العملات المشفرة تغذي تجارة الظل والأسلحة الروسية

02 ابريل 2024
روسيا تلجأ بصورة متزايدة إلى آليات دفع بديلة للتحايل على العقوبات (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، استخدمت روسيا منصات العملات المشفرة، خصوصًا "تيثر"، لتسهيل الصفقات التجارية والتسليحية، متجاوزة العقوبات الغربية.
- الحكومة الأمريكية تسعى لتمرير تشريعات تحظر التعاملات بالعملات المشفرة المقومة بالدولار لقطع الطريق على روسيا في استخدام هذه الأدوات للالتفاف على العقوبات.
- "تيثر" تعزز من قدرة روسيا على مواصلة عملياتها رغم العقوبات، ورغم الضغوط الدولية، تعلن الشركة المصدرة لـ"تيثر" عن بدء سياسة لتجميد المحافظ الرقمية المرتبطة بالكيانات الخاضعة للعقوبات.

تحولت منصات العملات المشفرة ولا سيما "تيثر" إلى أدوات لتمرير صفقات تجارية وتسليحية لروسيا بعيداً عن شباك العقوبات الغربية الواسعة على موسكو في أعقاب غزوها أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.

ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أمس الاثنين، تحقيقاً مطولاً تناولت فيه كيف غذت العملات المشفرة تجارة الظل الروسية من أجل شراء ما يعرف بـ"السلع ذات الاستخدام المزدوج" التي تدخل في صناعة الطائرات من دون طيار والمعدات عالية التقنية.

وأشارت الصحيفة إلى أن عملة "تيثر" المشفرة أصبحت عنصراً لا غنى عنه في تعاملات الظل الروسية، إذ تساعد الشركات ووسطاء التجارة في روسيا في الالتفاف حول العقوبات الغربية، حيث يقوم المستوردون بتحويلات بالروبل إلى حسابات مصرفية روسية يديرها وسطاء، يحولون بدورهم الروبل إلى عملة "تيثر" من أجل سداد قيمة الشحنات للموردين في أماكن مثل الصين والشرق الأوسط.

تضغط وزارة الخزانة الأميركية على الكونغرس لتمرير تشريع يمنحها القدرة على حظر التعاملات بالعملات المشفرة المقومة بالدولار

وتضغط وزارة الخزانة الأميركية على الكونغرس لتمرير تشريع يمنحها القدرة على حظر التعاملات بالعملات المشفرة المقومة بالدولار مثل "تيثر".

وفي الأسبوع الماضي، أدرجت الوزارة في قائمتها السوداء شركة في موسكو دخلت في شراكة مع بنك روسي خاضع للعقوبات، لتقديم مدفوعات تعتمد على عملة "تيثر".

وقال بريان نيلسون وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في بيان "تتجه روسيا بصورة متزايدة إلى آليات دفع بديلة للتحايل على العقوبات الأميركية ومواصلة تمويل حربها ضد أوكرانيا".

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

ووفق الصحيفة الأميركية فإن أحد المهربين على حدّ وصفها ويدعى أندريه زفيريف لجأ إلى عملة "تيثر" لتمرير صفقة في هونغ كونغ أواخر عام 2022 لمصلحة شركة كلاشينكوف، أكبر شركة مصنعة للأسلحة الصغيرة في روسيا، حيث كانت في حاجة إلى قطع كهربائية للطائرات بدون طيار، وذلك في وقت كانت الولايات المتحدة تحاول وقف مثل هذه الصفقات، كما أن البنوك الصينية كانت تتجنب المدفوعات من روسيا خشية العقوبات الأميركية.

وبحسب "وول ستريت جورنال" فإن زفيريف استخدم "تيثر" لنقل ملايين الدولارات من أموال كلاشينكوف إلى مورده في هونغ كونغ.

وبعد عدة أشهر عرض الرجل على مجموعة من الروس الخدمة نفسها، وكتب في محادثة على تطبيق تيليغرام أن "الدفع بالعملات المشفرة كان مثالياً بالتأكيد".

واستندت الصحيفة في تحقيقها عن دور "تيثر" في التجارة الروسية إلى مقابلات مع أشخاص مشاركين مباشرة، إلى جانب آلاف الرسائل على تطبيق الدردشة "تيليغرام" التي يتبادلها الوسطاء والمستوردون.

وأشارت إلى أنها تحققت من التفاصيل الواردة في حساب زفيريف من خلال مقابلات مع شركائه وسجلات الاستيراد والضرائب الروسية، إذ أظهرت السجلات سلسلة توريد للإلكترونيات تربط بين مورد زفيريف في هونغ كونغ، شركة "كينيكس سيميكونداكتور"، والشركة الرئيسة التابعة لشركة "كلاشينكوف".

"تيثر" العملة المشفرة الأكثر تداولاً، إذ يجري تداول نحو 120 مليار دولار منها يومياً، ويعادل هذا التداول ضعف "بيتكوين" الأشهر عالمياً

ووفق التحقيق فإن "تيثر" تعد العملة المشفرة الأكثر تداولاً، إذ يجري تداول ما يصل إلى 120 مليار دولار منها يومياً، وغالباً ما يعادل هذا التداول ضعف عملة "بيتكوين" الأشهر عالمياً.

وفي ما يتعلق بآلة الحرب التي يقودها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أصبحت هذه الأداة لا غنى عنها، فهي تساعد الشركات الروسية على الالتفاف حول العقوبات الغربية. ولم ترد شركة "Tether Holdings" المصدرة لعملة تيثر والمسجلة في جزر فيرجن البريطانية على أسئلة تتعلق باستخدام العملة في الصفقات الروسية، كما لم تعلق شركة كلاشنكوف الروسية، وفق "وول ستريت جورنال".

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قالت الشركة المُصدرة لعملة "تيثر" إنها بدأت سياسة طوعية لتجميد المحافظ الرقمية المستخدمة لنقل الرموز الخاصة بها، المرتبطة بالكيانات الخاضعة للعقوبات.

وأخبرت "تيثر" لاحقاً أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في رسالة أن لديها "تفانياً لا يتزعزع للإسهام إيجابياً في النظام البيئي المالي العالمي".

وكانت دراسة بعنوان "لماذا لم تؤت العقوبات أكلها؟" أجراها مركز التحليل المالي التابع لأكبر مصرف روسي "سبيربنك" (حكومي) قد خرجت بنتيجة مفادها أنه بعد مرور عامين على فرض عقوبات غربية صارمة على روسيا يمكن الإقرار بأنها لم تأت بالمفعول الذي تم التخطيط له.

وأرجع معدو التقرير الذي أوردت صحيفة "إر بي كا" الروسية نتائجه في فبراير/ شباط الماضي، ضعف فاعلية العقوبات في الدرجة الأولى إلى عوامل مثل تدني تبعية الاقتصاد الروسي لرؤوس الأموال الخارجية، وأهمية المواد الخام الروسية للعالم والتي تواصل الدول الغربية نفسها شراءها ولو بكميات أقل، وتنظيم الصناعة الداخلية بهدف استبدال الواردات.

المساهمون