الليرة السورية يصفعها الانهيار في 2023.. هبوط على وقع الأزمة

19 ديسمبر 2023
توقع المزيد من هبوط الليرة السورية (Getty)
+ الخط -

تلقّت الليرة السورية صفعة الانهيار الكبرى عام 2023، بعدما تراجعت من نحو 6 آلاف ليرة مطلع العام إلى نحو 14.2 ألف ليرة مقابل الدولار اليوم الثلاثاء، بعدما كان سعرها 50 ليرة في 2011.

وتزيد توقعات المختصين باستمرار تراجع سعر صرف الليرة "بعد تلاشي جميع مقومات ثبات أو تحسن العملة"، وفق ما يقوله الاقتصادي السوري عماد الدين المصبّح، الذي يرى أن العام 2023 شهد قرارات حكومية إضافية من شأنها أن تزيد من تراجع سعر الصرف وزيادة تضخم الأسعار. 

ويشير المصبّح لـ"العربي الجديد" إلى أن "العلة الأهم تتمثل في عجز الميزان التجاري وتراجع القطع الأجنبي من التصدير، وبالوقت نفسه زيادة المستوردات، ما ساهم بنقص المعروض النقدي الأجنبي بالسوق، رغم ادعاءات نظام الأسد إدارة فجوة القطع الأجنبي"، مبيناً أن "الصادرات السورية، وحتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، لم تزد عن 520 مليون يورو، في حين ارتفعت المستوردات إلى 2161 مليون يورو". 

ويشير الاقتصادي السوري إلى "شبه تلاشي عائدات السياحة وإحجام أي رأسمال خارجي عن المناخ السوري، بل هروب الاستثمارات القائمة، لتضاف لكل ذلك الأسباب النفسية والسياسية التي لا تشجع أي مكتنز على الاحتفاظ بالليرة السورية، مهما بلغت نسبة الفائدة المصرفية أو عائدات تجارة وصناعة الحرب". 

توقع استمرار تهاوي الليرة السورية

ويتوقع المصبّح أن تستمر الليرة السورية بالتهاوي العام المقبل، و"لا أستبعد وصول الدولار إلى 25 ألف ليرة، نظراً لتراجع الموارد وزيادة الحاجة لاستيراد المشتقات النفطية والغذاء، وبواقع استمرار حكومة بشار الأسد في ترميم الموازنة العامة بالعجز، واستمرار نظام الأسد في طباعة العملة بروسيا، لدفع الأجور وثمن المحاصيل الزراعية، وأتوقع طرح فئات نقدية كبيرة كورقة 10 آلاف ليرة العام المقبل". 

من جهته، يحمّل المحلل المالي نوار طالب حكومة بشار الأسد وزر استمرار تهاوي سعر الليرة السورية عبر ما وصفه بـ"القرارات الكارثية"، وفي مقدمِها استمرار العمل بالمرسوم رقم 3 لعام 2020 الذي يجرّم التعامل بغير الليرة، فـ"القرارات والتصريحات لا تلغي مرسوما، وهذا المرسوم ساهم بهروب الأموال من سورية، كما زاد من تصريف الحوالات الخارجية بدول الجوار وعودتها لسورية بالليرة". 

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويضيف طالب لـ"العربي الجديد" أن الاقتصاد السوري متهالك بكل قطاعاته، والعملة بالنهاية مرآة الاقتصاد، خاصة أن لا احتياطي أجنبيا بالمصرف المركزي تتكئ عليه الليرة بعد تبديد نحو 18 مليار دولار احتياطي العام 2011، ولكن "رغم تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي، تأتي قرارات حكومية تزيد من فقدان الثقة وتراجع سعر الصرف، بمقدمِها قرار منصة تمويل المستوردات، عبر انتقائيته لبعض المقربين من النظام أو رفضه تمويل الصناعات الدوائية والغذائية والزراعية، ما سرّع ارتفاع الأسعار وتراجع سعر الليرة". 

ويضيف المتحدث ذاته: "يمكن اعتبار إصدار المصرف المركزي نشرات سعر موازية لسعر السوق، بهدف استقطاب الحوالات الخارجية، من القرارات المهمة التي زادت هذا العام من تهاوي سعر الليرة، والذي رافقه قرار تقييد سحب الأموال". 

قرارات كارثية

ويلفت المالي السوري إلى أن قرارات تعهّد التصدير وإلزام رجال الأعمال الكشف عن مصدر تمويل المستوردات كانت هذا العام قرارات "كارثية بحق الليرة"، بعدما فقد النظام الأمل بإعادة إنتاجه، واشتغل ولم يزل عبر المصرف المركزي وشركات الصيرفة كمضارب أو تاجر يريد استغلال المرحلة. 

وبدأ تراجع سعر الليرة بالتزامن مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وقت لم يزد سعر صرف الدولار عن 50 ليرة، حيث أخذت الليرة مع نهاية كل عام تستنزف من قيمتها، لتسجل نهاية عام 2012 نحو 97 ليرة للدولار. 

وبدأت التراجعات الكبيرة منذ عام 2013، حيث وصل سعر صرف الدولار في مارس/آذار إلى نحو 120 ليرة، وتجاوز سعر الدولار 300 ليرة بنهاية العام. 

وتعافت الليرة قليلاً عام 2014، فتراوح سعر الصرف بين 170 ليرة منتصف العام و220 ليرة نهاية 2014، ليعاود سعر الليرة تراجعه عام 2015 ليصل إلى 380 ليرة للدولار الواحد، فتبلغ أسوأ سعر لها على الإطلاق عام 2016 وقت هوت إلى ما دون 640 ليرة للدولار الواحد.

وعاود سعر الليرة التحسن منذ عام 2017، بالقياس مع سعر عام 2016، ليراوح السعر على عتبة 500 ليرة، قبل أن يتحسن أيضاً مطلع عام 2018 وقت وصل سعر الدولار إلى 500 ليرة، ليبدأ مشوار التهاوي الكبير خلال الأعوام الأخيرة، إذ هوى سعر الصرف عام 2020 من 900 ليرة مقابل الدولار إلى 2800 ليرة، واستمر التراجع عام 2021 ليصل سعر الدولار إلى 3600 ليرة ويقفل عام 2022 على سعر صرف بنحو 6 آلاف ليرة مقابل الدولار، ويأتي العام الجاري بأعلى نسبة تراجع، إذ سجل سعر صرف الدولار بأسواق المرجة والحريقة نحو 14 ألف ليرة سورية. 

وتعد العملة السورية ثالث أسوأ عملة بالعالم بعد عملتي فنزويلا وزيمبابوي، فيما قفزت نسبة الفقر إلى أكثر من 90% من السوريين، وسط متوسط دخل لا يزيد عن 200 ألف ليرة وحد أدنى لإنفاق الأسرة شهري يبلغ نحو 6 ملايين ليرة، بحسب مركز "قاسيون" بدمشق. 

المساهمون