الفساد يدفع توقعات اللبنانيين الاقتصادية نحو التشاؤم... والأداء العام يتراجع

22 فبراير 2019
حراك في الشارع ضد سياسات السلطة في لبنان (Getty)
+ الخط -

نالت الحكومة اللبنانية ثقة مجلس النواب في الخامس عشر من فبراير/ شباط الجاري، بعد تأخير دام 9 شهور تقريباً بسبب المناكفات السياسية، لكن يبدو أن التشاؤم قد بدأ يسيطر على توقعات غالبية اللبنانيين لمستقبل البلاد الاقتصادي بسبب الفساد المستحكم في إدارات الدولة، بدليل ما أظهرته دراسة صادرة اليوم في بيروت عن "المركز اللبناني للدراسات" LCPS.

تخلص دراسة المركز إلى أن الغالبية العظمى من اللبنانيين تعتقد أن البلاد تسير في "الاتجاه الخطأ"، وسط شعور جماعي بالتشاؤم يعمّ المواطنين حول مجموعة من القضايا، تتعلق في المقام الأول بحالة الاقتصاد المتدهور والبنية التحتية المهترئة، والفساد المستشري في مختلف مفاصل الدولة.

المسح الذي استندت إليه الدراسة، يظهر أن القضايا الاقتصادية تشغل بال 36% من العيّنة المستطلعة، بينما يركز 33% من اللبنانيين على تدهور أوضاع البنية التحتية، من مياه وكهرباء واتصالات وطرق وغيرها.

أما "الفساد" فقد ركزت عليه 16% من المستطلعين، علماً أن اختيار كلمة الفساد هنا لا يلحظ الفساد بمعناه الأشمل، الذي يصيب أساساً مشاريع البنى التحتية والاستثمارات العامة، وإلا لكانت النسبة أكبر بكثير مع لحاظ الفساد على نطاق واسع.


وقد سيطر شعار "مكافحة الفساد" على مناقشات البيان الوزاري (برنامج الحكومة المالي والاقتصادي) خلال جلسة الثقة في مجلس النواب، كما تتناوله كل الأطراف اللبنانية، ومع ذلك فإن الفاسدين لا يزالون مجهولين، ولا يشهد البلد أي محاكمات لمنخرطين في أي صفقات مشبوهة حتى الآن.

نتائج استطلاع "المركز اللبناني للدراسات" - فبراير 2019 

أما الشؤون الأمنية والسياسية، فهي تشكل هاجساً بالنسبة لـ7% فقط من المشمولين بدراسة "المركز اللبناني"، وتبدو النتيجة عادية ومتوقعة بلحاظ الاستقرار الأمني الذي ينعم به لبنان منذ بضعة أعوام، والهدوء السياسي النسبي الهشّ الذي أعقب منح الحكومة الثقة.

السير في الاتجاه "الخطأ"


ويعتقد 95% من جميع اللبنانيين المستطلعين، أن البلد يسير حالياً في "الاتجاه الخطأ"، مقابل 5% فقط منهم يعتقدون العكس.

في السياق، يعرض المركز 6 مؤشرات فرعية، يرصد من خلالها مدى التحسّن أو التراجع، منذ الانتخابات النيابية التي حصلت في 6 مايو/ أيار 2018، استناداً إلى استطلاع كان أجراه "المعهد الجمهوري الدولي" IRI، وهو عبارة عن منظمة أسّستها الحكومة الأميركية عام 1983، وتتولى إدارة برامج سياسية دولية، تحمل في بعض الأحيان اسم "برامج الدمقرطة".

المؤشر الأول يتعلق بالاقتصاد اللبناني ككل، إذ يعتقد 80% تقريباً أن وضعه تراجع، مقابل 18% يرونه مستقراً، و2% يعتقدون أنه تحسّن.

والمؤشر الثاني يرتبط بالوضع المالي الشخصي للمستطلعين، ويتبيّن أن وضع 60% منهم شهد تراجعاً، حسبما قالوا، بينما استقرت أوضاع 37%، وتحسّنت أحوال 3%.

أما المؤشر الثالث، فيرتبط بسمعة لبنان الخارجية، فيرى 55% أن سمعة البلد في الأروقة الدولية ازدادت سوءاً، مقابل 35% يرونها مستقرة، و10% يعتقدون أن سمعته تحسّنت.

آراء اللبنانيين استناداً لاستطلاع "المعهد الجمهوري الدولي" - فبراير 2019 

نوعية الحياة بالإجمال هي المؤشر الرابع، ويعتقد 55% أنها أصبحت أسوأ، بينما يعتقد 40% أنه استقر، ويرى 5% أنها سارت نحو الأفضل.

ويرصد المؤشر الرابع العلاقة بين الطوائف الدينية، ويعتقد 45% أنها تردّت أكثر، بينما ترى نسبة مماثلة أنها استقرت، في حين أجاب 10% بأن هذه العلاقة تحسنت.

أما المؤشر السادس والأخير فيدرس الوضع الأمني في لبنان، ويخلص إلى أن 38% يعتقدون أن هذا الوضع قد أصبح أسوأ، بينما يرى 42% أنه مستقر، و20% أنه أصبح أفضل من السابق. 

تراجع مؤشر الحركة الاقتصادية

ولا تنطلق آراء اللبنانيين عبثاً، بل استناداً إلى الواقع الذي يكابدونه يومياً منذ سنوات. وفي السياق، أظهرت بيانات اليوم في بيروت، تراجع مؤشّر الحركة الاقتصادية Coincident Indicator بنسبة 4.99% إلى 300.7 خلال الشهر الأخير من عام 2018، نزولاً من 316.5 في الشهر الذي سبقه.

كما انخفض المؤشر 5.38% على أساسٍ سنويّ، من 317.8 في ديسمبر/ كانون الأول 2017.

بالتوازي، أورد التقرير الأسبوعي الصادر عن "بنك الاعتماد اللبناني" عصر اليوم الجمعة، أن متوسط النموّ الشهري لمؤشر الحركة الاقتصادية في لبنان كان سلبياً عند مستوى 0.40% في عام 2018، مقارنةً بمتوسط نموّ بلغ 0.77% عام 2017، ما يعكس بعض التراجُع في النشاط الاقتصادي في البلاد.

يُشار إلى أن مؤشر الحركة الاقتصادية الصادر عن مصرف لبنان (المركزي)، يتضمن سلّة من المؤشرات، وهي استيراد المشتقات النفطية، وإنتاج الكهرباء وحركة مقاصّة الشيكات، وتسليمات الإسمنت، وحركة المسافرين الأجانب، وحركة التجارة الخارجية والكتلة النقدية "M3"، لقياس النشاط الاقتصادي الكلي.