تسبب إعلان الهند حظر تصدير القمح في ارتفاع أسعاره وزيادة التحديات أمام الحكومة العراقية لتأمين القمح.
ويأتي ذلك وسط أزمة نقص حاد في الحبوب يشهدها العالم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي.
وعن تأثير مؤشرات ارتفاع أسعار النفط قالت الخبيرة في الشأن الاقتصادي، سلامة سميسم، إن حظر الهند تصدير القمح عالمياً عمل على تقليل حجم المعروض العالمي من كمية القمح في السوق، مما أدى إلى حصر الإنتاج في بلدان معينة غير قادرة على سد الحاجة الكلية للسوق العالمية، وتسبب بارتفاع أسعار القمح عالمياً أكثر مما هي مرتفعة الآن.
وأضافت سميسم في حديثها لـ"العربي الجديد" أن العراق بصفته بلداً مستهلكاً ومنكشفاً على العالم، فإن هيكلية الميزان التجاري فيه تحققت لمصلحة الاستيراد، لأنه يستورد معظم المنتجات الأساسية والكمالية.
وأوضحت أن العراق يُعد من البلدان النامية التي تتضرر بشكل مباشر من هذا الارتفاع في مستويات الأسعار، فيترتب على ذلك الخوف من الوصول لمرحلة المجاعة الحقيقية.
ولتجاوز مخاطر الوصول إلى المجاعة، أكدت أن العراق يمتلك فرصة حقيقية لتحقيق أمنه الغذائي من خلال استثمار الإيرادات النفطية، وانتهاز فرصة ارتفاع أسعار النفط في ملء المخازن الاستراتيجية للمواد الغذائية، وتلافي الوقوع في خطر حقيقي يهدد أمنه الغذائي.
الخزين الاستراتيجي
وفي وقتٍ سابق، حذر ديوان الرقابة المالية في العراق من أن الخزين الاستراتيجي للعراق من القمح في مخازن الشركة العامة لتجارة الحبوب لغاية نهاية شهر مارس/ آذار الماضي، بلغ 373 ألف طن، موزعة بواقع 269 ألف طن حنطة محلية، و104 آلاف طن حنطة مستوردة، وهذه الكمية لا تسد حاجة البلاد لشهر واحد، مما ينذر بحصول أزمة خانقة خلال الأيام المقبلة، إلا أن المتحدث باسم وزارة التجارة، محمد حنون، قلل من أهمية هذا التحذير، مبيناً أن وزارة التجارة لديها خطة واضحة في مواجهة هذا الانخفاض.
وأضاف حنون، في تصريحات صحافية أن ارتفاع الأسعار وقلة مخزون القمح في المخازن العالمية، تم تداركهما سريعا من خلال إجراءات فنية وإدارية، عبر استيراد 250 ألف طن من القمح من ألمانيا وأستراليا عبر شركات عالمية بعقود سريعة جدا وصلت خلال 30 يوما إلى مخازن البلاد، فضلا عن الموسم التسويقي الذي بدأ يحقق نجاحات استلام محاصيل القمح من المزارعين العراقيين.
أكد المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، أن العراق بحاجة إلى 4.5 ملايين طن من القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي
وكشف حنون عن خطة تنفذ من خلال القانون الطارئ للأمن الغذائي لشراء 5 ملايين طن من القمح، 3 ملايين طن منها حاجة البلاد الفعلية ومليونا طن للمخزون الاستراتيجي، بهدف مواجهة الظروف الغذائية الطارئة، مؤكدا أن وزارته قادرة على تأمين خططها الغذائية في حال استمرت المخصصات المالية لها.
الحاجة للاستيراد
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، أن العراق بحاجة إلى 4.5 ملايين طن من القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وأنتج 3.5 ملايين طن خلال سنة 2021 والتي كانت تعتبر سنة جفاف، إلا أن البلد حقق اكتفاءً ذاتيا سنتي 2019 و2020.
ووفق حديثه لـ"العربي الجديد"، فإن وزارة التجارة استوردت 150 ألف طن فقط، وإن إنتاج ثلاثة ملايين ونصف لا يكفي لسنة كاملة، وإنما سيحتاج البلد بشكل كبير للاستيراد، مما قد يؤثر على العراق خاصة بعدما أوقفت الهند تصدير إنتاجها من القمح، وانعكاس تقلبات الأسعار في السوق العالمية بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأوضح النايف أن العراق لا يستورد القمح من الهند، إنما يستورده من كندا والولايات المتحدة وأستراليا، إلا أن التأثير سيكون كبيراً بسبب تقلبات الأسعار وارتفاعها عالمياً.
وكشف النايف عن أن الحكومة قررت رفع أسعار تسويق القمح من المزارعين بنحو 500 دولار مقابل الطن الواحد، وهذا السعر أغلى مما هو عليه في السوق العالمية بالوقت الراهن.