يستبعد اقتصاديون أتراك "أن تعود تركيا لإعلان الحرب على سعر الفائدة المصرفية هذه المرحلة" لاستمرار المكاسب التي حققها سعر الصرف، بعد أن تحسنت الليرة بنحو %15 منذ رفع الفائدة المصرفية إلى 17% في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لتسجل اليوم الخميس، أفضل سعر لها منذ سبعة أشهر ببلوغها 7 ليرات أمام الدولار و8.5 ليرات أمام العملة الأوروبية الموحدة.
وشهدت الليرة التركية تراجعات كبيرة تعدت 30% خلال العام الماضي، لتسجل في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أدنى سعر لها وقت تراجعت إلى 8.5 ليرات مقابل الدولار.
واستبعد محافظ المركزي التركي، ناجي أغبال، في تصريحات إعلامية، مؤخراً، أن يبدأ المركزي خفض أسعار الفائدة من 17% حتى وقت لاحق من هذا العام "نظراً للضغط التصاعدي على التضخم المرتفع بالفعل"، مشيراً إلى أنّ "أسعار المستهلكين تتجه نحو الارتفاع لبضعة أشهر قبل أن تنخفض ببطء إلى توقعات البنك البالغة 9.4% سنوياً".
ولفت المركزي إلى أن تضخم المواد الغذائية لا يزال يشكل خطراً كبيراً على معدل التضخم في 2021، مشيراً إلى أن الحديث عن خفض أسعار الفائدة "لا يزال مبكراً".
استقرار نقدي
ويقول أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبول إنّ "أداء المركزي هو سياسة لها أبعادها ولا تتعاطى بردة فعل مباشرة، بمعنى إن تحسنت الليرة يخفضون الفائدة مباشرة، بل لا بد من دراسة السوق ودوران الأموال والاستثمارات والتضخم والقدرة الشرائية، ليتم استخدام الأدوات على المدى البعيد".
ويضيف شعبو، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المهم بالأمر هو الاستقرار النقدي وليس فقط تحسن السعر، لأنّ تقلب سعر الصرف أخطر من تراجعه، ولأن الاستثمارات تخاف وتفقد العملة ثقة المكتنزين".
ويؤكد شعبو، أنّ "تذبذب سعر الليرة التركية خلال الأشهر الأخيرة، أوصل الاقتصاد التركي إلى خلل بالإنتاج وأوقف التصنيع وبعض المبيعات جراء المخاوف من أسعار العملة".
ويعتبر شعبو أنّ "السياسة التركية نجحت عبر التكامل بين السياسة المالية بعد زيادة الإنفاق الحكومي، والسياسة النقدية عبر رفع سعر الفائدة"، متوقعاً أن "تتحسن الليرة أكثر بعد عودة السياحة والتصدير المتوقعة بالنصف الثاني من العام الجاري".
ويرى الاقتصادي التركي أوزجان أويصال، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك عوامل عدة، اجتمعت خلال الشهرين الأخيرين، أدت إلى تحسن سعر الليرة، أهمها الخطط الاقتصادية الجديدة والتغييرات بالمسؤولين الاقتصاديين التي أجراها الرئيس رجب طيب أردوغان، والتي تزامنت مع إجراءات وقرارات نقدية واقتصادية، زادت الثقة بالاقتصاد التركي.
ويضيف أويصال أنّ التقييم الدولي الإيجابي للاقتصاد التركي من صندوق النقد الدولي وبنك "غولدمان ساكس"، " كان له أثر مهم، كما أنّ الانفراج السياسي وتراجع التوترات سبب إضافي"، مشيراً إلى عامل إضافي و"هو المصالحة الخليجية وتراجع بعض الدول عن استهداف الاقتصاد والليرة التركية".
وتوقع أويصال مزيداً من تحسن الليرة وجذب الاستثمارات، بعد التقارب الخليجي وإعلان وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، خلال زيارته للكويت قبل يومين "استعداد بلاده لتفعيل التعاون مع منطقة الخليج بأكملها والبناء على شراكة استراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي".