الكويت: إجراءات إصلاحية للحد من الضغوط المالية الناجمة عن كورونا

09 ديسمبر 2020
الحكومة تسعى إلى تخفيف الأزمة المالية (Getty)
+ الخط -

مع استمرار تداعيات جائحة كورونا، التي تسببت في ضغوط مالية بالكويت، كشف تقرير لمركز الشال للدراسات المالية والاقتصادية (معتمد حكوميا) أن الوضع المالي أصبح في وضع "حرج"، ويتطلب تدخلا عاجلا من الحكومة حيث بلغ عجز الميزانية بحسب تقديرات المركز 49 مليار دولار.

وذكر التقرير الذي اطلعت عليه "العربي الجديد" أنه في ظل استمرار تفاقم عجز الميزانية، وأزمة شح السيولة، تواصل الحكومة الكويتية السحب على المكشوف، من صندوق الاحتياطي العام، الأمر الذي يثير مخاوف الحكومة والأوساط الشعبية فضلا عن أعضاء مجلس الأمة الذين تم انتخابهم قبل أيام قليلة.

وأضاف التقرير أن صندوق الاحتياطي العام لم يتبقَّ فيه سوى مبلغ 8 مليارات دولار فقط، محذرا من أنه يكفي للإنفاق على الالتزامات الحكومية لمدة شهرين فقط. كما أشار إلى أن صندوق الاحتياطي العام لن يكون قادرا على سد العجز ومواصلة الإنفاق في ظل شح السيولة.

وأوضح التقرير أن الإيرادات المالية تراجعت بنسبة 25% خلال العام المالي الحالي بسبب تداعيات كورونا التي أدت لانخفاض أسعار النفط، وتوقف الأعمال وقرارات الإغلاق التي طاولت العديد من دول العالم، فيما ارتفع الإنفاق الحكومي خلال نفس الفترة بنسبة 28% بسبب الإجراءات الاستثنائية على خلفية مواجهة تفشي فيروس كورونا.

على صعيد متصل، أكد مصدر حكومي كويتي لـ "العربي الجديد" أن الحكومة تسعى إلى وضع حلول جادة للأزمة المالية الراهنة، من خلال ضرورة إصدار مرسوم بقانون الدين العام من أجل اقتراض ما يقرب من 65 مليار دولار على مدار 3 سنوات، مشيرا إلى أن الحكومة تسعى للتوافق مع أعضاء مجلس الأمة الكويتي الذين تم انتخابهم.

وقال المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، إن الحكومة متفائلة بالتغيير في تركيبة مجلس الأمة (البرلمان) المنتخب، ومستعدة لإجراء مشاورات مع الأعضاء الجدد من أجل إقرار قانون الدين العام، والبدء في إقرار التشريعات والإجراءات الإصلاحية التي تأخرت كثيرا بسبب التعنت النيابي.

وذكر المصدر أن الفترة المقبلة ستشهد إجراءات وقرارات إصلاحية، مشيرا إلى أن الحكومة عازمة على المضي في الإجراءات الإصلاحية التي ستتضمن فرض الضرائب ووقف التعيينات في المؤسسات والهيئات الحكومية فضلا عن رفع الرسوم وتقليص الدعوم وتحريك أسعار الوقود.

وشهدت نتائج انتخابات مجلس الأمة الكويتي التي أجريت في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الفائت، نسبة تغيير في مقاعد النواب بلغت 62%، فيما سيغيب عن المجلس الجديد أبرز الشخصيات الرافضة لقانون الدين العام الذي فشلت الحكومة في تمريره. 
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، حجاج بوخضور، لـ "العربي الجديد" إنه كلما مرت الأيام والأشهر من دون حلول للأزمات المالية الراهنة، زادت كلفة الإصلاح، فضلا عن تراجع ثقة المستثمرين في الاقتصاد أساسا بسبب تداعيات أزمة جائحة كورونا.

وأشار بوخضور إلى تصريحات رئيس مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ صباح الخالد الصباح، بشأن عدم قدرة الحكومة على الوفاء بأجور العاملين في المؤسسات الحكومية، كونها مؤشرا خطيرا على تدهور الوضع المالي، قائلا: "كيف لبلد لديه موارد مالية أن يعاني بهذا الشكل؟"

وأضاف بوخضور أنه ينبغي إعلاء مصلحة البلاد فوق كل اعتبارات سياسية أو حزبية، مشددا على أن الأزمة الحالية تهدد مستقبل الأجيال القادمة. وحذر في الوقت نفسه من المساس بصندوق الأجيال الذي يتم اقتطاع 10% من الإيرادات المالية لصالحه.

وكان رئيس مجلس الوزراء الكويتي قد حذر في وقت سابق، من عدم قدرة الحكومة الكويتية على دفع رواتب العاملين في الدولة بسبب التعنت النيابي بشأن قانون الدين العام، لافتا إلى أن الحكومة قد تضطر إلى تسييل الأصول الخارجية من أجل مواجهة تداعيات الأزمة المالية.

من جانب آخر، أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، عبدالله الكندري، لـ "العربي الجديد" أن عدم الإدراك بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد أمر مؤسف على كافة المستويات، داعيا الحكومة إلى التركيز على الوعي الشعبي من أجل تفهم الإصلاحات الضرورية التي قد تبدو قاسية ولكنها تهدف إلى إنقاذ مستقبل البلاد والأجيال القادمة.

وطالب الكندري الحكومة الكويتية بترشيد المصروفات والعمل على إلغاء غير الضروري منها وإيجاد حل للهدر الحاصل في توزيع الدعم، فضلا عن ضرورة تنويع مصادر الدخل، وزيادة الرسوم الحكومية وفرض ضريبة القيمة المضافة وضرائب تصاعدية على أرباح الشركات ومحاربة الفساد الذي يستنزف الموارد المالية للدولة.

المساهمون