العمالة في بريطانيا: أسوأ نقص يطاول السوق منذ 24 عاماً

09 يوليو 2021
نقص الوظائف يطاول العديد من القطاعات (روب بينيه/ Getty)
+ الخط -

يكافح أصحاب العمل في بريطانيا أمام أسوأ نقص في عدد الموظفين منذ أواخر العام 1990، وسط اندفاع لإعادة فتح السوق الذي يعاني من انخفاض حاد في العاملين غير البريطانيين بسبب انتشار كورونا وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

وبدأ دق ناقوس الخطر بشأن التحديات التي يتعرض لها الانتعاش الاقتصادي بسبب النقص الحاد في العمالة، وقال اتحاد التوظيف والعمالة وشركة المحاسبة البريطانية "كيه بي أم جي" إن عدد العمال المتاحين انخفض في يونيو/ حزيران بأسرع معدل منذ عام 1997، وفق "الغارديان"، إذ أبلغت شركات التوظيف عن تحديات تواجهها عبر العديد من قطاعات الاقتصاد، يقودها النقص في العمالة في مجالات مثل النقل والخدمات اللوجستية، والضيافة، والتصنيع، والبناء.

بالإضافة إلى مشكلة تعيين الطهاة وعمال النظافة وموظفي المستودعات المسجلة في الأشهر السابقة، امتدت المشكلة إلى القطاعات ذات الأجور الأعلى مثل التمويل، وتكنولوجيا المعلومات، والمحاسبة، والهندسة. يؤدي الاندفاع إلى إعادة فتح الأسواق في 19 يوليو/ تموز إلى تعقيدات إضافية، حيث يسافر عدد أقل من عمال الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا بسبب ضوابط الحدود وقواعد الهجرة الحكومية، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ووفقاً لمسح اتحاد التوظيف لأكثر من 400 شركة توظيف، أدى الارتفاع الحاد في الطلب على التوظيف إلى انخفاض غير مسبوق في توافر المرشحين في يونيو/ حزيران. لاحظ موظفو التوظيف أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وعدم اليقين المرتبط بالوباء، ومخططات الإجازة، كلها عوامل تؤثر على عدد الباحثين عن العمل المتاحين، وفق "الغارديان".

تُظهر الأرقام الرسمية أن حوالي 1.5 مليون عامل لا يزالون في حالة إجازة بسبب القيود الوبائية التي لا تزال تحد من العودة الكاملة إلى العمل، بعد أن أرجأت الحكومة موعد انتهاء معظم القيود الوبائية إلى 19 يوليو، وأدى متغير دلتا إلى زيادة الإصابات. في إشارة إلى الضغط المتزايد على الشركات، أظهرت استطلاعات من غرف التجارة البريطانية نُشرت الخميس أن 70 في المائة ممن حاولوا تعيين موظفين حتى يونيو / حزيران واجهوا صعوبات.

وفقاً للاستطلاع الذي شمل 5700 شركة، قال 52 في المائة إنهم حاولوا تعيين موظفين، فيما القطاعات التي واجهت أكبر مشاكل في توظيف العمال هي البناء، والفنادق، والمطاعم، والتصنيع. ويقدر أن 1.3 مليون عامل غير بريطاني قد غادروا البلاد خلال الوباء.

وقال قادة الأعمال إن تخفيف قواعد الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن يساعد في معالجة النقص، لكنهم دعوا أيضاً إلى مزيد من الاستثمار في المهارات والتدريب من الحكومة لزيادة أعداد العمال المحليين.

يمكن أن يؤدي النقص المستمر في العمالة إلى قيام أرباب العمل برفع الأجور، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى ارتفاع معدلات التضخم. وتسمح المملكة المتحدة لسائقي الشاحنات بالعمل لساعات أطول، في محاولة لحل النقص الحاد في الموظفين الذي يعطل عمليات التسليم، ويهدد برفع أسعار المستهلكين، وفقاً لـ"فايننشال تايمز".

إذ إن النقل هو أحد القطاعات العديدة التي تفاقم فيها نقص العمالة الناشئ بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث أصبح المشغلون غير قادرين الآن على التوظيف من الاتحاد الأوروبي، ليحلوا محل السائقين الذين عادوا إلى بلدانهم الأصلية خلال الوباء. ومع ذلك، قاومت وزارة الداخلية حتى الآن ضغوط الصناعة للسماح بالتأشيرات المؤقتة للسائقين من الخارج.

وقال جرانت شابس، وزير النقل، إن التخفيف المؤقت للقواعد المتعلقة بساعات السائقين سيبدأ سريانه اعتباراً من يوم الاثنين، مما يمنح السائقين والمشغلين "المرونة" للقيام برحلات أطول قليلاً.

فيما أكد ريتشارد بورنيت، الرئيس التنفيذي لجمعية النقل على الطرق البريطانية: "إن زيادة المزيد من الساعات على عمل السائقين المرهقين بالفعل ليس هو الحل، إنه ليس أكثر من ترقيع". وقالت النقابة العمالية "اتحدوا" إن السائقين الذين طلب منهم العمل لساعات أطول يمكن أن يتركوا الصناعة، مضيفة أن الحكومة "فشلت حتى الآن في اتخاذ أي إجراء لتشجيع الوافدين الجدد".

بدوره، شرح صاحب شركة العقارات "هورسيرف" البريطاني ريتشارد هاربين لموقع "بي بي سي" أن النقص في العمال المهرة قد تطور مع مغادرة المهاجرين من الاتحاد الأوروبي المملكة المتحدة، وزيادة الطلب على تحسين المنازل.

وقال إن 80 في المائة من مالكي المنازل سيحسنون منازلهم هذا العام، لكن لا يمكنهم فعل ذلك إلا إذا كان لدينا عدد كافٍ من العمال لإجراء تلك التحسينات على المنزل". بدوره، لفت موقع "يوريبورتر" البلجيكي إلى أن صناعة الضيافة أيضاً في مأزق، حيث إنها تعتمد أيضاً على القوى العاملة القادمة بشكل خاص من أوروبا الشرقية والدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي.

وتواجه الفنادق والمطاعم الآن إمكانية أنه بمجرد رفع قيود كورونا بالكامل، لن يكون هناك موظفون متبقون للعناية بالزبائن. وقال العديد ممن غادروا المملكة المتحدة إن ظروف العمل غير المواتية تؤثر بشدة في قرارهم بالعودة إلى ديارهم.

حتى أن البعض ذكر ظروف السفر المرهقة، بما في ذلك فترات الانتظار الطويلة في المطارات بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما أكد البعض أنه على الرغم من ظروف العمل القاسية، فإنهم ما زالوا يفضلون المملكة المتحدة على بلدانهم الأصلية.

المساهمون