدة في ظل تحديات كبرى على الصعيدين الخارجي والداخلي، إذ لا تزال تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية متواصلة على الاقتصاد العالمي، ما تسبب في موجة تضخم همت كل البلدان، إذ إن البنوك المركزية بالولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وعدد من البلدان الأخرى قررت رفع معدلات الفائدة المرجعية لمواجهة التضخم، ولا تتوفر إلى الآن أي رؤية حول مآل هذا الصراع وانعكاساته على التجارة الدولية.
وعلى المستوى الداخلي تنتظر الحكومة مشاريع اجتماعية ذات أولوية، على رأسها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، ما يتطلب تعبئة موارد مالية مهمة لتفعيله.

من جهة أخرى، عرفت أشغال المجلس الوزاري تعيين وزير الاقتصاد والمالية السابق محمد بن شعبون، الذي يشغل حالياً منصب سفير المملكة في فرنسا، في منصب مدير عام لصندوق محمد السادس للاستثمار، الذي ينظر إليه على أنه آلية واعدة لتمويل المشاريع الكبرى، التي من شأنها تحقيق انتعاش اقتصادي مستدام وشامل، والتي ستمكن الاقتصاد الوطني من تعزيز مرونته أكثر في وجه الصدمات.
ويستهدف الصندوق، الذي خصص له مبلغ أولي بقيمة تصل إلى 15 مليار درهم من الميزانية العامة للدولة، قطاعات عدة، من بينها السياحة والفلاحة والبنيات التحتية والصناعة والأنشطة ذات المؤهلات القوية، والابتكار، وغيرها. ويعتبر تنويع مجالات التدخل جوهر صندوق محمد السادس للاستثمار.

المساهمون