"تفيد بإيه يا ندم يا ندم يا ندم... وتعمل إيه يا عتاب"، كلمات غنّتها سيدة الغناء العربي أم كلثوم في رائعة "فات الميعاد"، عام 1967، وهي أغنية من تأليف مرسي جميل عزيز، وتلحين بليغ حمدي.
هذا المقطع من الأغنية قفز إلى ذهني وأنا أتابع السقوط المدوي للعملات الرقمية وتبخر أموال المستثمرين، وأستمع لخطاب الاعتذار الذي ألقاه الملياردير السابق ومؤسس بورصة FTX المنهارة لتداول العملات المشفرة، سام بانكمان فرايد، لموظفيه، أمس الثلاثاء، ويعتذر فيه عن ضياع 51 مليار دولار من أموال المستثمرين في تلك العملات، ومنها بيتكوين وغيرها.
مؤسس بورصة FTX المنهارة لتداول العملات المشفرة يعتذر عن ضياع 51 مليار دولار من أموال المستثمرين في تلك العملات، ومنها بيتكوين
يقول فرايد في أسى عقب ضياع مليارات الدولارات المملوكة لحائزي العملات المشفرة، وإفلاس منصته ومنصات أخرى وتحركات لمحاكمته: "أنا نادم على ما حدث لكم جميعًا.. لم أقصد أن يحدث أي من ذلك.. يمكنني أن أضحي بأي شيء للعودة إلى الوراء وعمل الأمور بشكل مختلف".
حاول بانكمان فرايد تبرير إفلاس المنصة الأولى للعملات المشفرة في العالم، حيث أكد أن انهيارًا في الأصول الرقمية خلال الربيع الماضي خفض حجم الضمانات التي تمتلكها منصته FTX إلى 30 مليار دولار من 60 مليار دولار، كما تسببت أزمة السيولة والموجة البيعية للعملات المشفرة وهروب المستثمرين في الهبوط بحجم الضمانات إلى 9 مليارات دولار، قبل إعلانها الإفلاس في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
سام بانكمان فرايد، 30 عامًا، كان من أبرز المتضررين من تهاوي العملات الرقمية، حيث تهاوت ثروته إلى أقل من المليار دولار بعد انهيار المنصة التي أسسها، وهذا يعني خسارته 25 مليار دولار من أمواله في غضون أسابيع، حيث بلغت ثروته 26 مليار دولار قبل عام، وفقًا لتقديرات "فوربس".
وكان الرجل يتباهى قبل شهور بالسيولة الضخمة المتوافرة لديه، والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات وتؤهله لشراء مؤسسات مالية كبرى، منها "جي بي مورغان"، أكبر بنك استثماري في العالم. أما الآن فهو معرض للمحاكمة عقب إفلاس شركته وتصاعد الحديث عن عمليات احتيال جرت داخل منصة FTX.
سام بانكمان فرايد، أبرز المتضررين من تهاوي العملات الرقمية، حيث خسر 25 مليار دولار من أمواله في غضون أسابيع
سبق خطاب اعتذار مؤسس بورصة FTX المنهارة لتداول العملات المشفرة، تصريح صادم صادر عن المستشار الإداري الجديد لمنصة FTX، جيمس بروملي، قال فيه لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن الشركة كانت تحت سيطرة "أفراد غير متمرسين ولا يتمتعون بالخبرة" مثل بانكمان فرايد، الذي أدار الشركة التي تبلغ قيمتها 40 مليار دولار مثل "إقطاعية شخصية".
هذه إدانة مباشرة للمستثمرين الذين تدافعوا للاستثمار في العملات الرقمية، طمعا في حصد ثروات سريعة دون السؤال عن ضمانات المنصات التي يستثمرون فيها والخبرة التي تمتع بها إدارة مثل هذه الشركات. كما أنها إدانة للذين روجوا لمثل هذه المنصات بمن فيهم كبار نجوم الفن والرياضة والسياسة.
قبل الانهيار، كانت هناك محاولات لإنقاذ "إف تي إكس" من قبل شركة "بينانس"، وهي أكبر بورصة للعملات المشفرة، لكن بينانس تراجعت عن صفقةِ إنقاذ منافستها الأصغر "إف تي إكس"، فاهتزَّ سوق العملات المشفرة وتكبد خسائر فادحة.
وفقدت عملة FTX الرقمية 88% من قيمتها، وهي خسارة أدت إلى زيادة عمليات الانسحاب من الاستثمار فيها بقيمة 6 مليارات دولار في غضون أيامٍ فقط، وهو ما مهد لانهيارها وإعلان الإفلاس.
سوق العملات الرقمية تعرّض أيضا لضغوط بيع متجددة، يوم الثلاثاء، بعد أن أشار بنك جينيسيس الاستثماري الذي يركز على العملة الرقمية إلى خطر إفلاس محتمل بسبب تعرّضه لبورصة "اف تي اكس" المفلسة مؤخرًا.
السقوط المدوي وتحول قيمة بعض أسعار العملات الرقمية للصفر يطارد العملات الرقمية من جديد
السقوط المدوي وتحول قيمة بعض أسعار العملات الرقمية للصفر يطارد العملات الرقمية من جديد، فهل تنجو تلك العملات مع محاولات كبار المستثمرين تعويمها لإنقاذ أموالهم، وقبلها سمعتها، أم تختفي للأبد ليتذكرها العالم وأسواقه ومستثمروه كلما تعرض لأزمة مالية حادة أو عملية احتيال واسعة النطاق؟