باتت العواصف الرملية التي يشهدها العراق بشكل متكرر خلال الشهور الأخيرة سببا في إضافة خسائر اقتصادية باهظة للبلاد، خاصة على قطاع الزراعة الذي يعاني من مشاكل كبيرة متعلقة بشح المياه واتساع رقعة الآفات الزراعية.
وكشف رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في العراق حسن التميمي عن أن العواصف الترابية التي تعرض لها العراق على مدى أكثر من مائة يوم ماضية، تُعد مشكلة أخرى لقطاع الزراعة وتؤدي لدمار الكثير في المحاصيل والنباتات.
وقال التميمي في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن المشاريع الزراعة الصيفية في العراق تضررت بشكل كبير بسبب العواصف الترابية، فضلا عن مساهمة هذه العواصف في اقتلاع الكثير من النباتات.
وأضاف أن تأثير العواصف لم يقتصر على النباتات فحسب، إنما أثر بشكل سلبي على صحة المواشي ومناطق الرعي، فضلاً عن إعاقتها عمليات زرع البذور والحصاد والرعاية المقدمة للحقول الزراعية، مبيناً أن الفلاحين يواجهون صعوبات كبيرة في رعاية حقولهم خلال فترة العواصف.
وطالب التميمي الحكومة بالعمل على إيجاد الحلول بشكل سريع وخطوات جادة لمعالجة هذه الأزمة التي أدت إلى تدهور إنتاج القطاع الزراعي.
وكشف أيضا أنهم حذروا الحكومة ووزارة الزراعة منذ سنوات من تجريف البساتين والمناطق الخضراء، وطالبوا بتجريم من يقتلع الأحزمة الزراعية، لكن الفوضى وضعف القانون أديا إلى إزالة معظم هذه المساحات وإلى تمادي المتنفذين.
وطالب التميمي السلطات التنفيذية والتشريعية في العراق بإعادة المناطق الخضراء وحمايتها وتشريع قوانين تحافظ على الزراعة والأحزمة الخضراء لإعادة الحياة إليها والحد من تدفق العواصف الترابية إلى البلاد.
وقدّر مسؤول بوزارة التخطيط العراقية خسائر البلاد جراء العواصف الترابية بنحو 10 مليارات دينار (نحو 7 ملايين دولار أميركي)، أغلبها على القطاع الزراعي بما فيه الدواجن والمواشي، فضلا عن قطاع النقل والتجارة والصناعة، وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "هذا التقدير هو أولي أو تخميني، عدا عن إغلاقات المطارات وإلغاء الرحلات، فهناك تلف وتضرر في الأملاك العامة والخاصة، ولا يوجد شيء مؤكد بشأن ما إذا كانت الحكومة ستعوض المتضررين أم لا".
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أوضح المزارع من محافظة بابل إبراهيم صياد أن الفلاحين بذلوا جهوداً كبيرة لزراعة محاصيل هذا الموسم، فضلاً عن المبالغ الطائلة التي خسروها في شراء البذور والأسمدة وتكاليف الزراعة بعيداً عن أي دعم حكومي مقدم لهم من قبل الدولة.
وبيّن صياد أن الأتربة التي تتركها العواصف تقتل النباتات وخاصة المحاصيل الموسمية الصيفية والفواكه، وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض والحشرات، كما تؤثر على الثمار الجديدة، وأكثر الخُضر تضرراً منها هي الطماطم والخيار والبطيخ والباميا والباذنجان، ما سيزيد من حالة تدهور الزراعة وتوقف الإنتاج الزراعي لهذه المحاصيل، ما يضطر البلد مجدداً إلى استيرادها من دول الجوار.
ومن جهة أخرى، قال المزارع من محافظة ديالى ربيع عيادة إن ارتفاع الجفاف بسبب قلة الأمطار وقطع إيران الأنهار القادمة من أراضيها، تسبب في مشاكل كبيرة للزراعة، وتفاقمت المعاناة بسبب العواصف الترابية المتكررة التي تشهدها البلاد.
وانتقد عيادة خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، الحكومة لعدم إيجاد حلول حقيقية لمعالجة أزمة المياه ووضع خطط مواجهة الأزمة المائية والزراعية التي تشهدها جميع المناطق في العراق، فضلاً عن تجاهلها معاناة الفلاح، وعدم تقديم الدعم المناسب له من بذور وأسمدة ووقود ومبيدات.
كان دعم الدولة للقطاع الزراعي في العقود السابقة كبيراً ويتمثل في توفير البذور والأسمدة والوقود ومكائن الحرث، ما تسبب في نمو القطاع ليصل البلد حينها إلى مرحلة الاكتفاء والتصدير، إلا أن العقدين الأخيرين شهدا انهياراً تاماً لهذا القطاع بسبب رفع الدعم وغياب التخطيط.
وكشف المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف عن أن الدولة ألغت بشكل كامل الدعم الزراعي، ما تسبب في تراكم المشاكل التي تعوق تطور هذا القطاع الإنتاجي المهم على الرغم من أن هوية البلد هي هوية زراعية.
وأوضح النايف، في حديثٍ لوسائل الإعلام، أن هناك معوقات أخرى تواجه الزراعة العراقية، منها معوقات طبيعية تتمثل بالجفاف وقلة الأمطار والعواصف والأتربة، وأخرى تتمثل بتمسك العراق باستخدام تقنيات الري الكلاسيكية القديمة.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي صلاح العبيدي أن العواصف الترابية أدت إلى اتساع نسبة التصحر. وأوضح العبيدي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن انخفاض المساحات المزروعة له تأثير مباشر على الأمن الغذائي العراقي، الذي سيكون مضطرا إلى زيادة الاستيراد وخسارة ملايين الدولارات، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى البطالة.
وبين العبيدي أنه على الرغم من عدم وجود تقديرات رسمية عن الخسائر، إلا أن الواقع يكشف أنها أكبر من المعلن ومعرضة للزيادة مع مرور الوقت، كما شدد على أهمية تطوير منظومات الري والسقي وفق التقنيات الحديثة للحفاظ على المياه وتقليل نسبة الهدر.