ليست الأسواق كعادتها في كل عام، فعلى الرغم من زخم المارة في شوارعها، إلا أنها في العراق تشهد حالة من الركود الملحوظ وقلة التبضع مع حلول عيد الفطر.
والأسباب في ذلك متعددة، منها ارتفاع أسعار المواد والسلع، والانخفاض الكبير في القدرة الشرائية لدى الموظفين وأصحاب الأجر اليومي والدخل المحدود.
ويمثل هذا العيد تحدياً جديداً أمام الطبقة الفقيرة ومحدودي الدخل، بسبب عدم إقرار قانون الموازنة بعد مرور الثلث الأول من العام الحالي 2023، فضلاً عن عدم ثبات الأسعار واستقرار سعر الدولار في السوق الموازي.
غلاء الأسعار
استطلعت "العربي الجديد" آراء عدد من المواطنين في أحد أسواق العاصمة بغداد، حيث اشتكوا من استمرار غلاء أسعار الملابس وكعك العيد والمواد الغذائية على الرغم من إعلان الحكومة العراقية خفض سعر صرف الدولار في محاولة لمعالجة حالة ارتفاع أسعار السلع والمواد التي تشهدها الأسواق.
وحمّل المواطن ناظم كامل التجار مسؤولية الارتفاع في الأسعار، لأنهم استغلوا حاجة العائلات العراقية التي اعتادت على شراء المواد الغذائية والمُعجنات استعداداً لاستقبال أيام العيد.
وأوضح كامل أن سعر صرف الدولار مقابل الدينار انخفض نسبياً منذ نحو 3 أسابيع في السوق الموازي، إلا أن ارتفاع أسعار السلع والمواد ما زال ينهك جيوب العائلات العراقية وخاصة من الموظفين وأصحاب الدخل المحدود أو من لا يملكون مصادر دخل ثابتة.
وطالب كامل الجهات الحكومية والرقابية بضرورة التدخل السريع ووضع حد لما يعتبره "استغلال التجار" خلال فترة العيد، وهو ما يزيد العبء ويثقل كاهل المواطنين.
ومن جانبه، أضاف المواطن عاطف العزاوي أن أسعار لحوم الأغنام والأبقار والدواجن هي الأخرى تشهد ارتفاعا كبيرا، حيث تجاوز سعر كيلوغرام لحم الغنم 20 ألف دينار (نحو 14 دولارا)، في حين كان سعره في مطلع العام الجاري أقل من 16 ألفا، وهو ما يعني أن السعر ارتفع بواقع 3 إلى 4 دولارات للكيلوغرام الواحد.
وأكد العزاوي أن السوق أصبحت في حالة اضطراب مستمر، مع عدم وجود أي رقابة أو جهود حكومية تعمل على الحد من هذا الارتفاع الكبير في الأسعار، مبيناً أن هناك الكثير من التجار استغلوا هذه الأزمة بهدف التلاعب بمستويات الأسعار وتحقيق أكبر قدر من الأرباح على حساب المواطنين.
مشاكل التجار
يقول التجار إن ارتفاع الأسعار ليس بأيديهم، إذ يواجهون مشاكل كبيرة تتعلق بانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين، موضحين أن بضائعهم بقيت في المخازن بسبب قلة الإقبال على الشراء.
وقال بائع جملة في بغداد، يُدعى عامر جمعة، إن الأسواق ومحلات البيع الفرعية التي تبيع بالتجزئة تشتري مختلف السلع والبضائع بالجملة من المخازن والشركات الكبرى، وأغلب هذه الشركات تستورد البضائع من الخارج بأسعار الدولار الرسمية المدعومة من قبل البنك المركزي وعن طريق نافذة بيع العملة، وهي المسؤولة عن تحديد الأسعار في الأسواق، حيث يشتري صغار التجار بضائعهم من هذه الشركات التي ترفض تخفيض الأسعار.
وحمل جمعة شركات الاستيراد الكبرى في العراق مسؤولية ارتفاع الأسعار. وأضاف جمعة أن قيمة الدينار ارتفعت أخيراً مقابل الدولار، إلا أن هناك مواد تم شراؤها قبل هذا الارتفاع، وبالتالي فلا يمكننا بيعها بسعر أقل تجنباً للخسارة.
ويرى الخبير الاقتصادي كريم الحلو أن حالة الاضطراب وعدم الاستقرار المالي في السوق سببها الرئيس ارتفاع قيمة الدولار والمشاكل الفنية التي رافقت المنصة الإلكترونية المعنية ببيع الدولار، واحتكار الاستيراد بالسعر الرسمي من قبل الشركات المدعومة وحرمان صغار التجار والشركات الصغيرة من الحصول على الدولار بالسعر الرسمي.
وأضاف الحلو في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع الدولار في السوق الموازي أدى إلى حدوث عدم الاستقرار وارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والألبسة وغيرها من البضائع المستوردة.
وأشار الحلو إلى أن هناك أعدادا كبيرة من محدودي الدخل ومن هم دون مستوى خط الفقر يعانون من ارتفاع الأسعار قياساً بالمستوى المعيشي المتراجع، وانتقد نظام الرواتب في العراق، وعدّه من أكبر المشاكل التي يعاني منها الموظفون ومحدودو الدخل، حيث لا يتناسب سلم الرواتب المعمول به الآن مع مستويات الإنفاق والمعيشة للعائلة العراقية.