الفيضانات والتهميش الحكومي يضاعفان مشكلات المزارعين في باكستان

13 أكتوبر 2022
اجتاحت الفيضانات ثلث مساحة البلاد وخلفت أضراراً جسيمة تقدر بـ10 مليارات دولار (فرانس برس)
+ الخط -

يضغط الوضع المعيشي والاقتصادي في باكستان على جميع قطاعات الحياة، أكان في التجارة أو الزراعة وغيرها من القطاعات الإنتاجية، قبل أن تجتاح الفيضانات ثلث البلاد مكبدة الاقتصاد خسائر فادحة، لتزيد الوضع سوءا بالنسبة للمزارعين.

ويحدث كل ذلك في ظل تهميش الحكومة قطاع الزراعة وعدم وفائها بالوعود التي قطعتها له خلال مراحل المفاوضات في الأشهر الماضية، كما تؤكد بيانات نقابة المزارعين الوطنية.

وأجبر تهميش الحكومة المتواصل المزارعين على تنظيم مظاهرات واحتجاجات في مختلف المدن من أجل الضغط على الحكومة كي تلبي مطالبهم، لكن بلا جدوى.

كما أعلن هؤلاء مرات عدة تنظيم مسيرات كبرى باتجاه العاصمة خلال الأشهر الماضية، لكن في كل مرة كانت الحكومة عبثا تعدهم بالاهتمام بملفاتهم وحل مشكلاتهم، إلى أن نظموا مسيرة حاشدة في الـ29 من سبتمبر/أيلول الماضي، حيث اعتصموا في إسلام أباد 6 أيام.

في بداية ذاك التحرك، رفضت الحكومة التحدث إليهم، وقررت إغلاق الطرق في وجههم بنصب الحواجز واستخدام الصهاريج ونشر قوات الأمن، واستخدام القوة لفض الاعتصام.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

لكن آلاف المزارعين أصروا على مواصلة الحراك، إلى أن أصدرت الحكومة في اليوم التالي تقول فيه إنها تشعر بالمسؤولية الكاملة إزاء ما يعانيه المزارعون وتعمل على تحسين أحوالهم ووضع خطة متكاملة لمساعدتهم، لا سيما في المناطق المتضررة من الفيضانات.

وعن أوضاع المزارعين، يقول رئيس نقابتهم خالد بت لـ"العربي الجديد": "لن نتراجع عن مطالبنا وسنرجع إلى العاصمة مرة أخرى إذا لم تف الحكومة بوعودها، فقد وعدتنا مرارا بأنها تعمل من أجل حل المشكلات، لكن للأسف عادت الأمور إلى ما كانت عليه، في ظل المماطلة والتسويف".

وقد اعترفت الحكومة خلال المفاوضات بأن كل مطالب المزارعين وجيهة، ومن دون تلبيتها سيزداد الوضع سوءا ليس بالنسبة للمزارع بل على مستوى الوضع المعيشي العام في البلاد.

لكن ما هي مطالب المزارعين في باكستان؟

يطالب المزارعون بتخفيض أسعار الكهرباء، والقضاء على الأسواق غير القانونية التي تُباع فيها الأسمدة، وهو قطاع ينبغي وضع آلية وقواعده، كما يريدون رفع أسعار القمح وتوفير البذور اللازمة للزراعة.

عمليا، حددت حكومة إقليم البنجاب سعر الـ40 كيلو من القمح بـ3 آلاف روبية (15 دولارا)، وسمّت تلك القيمة بأنها قيمة تعاونية مع المزارع، لكن في إقليم السند حددت الحكومة المحلية السعر بـ4 آلاف روبية (17.54 دولارا)، ما أثار حفيظة المزارعين في إقليم البنجاب وجعلهم يساهمون في المظاهرات والاحتجاج بشكل كبير.

ويقول الأمين العام لنقابة المزارعين في إقليم البنجاب محمد ياسين لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة وعدتنا مرارا بأن تقبل مطالبنا خاصة فيما يتعلق بأسعار القمح، وأسعار الكهرباء، ولكن كلما نعود إلى المنازل وتهدأ المظاهرات والاحتجاجات ترمي الحكومة مطالبنا وراء ظهرها، ونحن لن نتنازل هذه المرة، والحكومة إذا حاولت تهميشنا وخالفت وعودها سنعود بكل قوة إلى العاصمة ونغلقها تماما".

لكن رئيس وزراء حكومة إقليم البنجاب شودري برويز إلهي (الحكومة الإقليمية يقودها حزب عمران خان رئيس الوزراء السابق) قال في بيان في الـ29 من الشهر الماضي، إن قضية أسعار القمح، خارجة عن وسع الحكومة المحلية، وحمّل المسؤولية للحكومة المركزية، متهما إياها بأنها لا تتعاون مع الحكومة المحلية، وبالتالي لا يمكنها أن ترفع أسعار القمع للمزارعين بخلاف إقليم السند، لكنه وعد بالعمل لحل القضية، وتشكيل لجنة تدرس القضية وتبحث لها عن حلول مناسبة.

الفيضانات تزيد معاناة المزارعين في باكستان

ليست مشكلات المزارعين في باكستان وليدة اليوم بل هي مرتبطة بالوضع المعيشي الهش الآخذ في التردي، والناجم عن كثرة الديون وتدهور قيمة العملة، لكن ثمة أسباب ضاعفت معاناة المزارعين أكثر، ومنها الفيضانات الجارفة التي اجتاحت ثلث البلاد ودمرت أراضي زراعية شاسعة.

وقالت وزيرة التغير المناخي شيري رحمان في سبتمبر/أيلول الفائت، إن الفيضانات جرفت 45% من الأراضي الزراعية، لا سيما في السند، وتسببت في أضرار بنحو 10 مليارات دولار بشكل عام.

وتضررت بشكل كبير جراء الفيضانات محاصيل الأرز والقطن، إلى جانب الخضار مثل البصل والطماطم، بالإضافة إلى بعض محاصيل الفواكه، علاوة على زراعة القمح.

المساهمون